| رسائل حب من المقبرة | |
|
+6همم تناطح السحاب المها قمم Him'ma براءة الهمم عهد الهمم 10 مشترك |
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الأربعاء أبريل 30, 2008 1:26 am | |
| بنات لاتلوموني على عدم انزالي للقصة كاملة ...
لا اجد ردود ...
واشكر كل من رد على هالموضوع ...
ان وجدت اقبال سانزل حلقه اخرى بعد يومين | |
|
| |
براءة الهمم عضو فعال
عدد الرسائل : 417 العمر : 32 المزاج : متغير رقم العضوية : 15 السٌّمعَة : 0 نقاط : 2 تاريخ التسجيل : 21/03/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة السبت مايو 03, 2008 2:19 am | |
| و أنا بكون متابعه للقصه الى ما تخلص عجبتني القصه وااااااااااايد كلها أكشن ورعب وكومدي
(طالعه بليغ بنظرة جانبية وتمتم بلهجة استخفاف: يظن نفسه شارلوك هولمز أو بوارو ليكتشف المجرم بدبوس أو بأنزيم حذاء!!)
لو كان أسمه مليغ أحسن خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الجمعة مايو 30, 2008 9:17 pm | |
| اعتذر عن سبب انقطاعي
كان بسبب الامتحانات ..
بس الحين خلاصنا | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الجمعة مايو 30, 2008 9:27 pm | |
| الحلقة السابعة
عدنـــــــــا
كنا قد علمنا أن العقيد زافي بدأ التحقيق في قضية موت سارة لكن تلك التحقيقات لم تثمر بجديد.. بل أكدت الشكوك التي كانت تشير إلى أن سارة ماتت منتحرة.. في حين كان لدى شلة تسنيم المحبة رأي آخر في أنها قد نفذت خطة كن قد اقترحنها عليها بحسن نية إلا أنها أودت بحياتها.. مما جعلهن يشعرن أنهن السبب في موتها وذلك ما أضاف إلى حزنهن حزنًا جديد مشوب بتأنيب الضمير فمصيبة كونهن سبب موت سارة أكبر من مصيبة فقدها بالنسبة لهن.. وبطبيعة الحال كانت ميار هي الأكثر تأثرا لقربها الشديد من سارة من جهة ولرقة مشاعرها من جهة أخرى ولذلك كانت تراودها الأفكار السلبية وتؤرقها الكوابيس حتى ازدادت حزنا وانعزالاً عن العالم.
المشهد الأول:
المشهد الأول في هذه الحلقة هو نفس المشهد الذي انتهت عليه الحلقة السابقة حيث كان الدكتور رضوان في مكتب العقيد زافي يتحدثان حول الأدوية التي وجدت في بيت سارة والتي حسب رأي رضوان ليس بينها دواء واحد يخص أمراض القلب.. لكنه إثناء تفحصه لعلبة الدواء الوحيدة التي كانت في غرفة سارة لاحظ شيئًا غريبًا لفت انتباهه فقال لزافي وعلبة الدواء في يده:
- هذه علبة مضاد حيوي لون أقراصه بيضاء لكن الأقراص الموجودة بداخلها برتقالية اللون!!
- تعني أن العلبة لا تحتوي على نفس الأقراص التي من المفترض أن تكون فيها؟
هز رضوان رأسه بالإيجاب وقال:
- إنها تحتوي على الأقراص التي ماتت بسببها سارة!!
اعتدل زافي في جلسته فاهتز المكتب لحركة جسمه الممتلئ وسأل وقد تملكته الدهشة:
- وماذا يعني هذا؟
- يعني أن أحد ما غير محتويات العلبة ووضع هذه الأقراص البرتقالية
راودت زافي الكثير من الاحتمالات فقال لرضوان:
- إذًا هذه علبة مضاد حيوي؟
- العلبة, نعم
- وما هي الآثار السمية لهذا المضاد الحيوي لو أن أحدا تناول جرعة زائدة منه؟
أسند رضوان ظهره على ظهر الكرسي وقال:
- صداع، غثيان، قيء في أسوأ الأحوال
قال زافي موجها حديثه لبليغ الذي مازال ينظر من النافذة:
- بماذا تفسر هذا يا بليغ؟
رد بليغ دون أن يفكر:
- ربما سارة من فعل ذلك حتى لا يشك أحد بما تنوي فعله.. أو ربما أحدا ما أعطاها العلبة على أنها مضاد حيوي وهي تحتوي على هذه الأقراص!
حك زافي لحيته وقال معبرًا عن فكرة راودته:
- هذا الاكتشاف يعطينا الكثير من الاحتمالات.. فلو فرضنا أن سارة كانت مصابة بالرشح وفكرت أن تتناول هذه الأقراص بقصد الاستشفاء و...
قاطعه رضوان الذي قرأ أفكاره بذكائه المميز: - تناول قرص واحد أو أثنين لا يسبب الموت أيها العقيد..
- وماذا لو أنها أخطأت بالجرعة؟ ضحك رضوان ثم قال ساخرًا:
- إنها راشدة يا عقيد وليست طفلة!
- إذا نستبعد أنها ابتلعت الأقراص بالخطأ يا دكتور!
هز رضوان رأسه موافقا ثم قال بعد أن تفحص بقية الأدوية والدهشة ترتسم على ملامح وجهه العجوز: - كل هذه الأدوية فارغة ولا تحتوي إلا على حبة واحدة أو اثنتين!
حدث زافي نفسه قائلا: هل هذه صدفة؟
رد رضوان على مكالمة ضج بها هاتفه المحمول:
- حسنا، اطلبوا له أشعة فوق صوتية على أوردة الرقبة حتى آتي..
أغلق هاتفه ودسه داخل جيبه ثم وقف ومد يده مصافحا زافي وخرج متوجها إلى عمله تاركًا زافي غارقا في بحر الحيرة.
المشهد الثاني:
الزمان: بعد الظهر المكان: مركز هيلثي فودز لبيع المواد الغذائية..
كان علاء جالسًا يرتب بعض البضاعة في المخزن.. لقد اختار.. أن يعمل في المخزن في الفترة الأخيرة متعمدًا حتى لا يختلط بأحد.. وينفرد بهمومه وحده.. وأثناء انهماكه في عمله تفاجأ بيد توضع على كتفه.. فاستدار وقد بدت عليه أمارات الدهشة.. ثم قال عندما وقعت عينه على من كان وراءه:
- هذا أنت يا عبد العزيز؟
- هل أفزعتك؟
- لم أتوقع أن أرى أحدًا..
- من توقعت؟ جني؟
ابتسم علاء.. وقال ساخرًا:
- الجني لا يفعل ما يفعله البشر..
ضحك عبد العزيز قائلاً بمرح:
- بني آدم أكثر إيذاء من الجن أليس كذلك؟
ازدادت ابتسامة علاء اتساعًا وهز رأسه موافقًا.. فقال عبد العزيز:
- معك حق فأنا لم أسمع عن جنيًا جرح مشاعر أحد.. أو قتل أحدًا..
ثم تعالى صوت ضحكاته في أرجاء المكان.. وقال بعد أن أفاق من نوبة ضحكاته:
- هل تشرب معي بعض الشاي؟
- لا بأس.. فأنا أشعر بالصداع..
جلسا في أحد أركان المخزن وهما يحتسيان الشاي.. فبادر عبد العزيز قائلاً ليخلق جوًا من الود:
- هل أنت مرتاح هنا؟
- ليس كثيرًا.. فساعات العمل طويلة والعمل متعب.. والرؤساء متسلطون..
- إذا كنت غير مرتاح فلماذا لا تبحث عن عمل آخر؟
رد علاء ساخرًا:
- يا صديقي لا تضحكني.. الأعمال لا توزع عند أشارات المرور.. مثل أوراق الإعلانات!
تذكر عبد العزيز معاناته في البحث عن عمل رغم أنه خريج كلية الآداب.. وسكت لفترة فسأله علاء:
- وماذا عنك؟
- الحمد لله.. كل مكان له سلبياته وإيجابياته..
- تعني أن هذا المكان له إيجابيات؟
- لم لا؟
- مثل ماذا؟
- مثلاً.. إننا نشتغل في مكان مغلق.. بعيدًا عن البرد والمطر في الشتاء.. وغيرنا يعمل في العراء.. فيتجمد من البرد ويتبلل بالمطر.. وفي الصيف نجلس في التكييف بعيدًا عن الحر والشمس وغيرنا يتعرض لضربة شمس.. وينصهر من شدة القيظ.
- أنت إيجابي أحسدك على تفاؤلك..
- ولماذا لا تكون إيجابيًا؟ ذلك ليس صعبًا..
- يعني من يعيش مثلما أعيش أنا يقدر أن يتفاءل؟
- أخبرني كيف تعيش وأخبرك كيف تتفاءل..
لم يشأ علاء أن يحكي تاريخ حياته المؤلم.. لكنه فكر بما استجد في حياته من أحداث.. ورنت جملة نجلاء في أذنه: "اسأل أي شيخ.. أي رجل دين سيقول لك إن علاقتنا خاطئة".. حدث نفسه أنه قد يكون أمام الشخص الذي تعنيه نجلاء، ثم قال وهو يتأمل عبد العزيز بهيئته المهندمة ووجه السمح الملامح:
- هل تفهم كثيرًا في الدين؟
- الدين؟
- نعم.. الإسلام يعني!!
ضحك عبد العزيز وقال:
- هل ستسألني في فتوى؟
- نعم..
- اسأل وإذا لم أعرف أسأل لك من يعرف..
تردد علاء ولم يعرف من أين يبدأ.. لكن عبد العزيز عرف ما بخلده بذكائه المميز وربط بين أحاديث الزملاء الجانبية وبين ارتباك علاء فقال:
- ستسأل عن علاقة الشباب بالبنات؟
تفاجأ علاء وازداد ارتباكه لكنه سأل بفضول:
- هل العلاقة خاطئة؟
- كأنك تسألني هل لحم الخنزير حرام!!
- تقصد أنها حرام؟ حتى لو كانت بريئة وأمام الناس ولم يحصل أن خرجت عن إطار الصداقة؟ هذا لا يقنعني..
- طالما أنك غير مقتنع ولن تتأثر برأيي فلماذا تسألني؟
- لأنها طلبت مني أن اسأل..
- هي أيضًا شاكة؟
- بل على العكس.. هي حسمت أمرها وقررت أن لا تراني وغيرت رقم هاتفها حتى لا أكلمها.. ورفضت مقابلتي..
ابتسم عبد العزيز وحدث نفسه قائلا: ما شاء الله عليها..(واسترسل يدعو لها) : اللهم ثبتها على الحق.. أخرجه من حديثه الخاص صوت علاء وهو يقول:
- أنت لا تختلف عنهم..
- من هم؟
- رجال الدين المتصلبين.. اللذين لا يعترفون بالعاطفة والمشاعر.. ألم يضع الله قلوبًا في صدورنا؟ (سكتت قليلاً ثم تابع وهو يشير إلى صدره) : أم ما هذا؟ حجر؟؟
رد عبد العزيز بهدوء يتمتع به:
- لا, ليس حجر.. بل قلب.. يحس ويشعر ويحب.. ولكن أليس الأولى بهذا الحب والعاطفة هو خالقه؟
- صحيح, لكن حب الله كرب يختلف عن الحب بيننا كبشر فالله جعل بيننا مودة ورحمة.. فكيف تكون المودة حرام؟
- أنت على حق.. لكن اسمعني حتى النهاية..
- تفضل..
- لقد أسكن الله أبانا آدم الجنة.. وأحل له كل ما فيها ما عدا شجرة واحدة.. وكذلك فعل معنا.. أسكننا الأرض وأحل لنا كل المتع التي فيها ما عدا القليل منها.. وأوصانا أن لا نخطأ خطأ أبوينا وقال لنا {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ} وهذه هي طريقة الشيطان معنا كما كانت طريقته مع أبوينا من قبل.. زين لهما الشجرة التي حرمها الله عليهما.. {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ}.. الشيطان يتدرج معنا فيقول لنا في البداية أن العلاقة بريئة وفي النور وليس فيها حرام.. و أن الله جعل لنا قلوب حتى نحب بعضنا..
- تعني أن الله لا يريدنا أن نحب؟
- بالعكس.. الله خلقنا كي نحب.. لكن نحب من؟ نحب الجنة الحلال وليس الشجرة الحرام.. فهو يقول عز وعلا {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} فإذا كان قد نهانا أن نواعد البنات بالزواج سرًا.. فكيف بدون وعد زواج؟
تنهد علاء وقد بدا عليه الهم فقال عبد العزيز:
- إذا كنت تحبها لهذه الدرجة فلماذا لا تتزوجها؟
- أتزوجها؟
- طبعًا, لم لا تحول العلاقة المشكوك في خطأها إلى الحلال الذي لا شك في صحته؟
- ذلك لا يصلح؟
قال عبد العزيز منفعلاً:
- إذاً فالبنت محقة أن تبتعد عنك.. وتقطع علاقتها بك.
- ماذا تعني بمحقة؟
- أعني أنك لا تحترمها كأنثى بل تحتقرها لأنها رضيت أن تقيم علاقة بك.. وتنظر إليها على أنها لا تستحق ثقتك لأنها كما خرجت معك.. قد تكون فعلت مع غيرك..
- بالعكس.. أنا أثق بها وأعرف أنها لم تخرج مع غيري.. ومتأكد من أنها فتاة شريفة ورائعة.. لكن...
- لكن ماذا؟
- الزواج صعب..
ازدادت انفعال عبد العزيز حدة وصرخ قائلاً:
- طالما أنك لا تنوي الزواج بها.. وإنك من النوع الذي لا يتزوج البنت التي تكون له بها علاقة.. فماذا تنتظر منها؟ أن تستمر في علاقتك معها لتنهش لحمها.. ثم تلقي بعظامها للكلاب بلا رحمة؟
- ما بك انفعلت هكذا دون أن تفهم ظروفي؟
- لأني أعتبر كل بنت في هذا العالم أختًا لي ولا أرضى عليها بالضياع يا علاء.. أخبرني هل عندك أخوات؟
- عندي أخت واحدة..
- حسنًا, هل ترضى لأختك أن يفعل بها شخص مثلك ما فعلته ببنت الناس؟ أنا عندي خمس أخوات.. وأخاف عليهن من أمثالك..
هز علاء كتف عبد العزيز ليخرجه من نوبة انفعاله.. وقال له مبررًا:
- اهدأ أرجوك.. نحن نتناقش..
أشاح عبد العزيز وجهه عن علاء وقال:
- لم أعتقد أنك حقير هكذا..
- عبد العزيز افهمني.. أنا لم أخطأ في البنت وأتمنى أن أتزوجها فعلاً.. لكن ليس عندي ما أتزوجها به.. هل الزواج بالمجان؟
- هذا باب آخر من أبواب الشيطان.. الحرام أرخص وأسهل.. صدقني لو نويت خيرًا.. وفكرت في الحلال سيفتحها عليك الله من أوسع الأبواب..
- وهل سيرضى أهلها أن يزوجوها لعامل في مركز تجاري؟
- هذا العامل سيتخرج مهندسًا كبيرًا.. بعد فترة.. تستطيع أن تدخر من راتبك حتى تتمكن من الزواج منها.
- وماذا لو كنت لا أطيق بعدها.. ولا أستطيع أن أنساها.. ولا أستطيع أن أنتظر حتى أتخرج.. وأعمل وأدخل المال لمصاريف الزواج؟
- الفقر وضيق ذات اليد.. ليس عذرًا يا صديقي.. حتى نسلك طرقًا ملتوية.. فالله تعالى يقول {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}.. إننا نبرر لأنفسنا ما نشتهيه و نجري وراء الشيطان الذي يزين لنا الحرام وننسى خالقنا الذي خلقنا ويعلم ما يصلح لنا وما لا يصلح (أضاف موضحًا وجهة نظره) : لو اشتريت آلة ما فإنك لن تثق إلا بصانعها حتى يشغلها لك أو يصلح عطلاً فيها.. الله يا علاء يعلم ما ينفعنا وما يضرنا.. لأنه هو خلقنا.. والدليل على ذلك أن كل ما نهانا الله عنه في أضرار لنا كبشر.
تنهد علاء وقال:
- أعلم..
وضع عبد العزيز يده على يد علاء وقال له:
- هل تريد الارتباط بها بالحلال؟
رد علاء بثقة:
- نعم..
قال عبد العزيز مجددًا:
- هل أنت جاد في الزواج منها؟
- قلت لك نعم..
- حسنًا يعني ما يمنعك هو ضيق ذات اليد؟
هز علاء رأسه بالإيجاب وهو يشعر بالمرارة.. فتابع عبد العزيز:
- حسنًا.. سأساعدك..
- كيف؟
- سأعطيك وصفة تستخدمها.. وإذا فعلت تعال وأخبرني حتى ننتقل للمرحلة الأخرى..
- وما هي؟
أمسك عبد العزيز بورقة كتب فيها وصفته وسلمها لعلاء.. فطالعه علاء بذهول فقال عبد العزيز:
- لا تعجب يا صديقي فهذه هي دواء لما أنت فيه.. ومفتاح لما تحلم بتحقيقه في الحياة.. فنفذها بدون شك.. بل بيقين وثقة.. فإذا فعلتها تعال وأخبرني..
- حسنًا..
تبادلا الابتسامات الغامضة.. ولكلاً منهما وجهة نظر تكاد تكون متضادة مع الأخرى.. ثم عاد كلاً منهما إلى عمله.
| |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الجمعة مايو 30, 2008 9:29 pm | |
| المشهد الثالث:
الزمان: السعة الثامن مساء بعد عشرة أيام تقريبًا من بدء التحقيق
المكان: مكتب العقيد زافي أسعد
دخل أحد الجنود.. وبعد أن ألقى التحية العسكرية قال لزافي:
- سيدي وصل تقرير من الطب الشرعي..
طالعه زافي باهتمام فتقدم الجندي ووضع ملفًا به بعض الأوراق.. وغادر المكتب.. قرأ زافي ما جاء في التقرير ثم صرخ قائلاً:
- غير معقول..
طلب بليغ على وجه السرعة.. وقاله له بعد أن صار أمامه:
- لقد جاء تقرير الطب الشرعي الخاص بمحتويات الكأس الذي وجدناه في غرفة سارة..
- وماذا وجدوا يا سيدي؟
- نفس المادة الكيميائية التي ماتت بسببها سارة!!
- يعني ماذا؟
- يعني الفتاة ماتت مقتولة بالفعل.. والقاتل وضع لها الأقراص في العصير..
تهاوى بليغ على الكرسي من فرط الدهشة.. فهذا ما لم يتوقعه أصلاً.. لكنه نهض لينفذ أوامر زافي الذي قال بصرامة:
- اطلب لي كرامة سنبل حالاً.. واطلب فتحي الحاج أيضًا واطلب منهما أن يأتياني على وجه السرعة..
- حاضر سيد زافي..
وبعد أقل من ساعتين مثل والدي سارة أمام زافي أسعد.. الذي نظر إليهما وقال:
- هناك مفاجأة جديدة..
- ماذا هناك أيها النقيب؟
- هناك أحدًا ما وضع الأقراص لسارة في العصير..
وقف فتحي مذهولاً وقال:
- أنت ماذا تقول؟ كيف يعني وضع الأقراص في العصير؟
رد زافي بهدوء:
- قاصدًا أن يتقل سارة..
- هذا مستحيل..
- ما هو المستحيل سيد فتحي؟
تمالك فتحي نفسه.. و قال بصوت أكثر هدوءًا:
- كل يوم لكم رأي.. في البداية قلتم ماتت بالسكتة القلبية ثم قلتم منتحرة.. والآن...
ثم جلس وقد تملكته الحيرة.. أما كرامة فكانت تبدو وكأنها ضربت على رأسها بمطرقة.. أما زافي فكان يرقب ردة فعل كلاً منهما بصمت ألا أنه قال أخيرًا:
- هل يمكن لأحد أن يضع الأقراص في العصير؟
- طبعًا لا يمكن.. (قالها فتحي.. ثم تابع قائلاً وهو لا ينظر لأحد رغم أن عيني زافي كانت مركزة عليه) : لا يمكن أن يقتل سارة أحد.. إنها فتاة كالوردة.. ولم تؤذي أحدًا..
- إذا وجد الدافع يا سيدي.. يمكن أن تقتل الوردة..
صمت فتحي.. وكرامة أيضًا كانت ساكتة.. فبادر زافي يسألهما:
- في فجر اليوم الذي ماتت فيه سارة.. طلبت من روزالي أن تعد لها كوبًا من عصير المانجو كما قالت لنا من قبل.. فهل لدى أي منكما علمًا بشأن هذا العصير؟
قال فتحي:
- لا.. فأنا نمت باكرًا لأن لدي اجتماع مهم في اليوم التالي وكنت سأواصل اليوم كله في المؤسسة..
- وماذا عنك سيدة كرامة؟
كانت شاردة.. وكأنها في إغماءة.. لكنها حاولت أن تتمالك نفسها وقالت بهدوء:
- رجعت متأخرة.. بعد الساعة الواحدة.. ولا أعلم ماذا طلبت سارة قبل أن تنام..
- ألم تزوري غرفتها؟
- لا..
- أليس من عادتك أن تطمأني عليها رغم أنك تغيبين عنها طوال النهار؟
أشعرها سؤاله بتأنيب الضمير.. وسألت نفسها السؤال ذاته.. لكنها قالت مبررة رغم شعورها بالتقصير:
- أرجع متعبة.. وهي تكون قد نامت.. ولا أحب إزعاجها!
- هل يسكن معكم أحدٌ في البيت غير الخادمة؟
- لا..
- هل من عادة أحد أن يزوركم في وقت متأخر؟
- لا..
- وماذا عن السائق؟
- السائق يسكن في شقة بعيدة ونتصل عليه عندما نحتاجه..
- وماذا عن الأهل؟
اعتدل فتحي في جلسته وقال:
- لا يزورونا عادة إلا في المناسبات..
- وماذا عن أهلك يا أم سارة؟
عندما ضرب اسم سارة طبلة أذنها.. أحست أن سارة كانت كل أهلها وكل من لها في الحياة.. فأجابت قائلة:
- والدي توفيا من زمان.. وليس لي إلا أخت واحدة..
- هل تزوركم؟
سكتت قليلاً تنهدت بقوة ثم قالت:
- قبل وفاة سارة لا..
- لماذا؟
- خلافات عائلية..
- وبعد وفاة سارة؟
- هي من وقف إلى جانبي.. فأنا ليس لي غيرها..
سكت زافي متفهمًا ثم سأل:
- وماذا عن الخادمة.. كيف كانت علاقتها بسارة؟
أجاب فتحي على الفور:
- سارة كانت تحبها كثيرًا.. وكذلك روز تحب سارة..
- ما رأيك بهذا الكلام يا أم سارة؟
ردت بعد أن فكرت لفترة:
- صحيح فرزوالي لدينا من فترة وسارة تعودت عليها.. لكن أن تنشأ بينهما محبة.. لا طبعًا.. لا يمكن لابنتي أن تتعلق بخادمة..
لمس الاستعلاء في كلامها.. فالتزم الصمت لفترة.. ثم قال:
- إذًا أنتما تستبعدان أن يكون لها يد في وجود الأقراص في كأس العصير..
قالت كرامة وكأن فكرة ما راودتها:
- لا أستبعد.. بل على العكس.. فكرت في أنها من فعل ذلك.. منذ أن أخبرتنا بالأمر..
- ولماذا؟ هل هناك ما يدعوك للشك بها؟
- طبعًا.. فهي...
قال فتحي مقاطعًا كلامها:
- لا تظلمي المرأة..
- من غيرها يمكن أن يفعل ذلك؟
- ولماذا هي تفعل ذلك؟ ما مصلحتها في قتل البنت؟
- فعلت ذلك لتنتقم مني.. لتحرق قلبي على ابنتي..
- كل الناس يريدون أن ينتقموا منك؟
تدخل زافي ليطفأ النار التي شبت بينهما:
- اهدئي يا سيدتي.. فزوجك معه حق.. يجب أن يكون هناك دافع.. يجب أن يكون هناك ما يدعوك لاتهامها..
- ومن قال أنه ليس عندي؟
- وماذا عندك؟
- روزالي رفضت أن تذهب غرفة سارة يوم وفاتها لتوقظها عندما طلبت منها ذلك..
- وماذا يعني هذا؟
- يعني أنها تريدني أنا أن أكتشف موتها..
- ربما هذا مجرد صدفة..
- هناك شيء آخر.. قبل أن تتوفى سارة بمدة.. كانت تطلب مني أن أسفر روزالي إلى بلدها..
- لماذا؟
- لا أعلم, لم تخبرني.. لكنها أكيد كانت متضايقة منها لسبب ما..
- ألم تسأليها؟
طافت ببال كرامة أحداث ذلك اليوم.. وضاع منها جواب السؤال.. ربما لأنها لم تفكر أن تسأل سارة عن السبب.. بل رفضت طلبها دون أن يخطر ببالها أن تعرف السبب.. ولذلك اكتفت بأن تهز رأسها بالسلب.. فتابع زافي أسألته:
- وماذا قلت لها؟
- قلت لها أني لا استطيع الاستغناء عن روزالي في تلك الفترة.. لأنها أمينة.. وتدير البيت بشكل جيد..
هز زافي رأسه مكتفيًا بما حصل عليه من معلومات.. وسمح لهما بالمغادرة.. وطلب منهما أن يحضرا روزالي في اليوم التالي.. على أن لا يخبراها شيئًا بما استجدت عليه التحقيقات.. وبعد أن غادرا المكتب التفت زافي لبليغ وسأله:
- ما رأيك يا بليغ؟
- أنا أرى أن أم سارة معها حق.. فالبصمات التي وجدت على الكأس لم تكن إلا لسارة والخادمة فقط..
- وكيف تفسر الأقراص المختلفة عن العلبة؟
- تكون روزالي قد فعلت ذلك حتى لا ينتبه أحد للعلبة ويظنها علبة عادية..
- لو كانت هي من فعل ذلك.. فلماذا تأخذ العلبة إلى غرفة سارة.. كان الأجدر بها أن تضع منها في المطبخ قبل أن تذهب لغرفة سارة..
- بالعكس يا سيد زافي.. يمكن أن يكون هذا دليل على إدانتها..
- كيف؟
- حتى توهم الجميع أن سارة ماتت منتحرة.. فعلبة الدواء يجب أن تكون في غرفة سارة.. أما وجودها في مكان آخر فإنه قد يثير حولها الشبهات.. خاصة لو كانت في المطبخ.
قال زافي وقد اقتنع قليلاً:
- ممكن..
- لا تنسى يا سيدي أنها هي الوحيدة التي أشارت إلى أن سارة حزينة.. ولديها حالات من الاكتئاب داخل البيت على خلاف حالها خارج البيت.. وكأنها تريد إيهامنا أن البنت مصابة بالفصام!
حك زافي لحيته.. وهو يسند مرفقه على طاولة المكتب.. وقال:
- لو كان هذا ما حصل.. فلماذا لم تتخلص من الكأس.. حتى تختفي كل الأدلة ولا يكتشف حقيقتها أحد؟
ابتسم بليغ ابتسامة ساخرة.. وقال:
- لا يوجد جريمة كاملة ولا بد أن يكون للجواد كبوة.. ولا تنسى أنها خادمة.. وليست مجرمة محترفة..
- ولا تنسى أنت أنها رفضت دخول غرفة سارة بعد موتها..
- هذا لا يبرأها.. فربما أنها لا تريد أن تتذكر جريمتها..
هز زافي رأسه ثم نظر إلى الساعة.. وقال:
- غدًا سنعرف عندما نحقق مع روزالي.. ونفهم وجهة نظرها.. والآن.. هيا بنا تأخر الوقت
المشهد الرابع
الزمان: ساعات الدوام المدرسي
المكان: فصل ميار وتغريد
كانت حصة الجغرافيا التي تكرهها تغريد.. والتي كانت تقضيها عادة في رسم الزهور في هوامش الكتاب.. وإلى جانبها ميار التي كادت أن تغلبها السنة لأنها لم تنم البارحة بسبب الكوابيس التي اغتالت منامها بكل ضراوة.. نظرت إليهما المعلمة وهي تضرب بقدمها الأرض في عصبية وتقول:
- تغريد، وميار (انتبهتا إليها فوضعت تغريد قلمها جانبا ونفضت ميار رأسها وكأنها لتوها استوعبت أنها في الفصل وليست بين أحضان فراشها الدافئ فتابعت المعلمة قائلة) : إذا كانت حصتي مملة لهذه الدرجة.. فأخبراني حتى أشرح الدرس في مدينة الملاهي!
طالعت ميار صاحبتها ثم أخفضت عيناها الناعستان وقد جعلتها كلمة "الملاهي" تتذكر الحلم الذي رأت نفسها فيه مع سارة فوق أرجوحة تتأرجح في الهواء وترتفع تدريجيا إلى السماء وبعد أن ارتفعت ارتفاعًا شاهقًا رأت ميار نفسها تدفع سارة من كرسي الأرجوحة حتى هوت نحو الأرض بدون أدنى مقاومة ولم تفعل ميار شيئا لإنقاذها.. ومع خيالات أحداث الحلم الذي تجسد أمامها كأنه حقيقة، خانتها العبرة وتدحرجت من عينيها دمعة ارتطمت على سطح درجها المدرسي.. فقالت المعلمة بلهجة سخرية:
- طالما أنك رقيقة هكذا ولا تريدين أن يخطأ عليك أحد.. فلما لا تنتبهين للدرس؟ (ثم قالت بلهجة أشد حدة) : سأسامحكما هذه المرة لكني سأشتكيكما للمشرفة الطلابية في المرة القادمة..
سحبت ميار قدمها إلى خارج الفصل بعد أن رن جرس الحصة متوجهة لدورة المياه لتغسل وجهها فتبعتها تغريد.. وسألتها بوجل:
- ما بك ميار؟
طالعتها بعينيها الدامعتين ثم انفجرت باكية فأخذتها تغريد بين ذراعيها تمسح على شعرها وتقول لها بصوت خافت:
- ميار أرجوك، امسكي نفسك هذا بيت الشيطان، أمي تقول أن البكاء فيه يسبب تلبس الجن! (هزت ميار رأسها لكنها لم تتوقف عن البكاء فتابعت تغريد تطيب خاطرها قائلة) :لا عليك من معلمة أشواق، إنها تهدد فقط ولن تشتكينا..
قالت ميار بصوت متهدرج:
- هي قالت أنها ستشتكيننا؟
طالعتها تغريد بملامح مندهشة:
- ألم تسمعي تهديدها؟ لماذا تبكين إذًا؟
- ضميري أبكاني.
قالت تغريد ببلاهة:
- لأنك سرحت في الحصة أنبك ضميرك!
- ماذا تقولين أنت؟ (تابعت وهي تلمح علامات الاستفهام الساذجة على ملامح صديقتها قائلة بلهجة منفعلة) : لا أستطيع أن أنسى أننا سبب موت سارة.. أنا أتقطع يا تغريد..
تلفتت تغريد حولها وقلبها يضرب بقوة وتنفست الصعداء عندما لم تر أحدا وسحبت ميار إلى الساحة الخارجية وأجلستها في ركن قصي عن المدخل وقالت لها بلهجة عتاب:
- كنت ستفضحيننا.. ماذا لو سمعك أحد؟
- رغما عني يا تغريد
- عليك أن تتحكمي في انفعالاتك وإلا سنضيع..
- لا أستطيع تحمل الفكرة.. أنا متعبة يا تغريد.. لا أستطيع أن أنام الكوابيس تؤرقني تصوري أني لم أنم البارحة سوى ساعتين أو أقل؟
ردت تغريد بحنان:
- يا حبيبتي، هوني عليك فنحن لم نقصد لها إلا الخير..
- هل يسامحنا الله؟
أطرقت تغريد مفكرة ثم قالت بعد صمت قصير:
الله يعلم بنوايانا، نحن لم نتعمد أن... (ثم تنهدت بألم وقد غصت الكلمة في حلقها)
طال صمتهما لفترة قطعته ميار بتساؤل حائر آخر:
- هل سكوتنا صحيح؟
قالت تغريد وهي تردد كلام قالته نجلاء من قبل في نقاش قديم:
- لقد ماتت سارة.. ولن يستفيد أحد من معرفة سبب موتها شيئا.. بل نحن من سيتضرر..
- صحيح..
رفعتا رأسيهما إلى السماء المتلبدة بالغيوم تتأملان الأفق الذي ساد فيه السكون إلا من صوت نسمات باردة كانت تصفر بنغمة منتظمة أثر تحريكها للأغصان العارية من الأوراق.. يمنة ويسرى.. غطى الأفق ضباب أسود كثيف أو هكذا بدا لتغريد وميار لكنه لم يكن إلا أشواق التي قالت بصوتها الجهوري موجهة حديثها للمشرفة الطلابية التي كانت معها:
- اشهدي يا شيماء ليس فقط استهتار بالحصة.. أيضا هروب من الحصص..
طالعتهما شيماء بنظرة عتاب مشحونة بالغضب كانت كافية من وجهة نظرها أن تشعرهما بما قاما به من خطأ.. ثم قالت:
- لن تحضرا الحصص مجددًا إلا... (كانت ستبدأ بالتهديد إلا أنها انتبهت لتغريد فغيرت ما كانت تنوي قوله وقالت بدلاً من ذلك) : سماح هذه المرة، لأنها أول مرة.. (انتظرت منهما كلمة شكر لكنهما لم ينطقا بها فقالت بنفس اللهجة) : والآن هيا إلى فصليكما..
نهضتا على مضض وشيماء وأشواق يراقبانهما حتى اختفتا عن ناظريهما فقالت شيماء:
- تلك الفتاة ابنة سوسن موسى.
- من؟ ذات الشامة؟
- لا، الثانية ذات الشعر الكستانئي القصير.
- توقعت ابنتها أجمل.
- بالعكس هي جميلة لكن أنت ليس عندك ذوق
- أنا ليس عندي ذوق؟ حسنًا كلا له ذوقه.. أنتم ترون سوسن جميلة أيضًا لكني لا أراها كذلك!
- حسنًا وماذا فعلت ابنة سوسن؟
- تخربش في كتابها طوال الحصة
- لو تعلم سوسن لانفجرت من الغيظ.. فهي تغضب كثيرًا عندما تنقص ابنتها درجة في مادة ما.. فكيف لو تسمع هذا الخبر؟
ابتسمت أشواق ابتسامة خبيثة وقالت:
- سأخبرها، وأمام المعلمات حتى أكسر أنفها تلك المغرورة..
طالعتها شيماء وقالت:
- لا تفعلي.. أنت لا تقدرين على سوسن..
- ولماذا لا أقدر؟ هي معلمة وأنا معلمة.. ثم أن ابنتها بليدة والجميع يجب أن يعرف هذا..
- الكل يمدحها.. ما عدى أنت..
- هي بليدة في مادتي.. وهذه حقيقة..
- حتى لو لم تكن كذلك.. أنت ترينها فرصة حتى تنتقمي من والدتها..
- وفرصة ممتازة.. لن أفوتها أبدًا..
قالت ذلك ومضت مبتعدة.. وشيماء تنادي عليها بلا فائدة. | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الجمعة مايو 30, 2008 9:31 pm | |
| المشهد الخامس: المكان: المدرسة الزمان: بعد انتهاء اليوم الدراسي..
خرجت سوسن والشرر يتطاير من عينيها ووجهها محتقن بالدماء.. كانت تغريد تنتظر والدتها كالعادة عند درج المدرسة وهي تتحدث إلى ياسمين التي قابلتها بالصدفة هناك.. لم تقف والدتها ولم تنظر إليها.. فقط أشارت لها أن تلحقها.. أشعرتها تلك الحركة بالغضب.. خاصة وأنها فعلتها أمام ياسمين.. لكنها لم تجد بدًا من اللحاق بها فاستأذنت من ياسمين بلطف ولحقت بأمها التي ضلت طوال الطريق ساكتة.. أحست تغريد أن هناك شيئًا ما.. ينتظرها وكان إحساسها في محله.. فما أن وصلا إلى البيت وأغلق الباب حتى صرخت سوسن في وجهها قائلة:
- ألم أقل لك ابتعدي عن شلة الشر؟ لكنك لا تسمعين الكلام.. أيعجبك ما حصل؟
- وماذا حصل؟
- تتاغبين هه؟
تذكرت تغريد أحداث اليوم ولمعت عيناها وقد ساورها خوف شديد من والدتها التي تابعت قائلة:
- ألا تعرفين ماذا فعلت؟ لقد جعلت أشواق تحرجني أمام كل المعلمات.. بتصرفك الغبي ألا تقدرين وضعي؟ ألا تحترمين مكانتي أمام المعلمات؟
- أنا لم أفعل شيئًا يستدعي كل هذا..
- أتنكرين جريمتك أيضًا؟
- أية جريمة؟
- هل لك أن تخبريني ماذا كنت تفعلين وقت حصة العربي؟
- كانت ميار متعبة يا ماما.. وكانت بحاجة إلى أن تتكلم..
- ولم تجد تلك الميار وقتًا تتكلم فيه إلا وقت الحصة؟
- كان هناك موضوع مهم تريد أن...
قاطعتها سوسن مهددة:
- اسمعي يا تغريد.. أنا اهتم بك وأرعاك أنت وأختك وأتحمل مسؤوليتكما وحدي.. وأتعب.. وأسهر الليالي.. وأهلك نفسي في العمل.. ثم تأتي تلك الشلة الشقية لتخربك ويذهب جهدي سدى!!
- لماذا تصرين على أنهم يخربوني؟
- يعني أنا أتبلى عليهن؟ أم أن رؤيتي غير صحيحة؟
ضربت تغريد بقدمها الأرض معبرة عن سخطها وقالت:
- أنا لم أعني ذلك.. لماذا تؤولين كلامي على هواك؟
- أترفعين صوتك علي يا تغريد؟
- أنا لم أرفع صوتي.. لكنك ترفضين سماع وجهة نظري..
- ماذا تريديني أن أسمع؟ يكفي ما سببته لي من إحراج اليوم.. ترسمين وقت حصة الجغرافيا وتهربين من حصة العربي.. أين وجهة النظر في هذا!!
- حصة الجغرافيا أنا لا أحبها..
- ستحبينها لو أردت ذلك..
- هذا خارج عن إرادتي يا ماما..
- الإرادة نحن نتحكم فيها وليس هي من يتحكم فينا..
- كل البنات يحببن بعض المواد ويكرهن أخرى.. لماذا أنا لا؟
- لأنك لست مثل البنات..
- يا سلام بنت الملك أنا!!
- لا لست بنت الملك..إنك ابنة سوسن موسى وعليك أن تدركي ذلك وتراعيه.. أفهمت؟؟
- ماما.. أنت تبالغين باهتمامك بي.. أنا إنسانة ومن حقي أن يكون لي أصدقاء وحياة وشخصية وحرية اختيار..
- يا سلام.. هذه ما علمته لك ميار؟
- ليس لميار أي يد في كلامي.. هذا رأيي أنا.. أنا بحاجة إلى شيء من الحرية..
- أي حرية هذه التي تريدينها؟ إهمال الدروس والتسكع وقت الحصص؟؟ أهذه هي الحرية التي تريدينها؟؟ أنا لن أسمح لك بذلك أتسمعين؟
- لا أقصد ذلك بل أشياء أخرى.. أنت لا تسمحين لي بالخروج ولا السهر مع صديقاتي ولا حتى استخدام الهاتف هذا لا يجوز.. أنا أشعر أني في سجن..
- الآن صارت الحياة معي سجن؟
- لم أقل ذلك لكن...
- اسمعي يا تغريد.. إذا كانت حياتك معي لا تعجبك.. فسأرسلك لبيت أهل أبيك.. فهم سيعلمونك كيف تكون الحرية ويخرجونك من سجني..
- ماما لماذا لا تفهميني؟
- نهايته.. أنت محرومة من المصروف لمدة أسبوع.. وإذا رأيتك مع تلك الشلة يا ويلك..
قالت تلك الجملة وغادرت المكان متوجهة إلى غرفتها وصفعت الباب خلفها بقوة.. وتوجهت تغريد لغرفتها هي الأخرى.. ونيران الغضب التي تشتعل داخلها تكاد تحرق المكان من حولها.. لكنها ورغم تلك المشاعر السلبية كانت تفكر في طريقة تستطيع بها استخدام الهاتف لتوصل خبر إيجابي لبقية بنات الشلة.
المشهد السادس: المكان: بيت ميار الزمان: في المساء
اجتمعت العائلة الصغيرة المكونة من ميار ووالديها وأخيها الصغير دانيال.. أمام مائدة العشاء.. كانت ميار لا تشعر برغبة في الأكل.. لكنها كانت تجامل والدتها بمشاركتهم في تناول الطعام.. كانت سلاف تشعر بما تجاهد ابنتها لفعله.. ولذلك كانت ترفع عينيها بين كل فترة وأخرى لتراقبها وتتأكد من أنها تأكل حقًا ولا تمثل.. ثم بادرت بسؤالها:
- ألم يعجبك الطعام يا عزيزتي؟
أجاب حمزة عوضًا عنها:
- بهاره قليل.. وماسخ.. احضر علبة الشطة يا دانيال..
نهض دانيال للمطبخ انصياعًا لأوامر والده.. بينما قالت ميار وهي تنهض:
- سلمت يداك يا أمي.. أنا شبعت.. تصبحون على خير..
نظرت سلاف لزوجها بغضب وقالت:
- أنت لا تشعر بالبنت؟ تبدو مريضة..
- البنت بصحة جيدة وليس فيها شيء..
- يبدو أنها بحاجة إلى طبيب وبعض الفحوصات..
- أنت تبالغين.. لا تعذبي البنت بالفحوصات.. دعيها تذاكر أحسن لها..
- لماذا لا تصدقني؟ ألم تلاحظ شحوبها.. وقلة شهيتها للطعام وعدم مقدرتها على النوم؟
- شغلك في المستشفى يجعلك تتوهمين أشياء غير حقيقية..
قال ذلك وهو يرش الشطة في طبقه بدون اكتراث لكلامها.. طالعته بغضب ثم نهضت وأخذت معها بعض الأطباق وتوجهت بهم إلى المطبخ وتركته هو ودانيال يكملا عشائهما..
بينما دخلت ميار غرفتها ورغم رغبتها الملحة في أن تدفن جسدها المتعب تحت اللحاف الدافئ إلا أنها قاومت تلك الرغبة بإرادة قوية وتوضأت ووقفت تصلي وبعد أن انتهت من الصلاة جلست على السجادة في وهن تتأمل الغرفة بعينين أتعبهما البكاء والأرق وطول التفكير.. وقع نظرها على صورة معلقة على الجدار كانت صورة مرسومة بألوان الزيت لكوخ ريفي تحيط به الأشجار الخضراء الجميلة وعلى الجانب الأيمن نقش توقيع سارة الحاج بإتقان.. امتلأت عيناها بهالة ضبابية من الدموع حتى اختفت تلك اللوحة الفنية الرائعة عن مستوى رؤيتها،
قالت هامسة وهي تحدث صاحبة الرسم: هل ستسامحينني يا سارة رغم أني تسببت في موتك يا حبيبتي؟ ربما كان الموت خيرٌ لك من الحياة فقد كان قلبك متعبًا حزينا رغم أن شمس ابتسامتك لا تغيب.. لكن أن أكون أنا سبب موتك ذلك فوق ما أستطيع تحمله.. رغم أني لم أقصد أن أقتلك لكني أردت أن أساعدك فكنت مثل الدب الذي قتل صاحبه.. رماه بحجر لينقذه من لسعة ذبابة.. ما أغباني لقد أردت أن أحميك من أذى ذبابة فرميتك إلى أذى أكبر منه يا حبيبتي.. سامحيني.. سامحيني أرجوك..
رفعت عيناها لسقف الغرفة وقالت بحديث صامت: وأنت يا رب؟ هل ستعاقبني لأني تسببت في موت أعز صديقاتي؟ أم أنك ستعذر جهلي و....
ثم قطعت حديثها الخفي ذاك بأن ضربت الأرض بيديها وهي تخفض رأسها في ألم.. وقد تساقطت الدمعات غزيرة من عينيها حتى بللت الأرض.. وتابعت حديثها بصوت خفيض: وغبائي.. نعم جهلي وغبائي.. وأتبعت حديثها الهامس ذاك بنوبة حادة من البكاء..
رن هاتفها المحمول.. ناظرت الساعة.. من يتصل بي في هذا الوقت يا ترى؟ وسرعان ما أدركت من خلال نغمة الرنين المميزة أن من يتصل عليها ما هو إلا تغريد.. نعم هذه هي النغمة التي خصصتها لتغريد.. نهضت بتثاقل.. حتى وصلت للهاتف حملته بوهن وردت على الاتصال وهي تلقي بجسدها على الفراش فجاءها صوت تغريد وفيه لمسة ابتهاج: مرحبا
تساءلت ميار: غريب.. لم تكن كذلك عندما تركتها آخر مرة.. وقبل أن تطلب منها توضيح سبب ابتهاجها بادرت تغريد تسألها:
- كنت نائمة؟ أيقظتك؟
- لا.. لم يغمض لي جفن..
- توقعت ذلك..
هزت ميار رأسها بتفهم.. وقد أدركت أن حال صاحبتها هو نفس حالها.. سألت بوهن:
- ما الأمر؟ ما الذي يدعوك للاتصال بي في هذه الساعة؟ هل جدّ جديد؟
- كنت سأتصل لأطمئن عليك سواء جد جديد أم لا.. لكني كنت أنتظر نوم المعلمة حتى أتمكن من استخدام الهاتف على راحتي (سكتت قليلاً ثم تابعت بلهجة رطبها الانشراح) : ولكن جد جديد..
- وما هو الجديد؟
- الجديد يا عزيزتي يجعلنا ننام الليل ونحن مرتاحي البال ولا نخاف من شيء
- وما هو؟
- هو ما يريحنا من تأنيب الضمير ويبرأنا من دم سارة..
- هيا قولي وإلا سأخرج لك من السماعة..
ضحكت تغريد وقالت:
- هيا افعليها.. فكم أنا بحاجة إلى وجودك إلى جانبي!
- تغريد.. لست حمل مزحك ورب العزة..
- اتضح أن الخادمة هي من قتل سارة..
- روزالي؟ وكيف قتلتها؟
- لا أعلم بالتفاصيل..
- ولماذا أصلاً تقتلها؟
- قلت لك إني لا أعلم بالتفاصيل.. هذا فقط ما قالته لي ياسمين..
- وأين رأيت ياسمين؟
- لقد رأيتها نهاية الدوام وأنا أنتظر ماما..
- يعني عرفت من عشر ساعات ولم تخبريني؟
- كنت سأتصل بك وأخبرك.. لكن...
- وما الذي منعك؟
- مشكلة صغيرة
سألتها ميار بقلق:
- وما المشكلة؟
- تلك المعلمة الخبيثة فتنت علي عند أمي
- من؟ معلمة أشواق؟
- نعم.. لقد أخبرت ماما بما حصل مني ومنك وعلى رؤوس الأشهاد.. أمام كل المعلمات تصوري؟
- ولماذا تفعل ذلك؟
- لأنها تكره ماما وتغار منها..
- وطبعًا أمك وبختك..
- لم توبخني فقط.. بل حرمتني من المصروف لمدة أسبوع.. وصرخت في وجهي وعنفتني وقالت أني غير جديرة بثقتها ولا حبها واهتمامها ورعايتها لي.. والأجدر أن تسلمني لأهل أبي حتى ترتاح مني ومن مشاكلي.. و... كلامًا كثيرًا جدًا..
- يا لله.. سببت لك مشكلة يا حبيبتي سامحيني..
- لا عليك منها.. غدًا تنسى..
- أخاف أن تغضب منك..
- أفضل.. حتى لا تأتي إلى الفصل وتسرح شعري..
ضحكت ميار وقالت:
- الله عليك كل شيء تقلبينه لفكاهة.. يا تغريد..
ردت تغريد بلهجة حزينة:
- تعبت من الحزن والبكاء.. أريد أن أهرب منهما ما استطعت..
تنهدت ميار وقالت:
- بعد سارة لا يوجد فرح..
- لو كان الحزن يعيدها لعاد بابا.. فأنا والمعلمة بكينا عليه حتى تعبنا..
- صدقت..
- والآن.. أنا متعبة وأريد أن أنام.. وأنت نامي أيضًا حتى لا تنامي في المدرسة..
- حسنًا.. إلى اللقاء.. - مع السلامة.
أغلقت ميار الخط.. وخلعت إحرام الصلاة ورمته بجانبها على السرير.. واستسلمت للنوم الذي لم تذقه منذ فترة طويلة.
المشهد السابع:
المكان: ساحة المدرسة
الزمان: اليوم التالي..
ارتفع صوت ياسمين وهي تقول لبعض البنات:
- حتى تعرفن أن سارة لم تمت منتحرة.. تلك الخادمة قتلتها..
سألتها إحداهن:
- ولم؟
- لأنها مجرمة..
- وكيف عرفت أنت؟
- خالة سارة تكون زوجة عمي.. وأم سارة هي التي أخبرتها..
قالت إحدى البنات:
- لا حول ولا قوة إلا بالله.. كثرت الخادمات اللاتي يقتلن الأطفال والآن وصل القتل للكبار أيضًا..
ردت أخرى:
- أنا ابتدأت أخاف من خادمتنا.. وصرت أقفل الباب على نفسي في الغرفة..
- معك حق.. أنهن مخيفات حقًا.. لم يقتصر عملهن على السحر فقط.. بل وصل للقتل..
- هل سجنوها؟
- لا, حقوقوا معها وأفرجوا عنها.. لكنها تحت المراقبة..
كانت ميار واقفة غير بعيد عن ذلك المشهد.. تنتظر صديقتيها أن يخرجا من مقصف المدرسة.. طالعتها ياسمين فتظاهرت أنها لم ترها.. وهمت ياسمين أن تبتعد لولا أن نادتها تغريد التي لمحتها وهي تخرج نفسها من بين أمواج الطالبات المتزاحمات عند المقصف.. فاستجابت للنداء بعد تردد.. قالت لها بعد أن استوت بين بنات الشلة:
- تعالي كلي معنا.. حسبت حسابك يا ياسمينة..
قالت نجلاء: - لا تخجلي هيا..
وامسكتها من يدها وتوجهن جميعًا نحو المكان المعتاد تحت الشجرة.. إلا أن ميار وقفت قليلاً.. وقالت للبنات وهي تشير على مكان مغاير لوجهتهن:
- عن أذنكن أنا سأذاكر هنا.. فأنا لم أستعد لإمتحان جيدًا..
قالت ياسمين:
- لا تتحججي بالمذاكرة يا ميار.. أنا من سيذهب..
قالت تغريد:
- لا يا ياسمينة.. ميار لا تقصد..
قاطعتها ياسمين قائلة بحدة لميار:
- ألهذه الدرجة تكرهيني يا ميار؟
خفق قلب ميار بسرعة.. وأوجعتها دموع توارت في عيني ياسمين وهي تهم مبتعدة.. استوقفتها ميار بأن أمسكت بيدها وهي تقول لها: - أرجوك لا تفهميني خطأ.. أنا لا أكرهك.. - لكنك تتجنبيني ولا تحبين النظر إلي.. والآن تريدين أن تنزوي عن صديقتيك فقط حتى لا تكوني معي ماذا تسمين ذلك؟ محبة؟ أنا أحس بكل حركاتك.. لست حجرًا..
طالعتها ميار بعينين دامعتين وكم كانت تلك الدموع التي تدحرجت على خديها مفاجأة حقيقية لياسمين.. التي توقفت تنظر لميار في ذهول.. قالت ميار أخيرًا بصوت متهدرج:
- ربما حان الوقت لتعرفي لماذا لا أريد أن أراك.. ليس لأني أكرهك يا صغيرتي..
سنعود بعدقليل | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الخميس يونيو 12, 2008 2:04 pm | |
| تدرووووووووووون والله تحمست لما شفت الموضوع مثبت وقلت بكمل الموضوع
^_^ | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الخميس يونيو 12, 2008 2:12 pm | |
| الحلقة الثامنة
كنا قد علمنا أن تقرير الطب الشرعي جاء بمفاجأة أذهلت الجميع وهي وجود نفس المادة التي تسببت في موت سارة مذابة في كأس عصير وجد في غرفتها مما يعطي مسارًا جديدًا للقضية وهو أن سارة قد ماتت بفعل فاعل قد زج لها الأقراص في العصير وكل ما قام به العقيد زافي وفريقه من تحقيقات يشير إلى أن روزالي الخادمة هي المذنبة.
المشهد الأول
المشهد الأول في هذه الحلقة هو نفس المشهد الذي انتهت عليه الحلقة السابقة حيث كانت ميار تتحدث إلى ياسمين التي تحسست من معاملة ميار لها ومواقفها التي كانت تدل على أنها لا تتقبل وجودها ولا ترتاح لها عندها أحست ميار أنها تسببت في جرح ياسمين وكان لابد لها أن توضح وجهة نظرها وتبرر لياسمين سبب ردة فعلها الحادة تلك، طالعتها ميار بعينين دامعتين وكم كانت تلك الدموع التي تدحرجت على خديها مفاجأة حقيقية لياسمين.. التي توقفت تنظر لميار في ذهول.. قالت ميار أخيرًا بصوت متهدرج: - ربما حان الوقت لتعرفي لماذا لا أريد أن أراك.. ليس لأني أكرهك يا صغيرتي.. (استمعت لها ياسمين باهتمام فتابعت قائلة) : لا أستطيع أن أراك.. لا أستطيع.. (أشاحت بوجهها عنها كما تفعل في كل مرة وقالت بألم) : لأنك تشبهينها كثيرًا يا عزيزتي.. أتذكرها كلما رأيتك.. أمنع نفسي بالقوة من أن أرتمي بين ذراعيك.. وأنا أتخيلك أنك هي!! - ألهذه الدرجة أنا أشبهها في عينيك؟ تأملت ميار ملامحها بعمق وقالت بمرارة: - كثيرًا جدًا.. ولولا الحفر التي أحدثها مرض الجدري في وجه سارة لكنت أيقنت أنك هي لا محالة.. كانت تلك المرة الأولى يحدث بينهما مثل هذا الالتقاء.. وأول مرة يدور بينهما حديث.. بعد الالتباس الذي حصل بعد وفاة سارة عند عودة ميار للمدرسة.. تألمت ياسمين لمعرفة هذه الحقيقة المرّة التي تكنها ميار في صدرها المشحون بالآلام.. لكنها لم تملك شيئا تفعله سوى أنها أخذت ميار في حضنها وشاركتها البكاء وضعت تغريد يدها على رأس ياسمين وقالت تحدث ميار: - صحيح ياسمين تشبه سارة قليلاً.. لكن هذا ليس معناه أن تتجنبيها وتتفادى النظر إليها.. ألست تحبين رؤية سارة؟ ألا تحبين النظر إلى رسوماتها التي تزين غرفتك؟ ألا تتذكرينها في كل حين؟ ردت ميار قائلة وهي تبعد نفسها عن ياسمين وتمسح دموعها بيديها: - بلى.. - إذاً ستحبين لقاء ياسمين.. كما أحببناه نحن.. قالت نجلاء: - سارة تعيش في قلوبنا ولا نستطيع أًبدًا أن ننساها.. ورؤيتنا للأشياء أو الأشخاص الذين يذكرونا بها يجب أن يفرحنا ولا يحزننا يا ميار.. ردت ميار باستسلام: - صحيح.. - والآن.. دعونا من هذه العقد الطفولية.. ودعونا نأكل قبل أن ينتهي وقت الفرصة.. ابتسمت ميار على مضض وجلست البنات الأربع.. يتناولن الفطور.
المشهد الثاني الزمان: نفس الزمان المكان: بيت سارة
كان فتحي يلبس ملابسه ليخرج إلى مؤسسته.. في حين كانت كرامة تنشف شعرها بالمنشفة.. فنظرت إليه وقالت: - سأذهب مع روزالي إلي قسم الشرطة.. نظر غليها وقد ملئه الغيظ: - ألن تتراجعي عن قرارك؟ - كيف تريديني أن أبقى مع قاتلة ابنتي في بيت واحد؟؟ - أجزمت أنها هي القاتلة؟ - فسر لي وجود الأقراص في العصير الذي أعدته هي بنفسها.. أطرق يفكر وقد ساورته الكثير من الأفكار.. ثم قال ليس تفسيرًا لسؤالها أنما جوابًا لسؤالها الأول: - إذا كنت لا تريدين أن تعيشي معها في بيت واحد كما تقولين فأعيديها إلى بلدها أفضل.. استشاطت غضبًا وصرخت قائلة: - تقتل ابنتي وأعيدها معززة مكرمة؟ ما رأيك أن أعطيها مكافأة أيضا؟ - ما شاء الله على الحب والحنان.. - تسخر من اهتمامي بابنتي؟ - الآن صار ابنتك تهمك؟ عندما كانت على قيد الحياة لم تهتمي بها ولم ترعيها ولم تكرسي حتى ربع وقتك لها.. والآن تهتمين بقضيتها وتشغلي جل وقتك من أجلها.. ألم يكن الأجدر بك أن تظهري كل هذا الحب والحنان لها وهي فوق الأرض بدل أن تفعلي ذلك بعد أن أصبحت تحت الأرض؟.. (فتح باب الغرفة ثم قال وهو يخرج) : ثقي أنها تستفيد من حبك الآن.. الأفضل أن تشغلي وقتك بشيء مفيد.. وتدعي لها بالرحمة.. بدل أن تتهمي الأبرياء بقتلها.
أوجعها كلامه.. وهي تتذكر أحداث حياتها السابقة في وجود سارة.. نفضت رأسها حتى لا تشعر بتأنيب الضمير أكثر من ذلك.. ثم جففت شعرها بسرعة ولبست ثوب من أثوابها السود.. ونزلت إلى المطبخ حيث كانت روزالي ثم قالت لها بصيغة آمرة: - هيا البسي سنخرج.. - إلى أين يا سيدتي؟ - لا تسألي.. البسي وهيا بسرعة..
لم تجد روزالي بدًا من أن تنصاع لأوامر كرامة.. لبست بسرعة.. ولحقت بكرامة للسيارة.. وهي خارجة من باب الشقة استدارت تنظر للداخل.. ثم إلى الحديقة الصغيرة.. وإلى أرجوحة سارة التي كانت تهتز بفعل الهواء.. لا تعلم لماذا انتابها شعور أنها لن ترى هذا المنظر ثانية.. صعدت إلى سيارة كرامة وقبعت في الكرسي الخلفي في هدوء وسكون.. كانت هذه هي المرة الأولى التي ترى فيها سيارة كرامة من الداخل.. لقد ألفت الطريق إلى قسم الشرطة.. ولذلك فقد عرفت الوجهة التي رفضت كرامة الإفصاح عنها.. نزلت كرامة.. ونزلت هي وراءها.. حتى وصلتا إلى مكتب زافي الذي اعتذر عن مقابلتها لظروف خاصة.. التقت بليغ ودخلت إلى مكتبه بينما جلست روزالي في الخارج عند الحارس.. كانت تشعر أن وجودها في هذا المكان.. ليس من أجل استجوابات عابرة.. فنظراتهم إليها وأسئلتهم لم تكن عادية.. كرامة بالأمس كانت تنظر إليها وكأنها مجرمة.. لم تكن تعاملها جيدًا في السابق لكن الأيام الأخيرة الفائتة كان الوضع متوترًا جدًا بينهما.. بل وأحست أنها تنوي بها شرًا.. كانت التحقيقات مرهقة بالنسبة لها.. فهم يكررون عليها نفس الأسئلة وكأنهم يريدون أن يوقعونها في خطأ ما.. في هذه اللحظة كلهم كانوا ينظرون إليها بنظرة ارتياب.. وهي تشعر بالتوتر والاضطراب.. فليس عاديًا.. أن تدخل امرأة ريفية مثلها.. قسم الشرطة كل يوم تقريبًا.. ولسبب تجهله.. فهم لم يخبروها بما استجدت عليه القضية ولا بوجود الأقراص في كأس العصير الذي أعدته هي بنفسها لسارة قبل أن تموت بعدة ساعات..
اليوم كان في رأس كرامة.. قرار ما.. كانت تريد أن تبلغه لزافي.. لكنها وبعد اعتذاره بلغته لبليغ الذي لم يتردد لحظة في تنفيذ طلبها ورغم كراهيته الشديدة لشخصها إلا أنه نفذ ما أرادت.. فخرج من مكتبه وطلب أن تؤخذ روزالي للزنزانة.. وقد امتلأت نفسه بالارتياح.. لأنه يعتبر وجود روزالي في بين القضبان حرب نفسية.. تجعلها تقر وتعترف بقتلها لسارة.. توجه لمكتب زافي ودخل بعد أن سمع إذنًا بالدخول وقف أمام زافي الذي أشار له بالجلوس والانتظار ريثما ينته من هاتفه كان يكلم زوجته قائلاً: - وماذا عن البوفيه؟.. ممتاز.. حسنًا سأذهب بعد نصف ساعة لاستلام باقات الورد.. أنهى المكالمة والتفت لبليغ قائلاً: - طبعًا.. ستحضر عرس ابنتي يا بليغ.. لست بحاجة إلى دعوة.. - طبعًا.. طبعًا يا سيدي.. - هه.. طمئني ما آخر أخبار قضية سارة؟ - وضعنا الخادمة في الزنزانة.. - لم تثبت عليها التهمة بعد فلما تضعونها في الزنزانة؟ - أين سنضعها يا سيد زافي؟ في فندق خمس نجوم!! - لماذا لا ترجعونها لبيت الحاج؟ - مدام كرامة.. رفضت أن تأخذها إلى بيتها بحجة أنها لا تستطيع أن ترى قاتلة ابنتها..
لم يعلق زافي فقد كان مشغولاً بحفل زفاف ابنته.. وبما وراءه من مسؤوليات ولذلك وكّل الأمر لبليغ وخرج فهو سيغيب يومين عن عمله ليتفرغ للحفل والمعازيم.
المشهد الثالث الزمان: قبل منتصف الليل بساعتين المكان: مركز هيلثي فودز لبيع المواد الغذائية..
ابتسم علاء حين وقع بصره على شخص طالت فترة بحثه عنه وراح يناديه بصوت عالٍ: - لقد عدتُ يا عبد العزيز أشار له عبد العزيز أن ينتظر لأنه كان مشغول مع أحد الزبائن فوقف ينتظره وخلفه مجموعة من زملائه الذين كانوا يتغامزون بسخرية ويضحكون, قال أحدهم: - أرأيتم فأر المخازن الذي خرج من مخبأه؟ - رأيناه يتنطط.. قال آخر: - وهل عرفتم لماذا خرج من مخبأه يا أصحاب؟ - لماذا؟ - حتى يقابل فأر المساجد.. ثم تعالت أصواتهم بالقهقهات الساخرة.. طالعهم علاء بغضب وتوجه نحوهم وقال لهم بصبر نافذ: - أنتم تتكلمون عنا؟.. - نحن نتكلم عن فأر المخازن.. أنت فأر المخازن؟؟ قال آخر وهو يضحك: - ربما يعتقد نفسه فأر المساجد.. - أنا أفهم قصدكم من فأر المخازن وفأر المساجد.. رد أحدهم ببرود: - مثل فأر المدينة وفأر القرية.. ألم تسمع هذه القصة وأنت طفل؟
طالعهم عبد العزيز الذي انتهى لتوه من عمله مع الزبون تقرب توجه نحوهم.. ثم وضع يده على كتف علاء وقال بهدوء شديد رغم أنه كان يغلي من الداخل: - كانت قصة جميلة مفادها أن فأر المدينة لا يستطيع العيش في القرية والعكس صحيح.. يعني فليرضى كلاً بحياته ولا يتدخل في حياة غيره.. نظر إليه علاء وقال ببلاهة: - أنت لم تعرف ما يعنون أنهم... قاطعه عبد العزيز قائلاً: - أعرفها إنها قصة جديدة فيها الكثير من الفئران الذين يجتمعون عند ثلاجات الألبان ويتدخلوا في حياة الآخرين.. تلفت الشباب حولهم فوجدوا أنفسهم عند ثلاجات الألبان فعلاً فأحسوا أن عبد العزيز هو من كسب الجولة وأنه رد سخريتهم عليهم بحكمة.. ومنعوا أنفسهم بالقوة من أن يوسعوه وصاحبه ضربًا انتقامًا لما فعل.. إلا أنه لم ينتظر حتى يعطيهم تلك الفرصة.. بل رمقهم بنظرة انتصار ثم شد على يد صاحبه ومضى به مبتعدًا وجلس يستمع له بصمت وهو يقول مشتطاً: - أسمعت ماذا أسمونا؟ أنا فأر المخازن وأنت فأر المساجد!! قاطعه عبد العزيز قائلاً: - إنهم أجبن من أن يقولوا اسمينا صراحة.. - لكنك أفحمتهم.. ورددت كيدهم عليهم.. ضحك عبد العزيز وقال: - وانقلب السحر على الساحر.. - صحيح..
تأمل عبد العزيز ملامح علاء البريئة وسأله: - كأنك كنت تبحث عني؟ - آه.. فعلا لكن أولئك الفئران.. شغلوني - دعك منهم الآن وطمئني.. من اتصل عليك وخرجت مسرعًا؟ تذكر علاء تلك الأحداث فصرخ قائلا: - أنا مذهول بما حدث وأشعر وكأنه حلم أخاف أن أستيقظ منه فاصدم بالواقع.. - هيا شوقتني.. - أخشى أن أخبرك فلا تصدقني.. - ستخبرني أم أقرص أذنك؟ - ليتك تفعل حتى أتأكد أني لا أحلم! طالعه عبد العزيز بصبر نافذ ثم قرص أذنه بلطف فقال علاء مستسلمًا: - حسنًا.. سأقول، ولكن سرح أذني.. سرح عبد العزيز أذنه وهو يضحك فقال علاء: - اسمع يا سيدي... - سمعت.. - أرأيت؟؟ أنت الذي تقاطعني.. - لن أقاطعك هيا تكلم.. - لقد اتصل بي عمي وطلب أن يلقاني في القهوة.. وطلب لي كوبًا من الشاي.. وطلب لنفسه شيشة.. - المهم.. دعك من التفاصيل الصغيرة أخبرني ماذا قال لك؟ ضحك علاء وقال: - لابد أن أشوقك.. - يبدو أنك ستفقد أذنك اليوم.. ضغط علاء على نفسه ليكتم ضحكاته بالقوة ثم تابع: - قال لي الزواج سنة الحياة والشاب عندما يكبر يجب أن يستقر ويتزوج فتاة تساعده وتخدمه! - طلبك فقط ليعطيك محاضرة عن الزواج!! - هذا ما بدأ به حديثه.. - ثم؟ - ثم سألني لماذا لا تتزوج علاء؟
فتح عبد العزيز عيناه على مصراعيهما وقد أسكتته الدهشة فصرخ علاء قائلاً: - ألم أقل لك أن الأمر كالحلم؟ - هذا هو عمك بكر الذي حدثتني عنه أم أحدٌ غيره؟ - بلى هو ذاته.. - سبحان الله.. وماذا قلت له؟ - بعد أن أفقت من غيبوبة الصدمة وقلت له أنني كنت فعلاً أفكر في الأمر.. لكني لا أملك المصاريف.. - لا تقل لي أنه عرض عليك أن يساعدك؟
هز علاء رأسه بالإيجاب وهو يبتسم فسأله عبد العزيز: - وما هي ردة فعلك أنت؟ - شكرته.. وقلت له أني لن أتعبه في البحث عن عروس.. ضحك عبد العزيز وقال: - ألم يتفاجأ عندما أخبرته بوجود عروس؟ - تفاجأ طبعًا وسألني عنها فقلت له أنها صديقة أختي.. - وهل هي صديقة أختك حقا؟ - هي تعرفها معرفة سطحية لأننا كنا جيران عندما كنا صغار.. لكنهما ليستا صديقتين.. لكني لم أحب أن أقول له أني أعرفها - جيد أن لا توضح له أنك على علاقة بها، لكن كان عليك أن لا تكذب.. - لم يكن أمامي خيارًا آخر (صمت قيلاً يفكر ثم قال) : رغم أنه لم يقل أي شيء ألا أني متأكد أن لعمي فائدة من تزويجي.. - يا رجل قدّم النية الحسنة.. - نية حسنة مع عمي بكر!!
ضرب عبد العزيز كف علاء وقال بتفاؤل: - بغض النظر عن نية عمك.. المهم أننا سنفرح بك يا عريس.. ارتسمت على شفتي علاء ابتسامة عريضة وتشرب وجهه الأسمر بحمرة الخجل وعقب قائلا: - المهم أن يوافق كريم.. - ومن هو كريم؟ ضحك علاء وقال: - والدها.. رد عبد العزيز بلهجته المتفائلة المعهودة: - سيوافق إن شاء الله.. (ثم التفت إليه وتابع قائلاً) : أرأيت نتائج وصفتي؟ طالعه علاء بانبهار وقال له: - الحق.. إنها وصفة سحرية.. من يتوقع أن يأتي عمي بكر ويعرض علي هذا العرض السخي!.. ويكون قلبه لينًا علي لهذه الدرجة.. بصراحة لو حدث هذا مع أحدٌ غيري ما صدقته.. - لا تعجب من أمر الله يا علاء.. فالكون كله ملكه وهو المتصرف فيه.. {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.. - لا أستطيع حتى الآن أن أصدق ما حدث.. كأنه سحر ورب العزة.. ألا ترى ذلك معي؟ - إن الله قريب منا يا علاء.. يجيب دعواتنا إذا دعوناه بصدق ويقين وابتعدنا عن المعاصي والذنوب لأنها من أهم أسباب انقطاع الرزق ومحق البركة.. التوبة والاستغفار والدعاء المخلص هم من يجلب الرزق والبركة والتوفيق.. وهي من أسباب استجابة الدعاء.. - ونعم بالله.. في الحقيقة أنني لم اشعر بهذه المشاعر من قبل.. - يبدو أن زواجك من هذه الفتاة خير وبركة عليك يا علاء.. تنهد علاء ونفسه مشحونة بالرضا.. وهو يتخيل نجلاء التي تسكن قلبه.. وينبض فؤاده بحبها.. وأحس أن كل ما كان يساوره من مخاوف بدأ يتبدد.. ثم قال: - ادعي لي بالثبات والتوفيق يا عبد العزيز..
طالعه صاحبه بحنان وقال وهو يضغط على يده بقوة: - أكيد أدعي لك، بدون توصية يا أخي. تبادلا نظرات مشحونة بالمودة ثم قاما لعمل الجرد اليومي فقد انتهى الدوام.
المشهد الرابع الزمان: نفس الزمان المكان: بيت بكر عم علاء
دخل بكر على زوجته التي كانت تنتظره بفارغ الصبر والتي ما أن وقع بصرها عليه حتى صرخت بلهفة: - هه.. أخبرني ماذا فعلت؟ ألقى بجسده على الفراش بعد أن رمى سترته بعيدًا وقد بدا عليه الضيق ففهمت أنه فشل في مهمته دون أن يتكلم فقالت هي: - هل رفض أن يقابلك؟ هز بكر رأسه بالسلب فسألت ثانية: - ألم يوافق على الزواج؟ أكيد رفض عنادًا فينا.. جلست إلى جانبه وتابعت قائلة: - .. أنا أعرف ابن أخيك.. يكره أن يفعل شيء نطلبه منه حتى لو كان فيه مصلحته.. هزت أكتافه وقالت بصبر نافذ: - إلى متى ستضل ساكتًا أخبرني بما حدث.. اعتدل في جلسته وقال وهو يتذكر الأحداث الفائتة: - كأن في الأمر سحر يا سامية.. - سحر من أي نوع؟ - لا أدري.. - لولا أنه يبدو عليك الاستياء لقلت أنه هو الذي فاتحك في الموضوع.. وطلب منك يد البنت.. قال بضيق: - لم يفعل.. - هل فعلت ما قلته لك حرفيًا؟ رفع صوته بغضب قائلاً: - مشيت على نفس السيناريو الذي وضعته يا حضرة المخرجة الباهرة.. وليتني ما فعلت.. هذا الذي يمشي وراء مشورة النساء.. قالت وفكرة رفض علاء تسيطر على تفكيرها: - لماذا؟ ألم تعرض عليه أنك ستساعده؟ - عرضت.. - لماذا رفض إذًا؟ - ليته رفض.. - ماذا تعني؟ أقلقتني.. - ما أن فاتحته في الموضوع حتى قال لي أنه يرغب في خطبة صديقة ناريمان.. - صديقة تلك الطفلة البدينة! - قلت لك الأفضل أن تكلمي ناريمان فهي بيدها أن تؤثر عليه.. لكنك رفضت.. لأن كرامتك لا تسمح لك.. دعي كرامتك تنفعك الآن.. - وأنت لماذا لم تكلمه عن سمر؟ - وهل تريديني أن أدلل على ابنتي يا امرأة؟ - طبعا تفعل بعقل وحكمة.. لا أن تستسلم لفكرة أن تزوجه من صديقة ناريمان! - ضاع مني الكلام ولم أعرف ماذا أقول له.. لا أعرف ما الذي أخرسني.. فوجود العروس التي يريدها أذهلني.. - ما زلنا فيها تذهب إليه ثانية وتكلمه مرة بالشدة ومرة باللين حتى تقنعه ويوافق.. - فات الأوان.. - لماذا؟ - ونحن جالسان في القهوة مر علينا كريم فناداه علاء واتفقنا معه على موعد.. - من كريم؟ - كريم الأحمد.. - كريم الأحمد جارنا؟؟ - هو بعينه - أنت أكيد تمزح مريم بنت إقبال مازالت في الإعدادي.. - ليس مريم وليس بنت إقبال.. - إذًا من؟ ابنة زوجته المطلقة؟ - نعم.. - والذي أسرى بمحمد أنت أحمق كيف تفعل ذلك؟ - لن تصدقي كيف أن الأمور جرت بسرعة وكأنه مخططًا لها.. كأنه سحر.. قالت باستخفاف: - سحر؟؟ أم أنك لم تجد التصرف؟ - أنا لم أجد التصرف؟؟ أم فكرتك البلهاء؟ - فكرتي أنا البلهاء أم أنت... (توقفت قليلاً وكأنها تذكرت شيئًا ما ثم قالت بقلق) : أخاف أن السحر قد جعلك تخبره بشأن البيت أيضًا؟ - لا لم أخبره.. تنفست الصعداء ثم قالت: - هذا هو الشيء الوحيد الذي أجدته.. لو كنت أخبرته لخسرنا كل شيء.. - مصيره يعرف.. - ليس من مصلحتنا أن يعرف الآن (سكتت قليلا ثم سألته) : ومتى موعد زيارة بيت كريم؟ - ومن قال لك أني سأذهب معه فليذهب إلى الجحيم.. قالت بخبث: - لا يا عزيزي إذا فعلت ذلك وخذلته لن يثق بك ثانية.. - والحل؟ - الحل هو أن تكسبه في صفك.. تذهب معه لخطبة ابنة كريم
فتح بكر عينيه وفمه على مصراعيهم تعبيرًا عن دهشة كبيرة وقال: - ناقص أن تقولي ارقص في عرسه أيضًا!! - طبعًا لأنه عرسه سيكون عرس ابنتنا.. - كيف؟ - اسمعني حتى النهاية.. - قولي يا فيلسوفه.. - كريم لن يوافق أن يزوج ابنته لواحد مثل علاء.. - وإذا وافق؟ - هذه مهمتك أنت.. أن تزهد كريم في علاء والعكس.. - ولماذا هذا كله.. لا أذهب منذ البداية وانتهى الأمر.. - إذا لم تذهب معه أنت سيجد أحدٌ غيرك يذهب معه.. لكن إذا ذهبت أنت ووضحت لكريم وضع ابن أخيك المادي وأنه يعمل في محل تجاري وبالكاد يجد قوت يومه وأنه مسؤول كذلك عن أخته ودراستها وأنه سيسكن ابنته في شقة حقيرة ليس لها فيها سوى غرفة واحدة وبقية الشقة ستشاركها فيها أخته البدينة وأنه لن يستطيع أن يشتري لها حتى فستان واحد في السنة.. هل تشك أنه بعد مثل هذه الديباجة سيوافق؟ نظر إليها بانبهار وقال: - أنت داهية.. ابتسمت ثم تابعت قائلة: - ثم تقول لعلاء أن ابنة عمه ستره وغطاؤه وأنك تشتري رجل ولا يهمك مال الدنيا الزائل فيقتنع أنه لن يجد من ترضى به وسيشعر تجاهنا بالامتنان لأننا قبلنا تزويجه لابنتنا رغم ظروفه السيئة وبهذا تنتهي القصة لصالحنا.. نظر إليها ومازالت عيناه مشحونة بالانبهار من فكرتها التي أقل ما يقال عنها أنها جهنمية بالنسبة إليه.. وهز رأسه موافقاً. | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الخميس يونيو 12, 2008 2:13 pm | |
| المشهد الخامس الزمان: نفس الزمان المكان: مؤسسة مناع للحديد والصلب
رجلٌ جالسٌ في مكتب صغير في غرفة تشبه الممر يقترب منه رجلا آخر ويجلس على الكرسي الذي أمامه ويقول له هامسًا: - لقد نجح حمزة في مهمته.. يرفع الرجل الأول رأسه مركزًا عينيه في وجه محدثه قائلاً بذهول: - أحقا؟ يضع الرجل الثاني رجله فوق الأخرى ويسند ظهره على الكرسي ويقول: - أجل وسيحتفل معنا في يخت في عرض البحر على عشاء فاخر قال الآخر وقد سال لعابه: - هذا الحمزة رائع لا ينسى أصحابه.. قال الأخر مناكفًا: - ومن قال أنك من أصحابه؟ - نعم؟؟ أنا صاحبه قبلك يا كمال - لو كنت صاحبه كما تقول لدعاك بنفسه - وقد جئت أدعوه بنفسي التفتا لصاحب الصوت القادم من داخل غرفة قريبة من المكتب فقال الأول بعد أن نفخ صدره بالهواء: - أسمعت ما قاله كمال يا حمزة؟ رد حمزة بمرح وهو يقترب منهما: - سمعت ولذا جئت لأنصفك من هذا الظالم.. وقف ومد يده مصافحا حمزة ثم قال: - هكذا الأصدقاء وإلا فلا.. (شد على يده بقوة ثم قال) : ألف مبروك يا عزيزي - أشكرك يا فهمي.. قال كمال: - يعني أنا طلعت ظالم هه! ضحك حمزة وقال: حتى تتوقف عن مزاحك الثقيل.. (ثم التفتت لفهمي وقال وهو يغمز له بعينه) : - لا تنسى أن تحضر الحفل.. - أكيد سأكون أول الحاضرين كانت يده مازالت في يد حمزة فأفلتها بعد أن ربت عليها بيده الأخرى.. ثم لوح بها لحمزة الذي دلف خارجًا من المكان.
المشهد السادس الزمان: في يوم زيارة علاء وعمه بكر لبيت نجلاء المكان: بيت نجلاء
دخلت مريم على نجلاء التي كانت تدرس وهمست في أذنها قائلة: - هل تعلمين من الذي في غرفة الجلوس مع أبي؟ - من؟؟ - عريس.. انتفضت نجلاء واهتزت عضلة قلبها بقوة واستمعت لمريم التي تابعت قائلة بلهجة مشحونة بالإحباط: - اعتقدت أنني سأتزوج قبلك.. لكن يبدو أنك ستتزوجين قبلي.. - ومن قال لك أني أريد أن أتزوج؟ - يعني لا تريدينه؟ - طبعًا لا.. - لو كان وسيمًا أكثر ولو لم يكن بدينًا.. لأخذته أنا.. - ومن هو؟ - هل تذكرين علاء؟ ردت نجلاء ببلاهة وهي لا تستوعب ما يجري: - من علاء؟ ضربت مريم كفيها ببعضهما وقالت: - هل تذكرين البيت الذي احترق عندما كنا صغار.. ومات الأب وابنه وزوجة ابنه في الحريق؟ هزت نجلاء رأسها وهي غير مصدقة وهي تستمع لمريم التي قامت بسرد قصة تحفظها نجلاء عن ظهر قلب.. شعرت بالدوار وسقط الكتاب من يدها.. إلا أن مريم لم تنتبه لما انتاب أختها من أعراض وختمت كلامها قائلة: - لا تخبري أمي بأني أخبرتك.. وإلا فإنها لن تأمني على سر مرة أخرى..
ثم تركتها وغادرت الغرفة لتتابع بقية الحدث من الخارج.. تاركة إياها في حالة ذهول شديد.. وقد زاد شعورها بالدوار.. ورددت بحزن: لماذا يا علاء لماذا؟؟
وبعد أن غادر علاء وعمه.. اختلى كريم بزوجته في دارهما ليناقشا الحدث الجديد الذي أسعد إقبال كثيرًا.. بينما لم يكن لدى كريم الشعور ذاته وقال معبرًا عن رأيه: - هل تريديني أن أزوج ابنتي لعامل في محل تجاري إذا وجد لقمة أول الشهر لم يجد لقمة آخر الشهر؟ هل تظنين أن نجلاء رخيصة عندي؟ - أغلب الشباب مثله هذه الأيام حتى خريجي الجامعات يعملون في المحلات وورش السيارات.. - أنت لم تسمعي ماذا قال عمه عنه.. لم أكن أعرف أنه طيب هكذا.. لقد شرح لي حالة ابن أخيه بالتفصيل.. - وهو ماذا قال؟ - العريس؟ - نعم.. - كان يجلس كالأبله.. ماذا عساه أن يقول يعني؟ ليس لديه حتى قيمة المهر ويفكر في الزواج.. شباب آخر زمن! - لا تأخذ الأمر بحساسية يا عزيزي.. إنها فرصة يا كريم ليهدأ البيت من مشاكل نجلاء معي ومع أخواتها.. نظر إليها بغضب وصرخ قائلاً: - هل صارت ابنتي همًا تريدين التخلص منه يا إقبال؟
أحست أنها استفزت زوجها بكلامها فقالت لتصلح خطأها: - لم أقصد.. بل قصدت أن نفرح بها.. إنها مثل ابنتي كما تعلم وكم يسعدني أن أراها عروس، وأري أولادها.. هز رأسه ببرود وهو يسخر في نفسه من طريقة تبريرها.. وقال وهو يأخذ نفسا عميقًا من سيجارته التي شارفت على الانتهاء: - أعلم، لكنها مازالت صغيرة على أن تفرحي بها، هي لم تحصل حتى على الشهادة الثانوية بعد.. - وماذا في ذلك؟ تتزوج وتدرس أين المشكلة؟ الكثير من الفتيات يفعلن ذلك.. - إنها صغيرة على هكذا مسؤوليات.. وسيكون تعبًا عليها أن تتحمل مسؤولية بيت ورجل وأولاد ودراسة.. عندما تكبر قليلا سأجعلك تفرحين بها وترقصين في عرسها أيضًا.. قال ذلك وهو يطفئ السيجارة في صحن كان أمامه.. فقالت وقد أغاظتها ردة فعله الباردة: - صغيرة؟ أطول مني وصغيرة! - وماذا لو جاء خاطبًا مريم؟ هل كنت ستوافقين؟ - لو كان هذا العريس لمريم كنت سأقول معك حق لأنها فعلا صغيرة وساذجة أما نجلاء فهي راشدة وعاقلة وتستطيع تحمل... قاطعها قائلا بسخط: - لأنها ساذجة!! أم لأنها ابنتك؟ - يا سلام عليك نجلاء ابنتي أيضا وأحب لها الخير وأتمنى أن أفرح بها.. - ستفرحين بها ولكن كل شيء له أوان.. وأوان زواجها لم يحن بعد.. فهمت؟ ثم نهض وغادر الغرفة هربًا من إلحاحها.. الذي كان متأكدًا أنه لن يرتاح منه أبدًا حتى ينفذ لها ما تريد.
المشهد السابع الزمان: وقت الاستراحة.. المكان: مدرسة البنات..
اجتمعت بنات شلة تسنيم المحبة في ساحة المدرسة وتحت شجرتهن المفضلة.. لم تكن نجلاء طبيعية.. ورفضت أن تأكل.. فساور ميار القلق بشأنها وسألتها: - ما بك نجلاء تبدين مهمومة؟ طالعتها نجلاء بنظرة حزن مشربة بالانكسار.. كررت تغريد على مسامعها نفس سؤال ميار.. وأضافت: - هل فعلت أنطوانيت شيئا جديدا؟ لا تلوموني إذا ارتكبت في تلك المرأة جريمة قتل. ضحكت ميار وقالت: - سأشاركك يا تغريد لو احتجت للمساعدة.. عندما ضحكت تغريد وميار على تلك الدعابة لم تشاركهما تغريد بل تنهدت بألم ولم تعقب.. فسألتها تغريد بقلق: - هيا نجلاء أقلقنا صمتك.. نظرت نجلاء إليهما وخرجت من بوتقة صمتها قائلة: - لن تفهماني لو أخبرتكما بمشاعري.. - أمعقول أن لا نفهمك ونحن صديقات وأخوات؟ - هيا قولي.. - علاء.. - ما به علاء؟ هل أصابه مكروه لا سمح الله؟ - لا.. - إذا ماذا؟ - قابل أبي وخطبني.. قفزت تغريد من مكانها وراحت تدور حول نجلاء في جذل أما ميار فأخذت تصفق ثم وضعت يديها على كتفي نجلاء وقالت لها وقلبها يرقص فرحا: - مليون مبروك يا حبيبتي ردت نجلاء وهي تلمس الفرح في ردة فعليهما: - أسعدكما الخبر لهذه الدرجة؟؟ ردت ميار بسرعة: - طبعًا.. فنحن مذ ماتت سارة لم نفرح.. قالت تغريد والابتسامة ترتسم على شفتيها: - لولا أننا في المدرسة لكنت رقصت من الفرح.. إلا أن تتلك الابتسامة سرعان ما تبددت عندما لمحت الحزن يرتسم على وجه نجلاء.. وسألتها بلهجة تعجب: - ألم تفرحي أنت؟ تنهدت نجلاء وقد بدا عليها الهم فقالت ميار: - ألم يوافق أباك؟ - أخاف أن أنطوانيت هي التي اعترضت! - لا شأن لأبي ولا أنطوانيت بالأمر - إذًا ماذا؟ - أنا لا أريد.. تملكت ميار وتغريد الدهشة وصرختا بصوت واحد: - لماذا؟ تهربت نجلاء من الإجابة بأن قالت: - ألم أقل لكما أنكما لن تفهماني.. - وضحي لنا كي نفهم..
في تلك اللحظة دق جرس معلنًا انتهاء فترة الاستراحة فكانت نجلاء أول من نهض من بنات الشلة متوجة نحو فصلها.. بينما أخذت صديقتيها تتمشيان على مهلهما.. قالت تغريد: - أسمعت ما سمعت؟ - أيعقل أن لا تفرح عندما خطبها علاء الذي تذوب فيه حبًا؟ - ربما هي لا تحبه.. - كيف لا تحبه؟ أنت لم تري كيف تترقب رؤيته عندما نخرج من المدرسة.. ولم تري الفرحة التي تشرق في وجهها حين تراه ينتظرها عند ناصية الشارع.. ألم تلاحظي ملامحها عندما تتكلم عنه؟ - أعرف أنها تحبه لكني مستغربة من ردة فعلها.. ولذلك قلت أنها لا تحبه لدرجة أنها تتمنى أن تتزوجه.. - إذًا لماذا هي مكتئبة؟ - تعتقدين أن انفصال والديها هو الذي جعلها تصاب بالخوف من الفشل.. وجعلها تتعقد من الزواج؟ - لا أعتقد أن هناك من ستفكر هكذا لو خطبها من تحب.. بالعكس بل ستحلم بغد مشرق وحياة ناجحة معه.. نظرت إلى الأفق وكأنها تتخيل شيئًا ما.. وتابعت قائلة: - لو أحببت شخصًُا.. فإني سأحلم بالزواج منه.. وسأتمنى قربه إلى الأبد.. وسأسعى لإسعاده.. نظرت إليها ميار بتعجب.. لكنها غرقت أكثر في حلمها قائلة: - سأعيش معه في ود ومحبة ولن أغضبه أبدًا.. وسأنجب له الكثير من الأولاد.. - معقول يا تغريد؟ أنت تحلمين هكذا؟ تنهدت وكأنها تستطعم تلك الحياة التي تحلم بها: - لما لا أحلم؟ أنا فتاة مثل كل الفتيات اللاتي يحلمن بفارس الأحلام الوسيم الطيب الشهم الذي يأتي على فرس أبيض ويحلق بي بعيدًا.. قالت ميار وهي تتحدث بلهجة أكثر جدية من صاحبتها: - نجلاء حتى لو لم تفكر في أنها تتزوج الرجل الذي تحبه.. فهي من المفروض أن ترى في الزواج فرصة لتهرب من ظلم أنطوانيت وأولادها.. - حقًا معك حق.. - لكنها صغيرة.. وربما تتمنى أن تكمل دراستها بدل أن تغرق في بحر المسؤولية.. أليس كذلك؟ - ربما..
عند ذلك انتهى نقاشهما في موضوع نجلاء.. ودخلتا إلى الفصل.. فقد بدأت الحصة.
المشهد الثامن الزمان: بعد زفاف بنت زافي بعدة أيام.. المكان: مكتب زافي أسعد
كرامة تجلس مع زافي في مكتبه لأنه قد طلبها ليستكمل التحقيق بنفسه بعد أن تركه لفترة بين يدي بليغ.. قالت له كرامة قبل إن يبدأ أي حديث بخصوص القضية: - طمئني كيف كان حفل الزفاف؟ - لا أعرف كيف أصف لك سعادتي يا سيدة كرامة بصراحة كانت وداد أجمل عروس رأتها عيناي كل شيء كان رائعًا ليتك حضرت الحفل كان مكانك كان خاليًا.. - لا بأس، أنت تعرف الظروف ما زالت نفسيتي متعبة بسبب وفاة ابنتي.. ولا استطيع حضور أعراس.. هز رأسه متفهمًا إلا أنه قال مجاملة لها: - كان حفلاً جميلاً وأجمل ما فيه ثوب العروس.. ابتسمت وقالت تبادله المجاملة: - أكيد العروس هي التي حلت الفستان.. ضحك زافي وقد أفحمته جملتها ثم قال: - أخبرتني وداد أنك رفضت أن تخبريها عن سعر الفستان (ثم تابع بلهجة جادة) : لكنك ستخبرينني أنا.. - ألم تخبرك أني قلت لها أيضا أنه هدية عرسها؟ - هذا كثيرًا جدًا يا سيدة كرامة - ليس كثيرًا على وداد لقد أحببتها فهي اسم على مسمى.. - هذا من لطفك سيدتي.. - إنها تشبهك في دماثة خلقك.. ضحك زافي وقال مازحا: - الحمد لله أنها لا تشبهني في شيء آخر..
ساد الصمت بعد أن تلاشى صوت قهقهة زافي وشُحن المكان بالهدوء.. حتى طرق الباب طرقات عنيفة بعض الشيء بددت سكون ورومانسية المكان فقال زافي وبصره موجه نحو الباب: - تفضل يا بليغ (نظر إلى كرامة وقال مازحا) : رجلٌ شديد في كل شيء حتى عندما يستأذن في الدخول على رئيسه.. تقدم بليغ نحو الداخل وتراجع خطوة للوراء حين وقع بصره على كرامة بثوبها الأسود الأنيق رغم بساطة تصميمه والذي زاد بلونه الكاحل بشرتها تألقًا وبياضًا.. كانت تبدو وكأنها فتاة في العشرين من عمرها خاصة وأنها قد خسرت بضع كيلوات من وزنها.. فابتسم بخبث وقد راودته فكرة خبيثة كابتسامته وحدث نفسه قائلاً: كيف لا يتحمس لقضية امرأة تملك كل هذه الأنوثة والجمال! قطع سيل أفكاره زافي وهو يقول بلهجة جادة: - ما ذا عندك يا بليغ؟ تذكر ما جاء من أجله إلا أنه لم يحبذ الكلام في وجود كرامة فأشار لزافي أنه سيخبره فيما بعد وغادر المكان.
سنعود بعد قليل
| |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الخميس يونيو 12, 2008 2:14 pm | |
| كل يوم جمعة ان شاء الله سانزل جزء جديد ليكون التنزيل منظم
^_^ | |
|
| |
همم تناطح السحاب مشرفة منتدى الضحك والفرفشة
عدد الرسائل : 318 المزاج : فل اوبشن رقم العضوية : 37 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 14/04/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة السبت يونيو 14, 2008 8:58 pm | |
| واااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااو
القصه رووووووووووووووووعه روووووووووووووعه
يالله ياعهد ننتظرك
لاتحرقين اعصااابي والا ترى بحرق شعرك << ههههههههههااااااي أمزح معك
تسلمين عالقصه الروعه ياقلبي | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة السبت يونيو 14, 2008 10:50 pm | |
| الله يسلمج ياعمري
ولايهمج...
انزل لج حلقه يوم الجمعه ان شاء الله
^_^ | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة السبت يونيو 14, 2008 10:54 pm | |
|
الحلقة التاسعة عدنـــــــــا
كنا قد علمنا أن آخر تطورات القضية هي إيداع روزالي في الزنزانة لأنها المتهم الأول في قضية قتل سارة رغم أن كونها المذنبة لم يؤكد بعد.. وذلك بعد رفض كرامة إبقائها في بيتها لأنها كرهت أن تعيش معها تحت سقف واحد وهي تشك في أنها قاتلة ابنتها.
المشهد الأول:
المشهد الأول في هذه الحلقة هو نفس المشهد الذي انتهت عليه الحلقة السابقة حيث كان زافي يحدث كرامة عن حفل زفاف ابنته وداد، وإثناء ذلك دخل عليهما بليغ وقطع حديثهما الودي ذاك، ورغم أنه كان لديه ما يقوله لزافي إلا أنه غيّر رأيه عند رؤيته لكرامة وخرج.
أغلق خلفه الباب وباله مشغول بالكثير من الأفكار التقى بعصام في الممر فاستوقفه بأن أمسك يده وقال له هامسًا: - انتظر إلى أين أنت ذاهب؟ - سأذهب لمكتب العقيد.. - قصدك مخدع العشاق؟ رد عصام ببراءة: - أي عشاق؟ - رئيسك وكرامة سنبل..
تفاجأ عصام بكلمات بليغ وتجمد مكانه ويد بليغ مازالت تقبض على ساعده بقوة وسأل ببلاهة وهو لا يستوعب ما سمع: - أنت ماذا تقول؟ - إنهما يعيشان قصة حب جميلة دخلت عليهما منذ قليل فتضايقا من وجودي.. لا تفعل مثلي وتنغص عليهما.. وتفسد الجو الرومانسي.. - لكني أريده في أمر مهم.. سرح بليغ يده وقال: - أنت حر.. لكن عليك تحمل مسؤولية تصرفك.. ثم ابتعد وصوت ضحكاته يضج في المكان تاركًا عصام مذهولاً من كلماته الجريئة، تقدم نحو مكتب زافي وطرق الباب طرقات مترددة ناعمة.. فجاءه صوت زافي الجهوري وهو يقول: - تفضل يا عصام.. حدث عصام نفسه قائلاً: أكان يتوقع حضوري؟ أم كيف عرف أني قادم؟ فتح الباب ببطء وتقدم بخطوات ثقيلة فوجد زافي جالسًا على مكتبه وكرامة في الكرسي المقابل له.. حدثه زافي قائلاً: - سبحان الله تمنيت حضورك فرأيتك أمامي.. تعال يا عصام.. أشار له بالجلوس على كرسي قريب منه.. ثم قال محدثًا كرامة: - عصام.. من أذكى الجنود الذين تحت إمرتي.. (نظر إلى عصام الذي استوى على الكرسي وتابع قائلاً) : لا تخيب ظني يا عصام.. فأنا أمدحك أمام أم سارة لتكتشف قاتل ابنتها..
ابتسم عصام لإطراء زافي وقال بتواضع مشرب بالخجل: - ليس لدرجة أن أكتشف قاتلاً أيها العقيد.. ربت زافي على يده وقال: - كن متفائلاً وثق بقدراتك.. هز عصام رأسه, فابتسم زافي وتنهد بعمق وشبك بين أصابعه وقال وهو ينظر للزهور الصغيرة البيضاء التي تزين فستان كرامة الأسود: - ندخل في الجد سيدتي؟ هزت كرامة رأسها وأبدت الاستعداد فسألها: - عندما قمنا بتفتيش شقتك وجدنا مجموعة من الأدوية، هل عندك فكرة عن مصدرها؟ - أنا أحيانًا.. أشتري بعض المسكنات وأدوية الرشح والكحة. - ولماذا؟ - أنا أكره الذهاب للمستشفيات.. ولذلك أشتريها لوقت الحاجة.. - هل تشترينها شراء عشوائيًا.. أم شراء دوري؟ - لم أفهم ماذا تعني.. - أقصد.. متى تقومين بشراء الدواء؟ عندما تنتهي الكمية أم أنك تشتري بصفة عشوائية بغض النظر عن وجوده في البيت أم لا! - ليس عندي وقت لأتفقد الأدوية فرغت أم لا.. - يعني تعبئة عشوائية!! - تستطيع أن تقول ذلك.. - ألا تنتهي صلاحيتها قبل أن تستهلك؟ - بلى.. يحدث ذلك كثيرًا.. لكن ذلك أفضل من أحتاج شيئًا ولا أجده.. فأنا كثيرًا ما أصاب بالصداع والرشح لا يفارقني إلا أيام قليلة من السنة.. - خلال كم يتم استهلاك تلك الأدوية؟ - شهرين, ثلاثة أشهر أكثر أقل.. أحيانًا تنتهي صلاحيتها وتقوم الخادمة بإتلافها.. - متى آخر مرة اشتريت أدوية جديدة؟ - قبل عشرة أيام من وفاة سارة تقريبًا..
تفاجأ زافي لكنه حاول إخفاء دهشته حتى لا تلحظها كرامة.. لكنه لفت انتباه عصام بحركة افتعلها فهز عصام رأسه معبرًا عن فهمه فتابع زافي يسألها: - خلال العشرة أيام.. ألم تستهلك تلك الأدوية؟ - لا أعتقد.. - متى آخر مرة تناولت دواء منها؟ - لا أذكر أني استخدمت منها شيئًا.. فقد وضعت علبة مسكن في حقيبتي.. ولم أحتاج غيرها طوال تلك الفترة.. صمت ليفكر قليلاً.. ثم أخرج علبة دواء من أحد أدراج مكتبه وقال: - هل تعرفين لماذا تستخدم علبة الدواء هذه؟ تأملتها وهي بين يديه وقالت بلهجة حائرة: - لا أدري بالضبط، أعتقد أنها علبة مضاد حيوي.. - هل أنت من اشتراها؟ - ربما.. لا أذكر.. - هل كانت سارة تأخذ من هذه الأدوية؟ فكرت قليلا ثم قالت: - أحيانًا.. - هل كانت متعودة على استخدام الأدوية؟ - أكيد عندما تحتاج تفعل.. - هل كانت تفرط في استخدامها؟ - لا أعتقد.. - ألم يحصل واشتريت دواء للقلب؟ ردت بسخرية: - ولماذا أشتريه؟ - وماذا عن سارة؟ هل تشتري أدوية؟ - هي تذهب للصيدلية مع السائق أحيانًا لكني لا أعرف ماذا تشتري بالضبط فأنا لا أذهب معها.. - يعني من الممكن أن تشتري أي شيء دون مراقبة!! انفعلت كرامة وقالت بنبرة عالية قليلا: - تأكد يا سيد زافي أن ابنتي عاقلة ولا تشتري أشياء ضارة أو غير مفيدة..
أثارت أسئلة زافي استفزازها لكنها حاولت الحفاظ على هدوؤها احترامًا له وتقديرًا للطفه معها.. فقد كرهت التلميحات التي تشير إلى أن سارة ماتت منتحرة.. فكانت تجيب على أسئلته بإجابات مبهمة مختصرة رغم أنها لم تكن تقصد ذلك.. بينما اكتفى زافي بما سألها إياه من أسئلة فقد فهم بدون أن يسأل المزيد أنه لن يحصل على المعلومات الدقيقة التي يريدها، من أم لا تعرف عن ابنتها أكثر مما يعرفه الجيران.. فغيّر مسار أسئلته وسألها قائلاً: - هل السائق يسكن بعيدًا عن البيت؟ - ليس ببعيد، بين سكنه وشقتنا خمس دقائق سيرًا على الأقدام.. - جيد، هل أستطيع أن أراه؟ - سأطلب منه أن يأتي لمقابلتك.. - أكون شاكرًا سيدتي.. تستطيعين أن تتفضلي الآن. قال تلك الجملة ثم طالعها بنظرة فهمت منها أن الاستجواب قد انتهى, وفي اللحظة التي همت فيها بالخروج, رن هاتفها النقال ودون أن ترد عرفت المتصل فاستأذنت وخرجت بتثاقل وهاتفها مازال يرن بنفس الرنة فردت هامسة: - نعم يا عزة.. أنا في قسم الشرطة ماذا عندك؟ - توقعت منك ذلك! - توقعت ماذا؟ - أن تنسي موعد الطبيبة - أوه، لقد نسيته فعلاً.. - هيا تعالي في ظرف عشر دقائق أريدك أن تكوني هنا..
أقفلت الخط وبسرعة توجهت بسيارتها حيث كانت عزة تنتظرها.. ثم توجهتا معًا إلى العيادة.. وجلستا في غرفة الانتظار.. كان على الكرسي المواجه لكرامة رجل ينظر إليها بنظرة عميقة جعلتها تشعر بالانزعاج لدرجة أنها غيرت مكانها حتى تتهرب من نظراته التي أقل ما يقال عنها أنها وقحة، لم تكن تلك النظرات شيء جديدًا عليها فأغلب الناس الذين كانت أعينهم تقع عليها ينظرون لها بنفس النظرة.. خاصة الرجال منهم.. كانت نظرات مشحونة بالانبهار بجمال ملامحها وقدها الرشيق وشعرها الأشقر الناعم أو نظرات الطمع فيها كأنثى والتي يتبعها بعضهم بكلمات الإعجاب والغزل.. لم تكن تلك النظرات المعجبة والكلمات الغزلية تسعدها ولا تثير داخلها الاغتباط والغرور.. بل على العكس, لكم أثارت في نفسها الحزن والألم.. لأن الشخص الذي تتمنى أن ينظر لها هذه النظرة ويقول لها تلك الكلمات لم يكن يفعل!!.. ولكم استسلمت لكونها مهملة في حياته.. بل وأقلمت نفسها على ذلك حتى وصلت لمرحلة التبلد والفتور.. وانخرطت في حياتها العملية لتعوض عطشها العاطفي في العمل والشهرة والأضواء.. حتى نسيت شيء اسمه عاطفة.. وغدت تعتبرها ضعفًا.. وشيئًا بلا أهمية!
بعد أكثر من ساعتين خرجتا معًا من العيادة ونزلتا في مقهى تنيره أضواء صفراء خافتة وبعض الشموع.. لكن هدوء ورومانسية المكان لم تغير شيئًا من نفسية كرامة التي كانت تشعر بالاستياء والضيق.. فقالت بضجر معبرة عن ما يحتويها من سلبية: - ننتظر ساعتين لنرى الطبيبة خمس دقائق! ردت عزة وهي ترشف بعض القهوة من كوبها: - فعلاً، العيادة مزدحمة بالمراجعين والانتظار مزعج.. (سكتت قليلاً ثم قالت بمرح) : يبدو أن كل الناس يرغبون بإنجاب الأولاد.. - أف، هل سأذهب هناك مرة أخرى وأضيع وقتي؟ إذا كان الوضع هكذا فأني لن أذهب إليهم مرة أخرى..
ضحكت عزة لدرجة أن أكتافها اهتزت من شدة الضحك فأثار ذلك ضيق كرامة التي صرخت فيها قائلة: - اضحكي ما الذي يهمك؟ قالت عزة وهي ما تزال تضحك: - ما رأيك أن يذهبوا هم إلى بيتك؟ - يكون أفضل! - سأقترح عليهم ذلك..
تنهدت كرامة ووضعت يدها على خدها وهي تحرك الملعقة الصغيرة داخل كوب الشاي بيدها الأخرى.. فقالت لها عزة بعد أن انتهت من نوبة الضحك واستعادت جديتها: - إذا لم تذهبي لن يترجوك لتفعلي.. أنت ستخسرين.. أما هم فلديهم الكثير من الزبائن المستعدين للصبر وتلقي العلاج.. - أنا أكره المستشفيات.. - ومن يحبها؟ لولا أننا مضطرين ما كنا ذهبنا إليها أبدًا..
هزت كرامة رأسها وهي تشعر أن كلمة (الاضطرار) وصفت حالها.. فارتسم الحزن على ملامح وجهها الأبيض وقالت بدون مقدمات وكأنها تكمل حديثًا يدور بخلدها: - فتحي دائمًا يلومني يا عزة ويقول أني سبب موت سارة, أيعقل أن أتسبب في موت ابنتي الوحيدة؟؟ - كيف تكونين أنت السبب؟ - إنه مقتنع أنها ماتت منتحرة ولذلك يلقي اللوم علي ويقول أني لم أهتم بها ولذلك انتحرت.. (سكتت قليلا ثم قالت) : كل هذا ليشعرني بتأنيب الضمير..
حدثت عزة نفسها قائلة: كل هذا ولم تشعري بتأنيب الضمير؟ هذه مصيبة! تابعت كرامة قائلة بسخط: - يتكلم وكأنه هو كان يهتم بها ويرعاها! قالت عزة بأسى: - كم كانت تلك الطفلة ضائعة بينكما.. - أنت تؤيدين كلامه؟ هل يمكن لبنت أن تنتحر لمجرد أنها تريد أحد يحبها؟ - الحب والاهتمام والحنان مهمون يا كرامة.. لأنهم يشعرون الإنسان بالأمان ويجعلونه يحب الحياة.. ويدفعونه للنجاح والتفوق.
ردت كرامة باستخفاف: - عشنا بدونهم ونجحنا.. - لكن طول عمرنا ونحن نشعر أنه ينقصنا شيء مهم ولذلك نشأنا هشين من الداخل.. نبدي شخصية قوية أمام الناس بينما نحن نفوسنا ضعيفة.. ونشعر بالنقص أمام الآخرين! - تكلمي عن نفسك.. فأنا لا أشعر بالنقص أمام أحد.. - الحب حاجة من الاحتياجات الإنسانية وكلنا بحاجة إليه.. ولا داعي لأن تستثني نفسك.. - الحب شيء كمالي.. لكن المال والشهرة والنفوذ.. هي البناء الحقيقي للإنسان.. وما الحب إلا وهم في قلوب الهاربين من الواقع.. - أعتقد أن سارة حالمة، ورومانسية تبحث عن الحب والاهتمام.. وربما اليأس من اهتمامكما جعلها تفني حياتها.. تلك المسكينة.. طالعتها كرامة بنظرة حادة وقالت: - يعني أنت مقتنعة بكلام فتحي؟ هل ممكن لسارة أن تنتحر لمجرد أني انشغلت عنها قليلاً؟.. سارة أعقل من أن تفكر بهذه الطريقة.. نظرت إليها عزة بنظرة عتاب وقالت: - لقد أبعدتني عن البنت.. كبرت بعيدًا عن عيني.. فكيف لي أن أعرف كيف كانت تفكر! - أنت السبب.. أنت سبب البعد والخلاف الذي صار بيننا أنت التي ضيعت ثروة والدنا في التفاهات.. ووزعتها على من لا يستحق ونحن في أمس الحاجة إليها.. لم ترد عزة رغم أنها كانت تغلي من الداخل.. واكتفت أن تقول: لا داعي لنبش الماضي فما فات قد مات.. ونحن أولاد اليوم.
طالعتها كرامة وهي ترفع كوب الشاي إلى فمها وتحدث نفسها قائلة: هذا لأنك تعرفين أنك مخطئة تقولين أننا أولاد اليوم.. جيد أنك عرفت ذلك..
بينما كان بداخل عزة حوار آخر متناقض تمامًا مع حوار أختها فكانت تحدث نفسها قائلة: ما أشد حبك لاتهام الآخرين.. أكانوا لا يستحقون في نظرك؟؟ لما لا وأنت أكبر أنانية في الكون؟ لولا أنهم أناس طيبون ما كانوا سامحوك أبدًا. طالعت كرامة ساعتها وقالت: - هيا بنا تأخرت عن المشغل. - حسنًا, هيا بنا..
وما هي إلا بضع دقائق حتى غادرتا المكان.. ومضت كل منهما إلى وجهتها المختلفة التي لم تتفق حتى بعد أن تصالحتا بعد خلاف استمر لسنوات طويلة.. فالقلوب لم تصفى بعد, والمياه لم تعد إلى مجاريها.
المشهد الثاني:
الزمان: مساء نفس اليوم المكان: بيت علاء
علاء متسمر على الأريكة أمام التلفاز الذي كان يضج بصوت أغنية كلماتها عن الفراق وخيبات الأمل في الحب.. ناريمان جالسة بجواره تتصفح مجلة أزياء وتأكل أصابع من البسكويت.. قالت وهي تغلق المجلة: - جميلة الفساتين.. أليس كذلك؟ تنهد بألم وقال باستسلام: - كذلك.. - مازلت تفكر في عمك؟ - لا أجد لتصرفه مبررًا.. - لا تلمه ولم نفسك.. - كل ما فعله بي وأنا الملام في نظرك يا آنسة ناريمان؟ - طبعًا لأنك وبعد كل ما فعله هو وزوجته بنا من قبل.. تثق به ثانية وتمسكه رقبتك.. وكأنك لا تعرفه!! - صفيت النية ووثقت به.. وصدقته.. - صفيت النية!! أم جاء على هواك!! تجاهل تلميحاتها وقال: - أتمنى أن أعرف ما هو هدفه مما فعل.. لماذا فعل كل هذا؟ - أراد أن يحرجك أمام أبو أمجد ويوصلك لما أنت فيه الآن.. - وما أدراه أصلاً أني أرغب في الزواج من ابنة أبو أمجد حتى يحيك خطة ليحرجني أمامه؟؟ - أراد أن يهينك.. بغض النظر أمام من!!
رن جرس الهاتف.. فقال لها علاء: ردي أنت.. أنا لا أريد أن أكلم أحدًا.. رفعت السماعة قائلة: - نعم! - السلام عليكم.. - وعليكم السلام.. - ممكن أكلم علاء لو سمحت؟ - لحظة..
طالعت علاء وهي تضع يدها على السماعة حتى لا يسمع المتصل الحوار الذي يدور بينها وبين أخيها ثم قالت: - إنه لك.. - من؟؟ إذا كان عمي بكر أنا غير موجود.. - عمك بكر سيتصل عليك منذ متى هذا الحب؟ - كلمني على النقال لكني لم أرد عليه.. - حسنًا, هذا ليس عمك.. - قولي أني غير موجود.. - علاء, أنا لن أكذب.. - تصرفي..
رفعت يدها من على السماعة وقالت: - هو مشغول الآن..من يتكلم؟
أجابها المتصل بعد أن ابتسم ابتسامة عذبة لأنه يعرف تأثير اسمه على صاحبه: - قولي له عبد العزيز..
وفعلاً لم يخب ظنه فما أن عرف علاء أنه هو المتصل حتى انتهب ناريمان السماعة وصرخ قائلاً: - ماذا يا عبد العزيز أتصل عليك ولا ترد! ضحك عبد العزيز وقال: - أتدلل عليك.. - أهذا وقت دلال؟ أنا أحتاج إليك.. - حسنًا.. أنا في المقهى.. تعال.. وبسرعة لبس علاء ملابسه وخرج متوجهًا نحو المقهى.. حيث التقى عبد العزيز هناك.. صافحه بحرارة.. وجلس معه في ركن قصي يحتسيان الشاي.. قال عبد العزيز معاتبًا: - هل لي أن أعرف سبب غيباك عن المركز؟ - أشعر بالإحباط والقهر.. والحزن وخيبة الأمل... أكمل من عندك وقل ما تشاء.. - كل هذا بسبب موقف عمك؟ - لم أتوقع من عمي أن يقول هذا الكلام.. لقد أهانني وأحرجني أمام والد البنت.. عراني ولم يبقى إلا أن يقول صراحة أنني لا أصلح للزواج! - وأنت لماذا لم تدافع عن نفسك؟ تنهد علاء وقال: - لقد ذهلت بما قال وشعرت أني كالأخرس.. ثم ماذا تريديني أن أقول؟ أكذب كلامه وهو لم يقل غير الحقيقة؟ - كنت قلت له إنك تدرس وأنك ستصبح مهندسًا.. وستؤمن لابنته مستقبلها إن شاء الله.. - آها.. متى سأتخرج ومتى سأصبح مهندسًا ومتى سأشتغل وأجمع المال؟؟.. أتريدني أن أتكلم عن سمك في ماء؟؟
هز عبد العزيز رأسه وقال ونبرة العتاب ما زالت في صوته: - لماذا يئست بسرعة هكذا؟ ألم تكن متفائلا ألم ترى الرسائل الربانية التي أرسلها الله لك؟ ألم يدهشك عرض عمك عليك؟ - بلى.. - من أرسله ومن لين قلبه؟ أليس الذي فعل كل ذلك بقادر على أن يدبر الأمر ويسهل العسير؟ أم أنك تخاذلت عند أول اختبار يختبرك إياه؟ وجزعت عند أول عقبة تقف في طريقك؟ أم أنك تريد أن يأتيك كل ما تريد على طبق من ذهب بدون أن تفعل شيئا؟ سكت علاء أمام عتاب عبد العزيز كطفل صغير وتمتم قائلا: - لم أقصد!!
ابتسم عبد العزيز بعذوبة كعادته.. وعاد إليه هدوءه سريعًا وقال: - إن الله سبحانه وتعالى يريدنا أن نسعى ونعمل.. فالسماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة يا صديقي.. - وماذا أفعل يعني؟ - كن واثقًا من نفسك وقدراتك.. اقتنع بها ليقتنع بها الآخرين.. بين لكريم أنك قادر على تحمل مسؤولية ابنته.. وأهل لها, استمر على نفس الوصفة التي سبق وأعطيتك إياها بدون تخاذل أو يأس وادع ربك الفتاح أن يفتح عليك ويجبر بخاطرك ويرد كيد أعدائك.. (ثم أخرج ورقة من جيبه وتابع قائلاً) : وأضف إليها هذه..
استلم علاء منه الورقة ووضعها في جيبه دون أن يفتحها.. ثم غادر كلاً منهما المقهى الذي كان يضج بالناس.
| |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة السبت يونيو 14, 2008 10:55 pm | |
| المشهد الثالث
الزمان: نفس الزمان المكان: بيت سارة
دخلت كرامة على فتحي الذي كان في المطبخ يغلي بعض الماء.. صرخ في وجهها حين وقع بصره عليها: -إلى متى سيستمر هذا الحال؟ إلى متى ستضل أعمال البيت كلها معلقة؟ وكل شيء قذر؟ ولا أحد يصنع لي حتى كوبًا من الشاي؟
سحبت كرسي المطبخ وجلست وقالت بدون اكترث وهي تقضم تفاحة: - كل هذا لأنك أتعبت نفسك وضغطت على زر السخان لتصنع لنفسك كوب شاي؟؟ - ملابسي يا مدام.. من يغسلها ويكويها؟ ماذا ألبس غدًا حين أذهب للمؤسسة؟ بل ماذا ألبس بعد قليل في عشاء العمل؟
ردت ببرود: - اذهب وافتح دولابك ستجد كل ملابسك التي كانت متسخة, نظيفة ومكوية وغرفتك نظيفة.. ومكتبك الذي بعثرت فيه الأوراق بالأمس نظيف ومرتب.. (طالعته بعمق وقالت) : هل يوجد شيء آخر يضايقك يا سيد فتحي؟ - من فعل كل هذا.. أنت؟ - ليس مهم من.. المهم أن كل شيء صار كما تريد.. فلا تصرخ ولا تغضب..
صب الماء المغلي في الكوب وجلس إلى جانبها وطالعها وهي تقضم باقي التفاحة: - عندما كانت روز هنا.. لم يكن هناك داع لأن أصرخ وأغضب.. فقد كانت تقوم بكل شيء.. حتى بدون أن يطلب منها أحد ذلك.. - هي لم تكن ساحرة.. أنها مجرد خادمة تقوم بأعمال منزلية بسيطة.. وأي أحد يمكنه أن يحل محلها.. - لقد تعودنا عليها وصارت تعرف طبائعنا.. - لا بأس غيرها يمكنه يتعود عليك أيضًا.. - يعني لا تتنازلي عن القضية؟ - لو كانت القضية قضيتي لكنت تنازلت.. ولو أنها سرقت ثروتي.. لكنت سامحتها.. (رفعت صوتها وتابعت قائلة وهي تضرب الطاولة بيدها) :لكن أن تقتل ابنتي فهذا ما لن أتساهل فيه.. وستنال عقابها على فعلتها تلك إن شاء الله.. - إذا كانت هي المذنبة فهي تستحق.. أما إذا كان لا... ألقت باقي التفاحة في سلة المهملات.. وقالت وهي تغسل يدها: - على فكرة العقيد يريد أن يراك - ولماذا؟ - وما أدراني أنا.. (قالت وهي تخرج من باب المطبخ) : إذا ذهبت عنده غدًا خذ معك ناصر الدين فهو يريده أيضًا..
تفاجأت به يعترض طريقها ويقول لها: - ما رأيك أن نتعشى في الخارج الليلة؟ - وما المناسبة؟ - بدون مناسبة.. اشتهيت أن أسهر معك.. - ألم تقل أن لديك عشاء عمل الليلة؟ - سأؤجله..
أبعدته عن طريقها متوجهة نحو الدرج.. وقالت بعد أن تنهدت تنهيدة طويلة: - شكرًا أنا متعبة وأريد أن أنام.. قال بإصرار: - لن أتركك حتى توافقي.. هيا وافقي..
دعاها إلى مطعم فخم خافت الأضواء تصدح فيه نغمات موسيقى رومانسية هادئة وأجلسها عند زاوية تطل على الشاطئ، جلس كلاً منهما يتناول عشاءه في صمت وكأنه وحده، كان بداخل كلاً منهما مقدار لا بأس به من السخط والاستياء تجاه الكثير من الأشياء والأشخاص، قال فتحي قاطعًا الصمت الذي ساد على جلستهما تلك: - هل أعجبك الطعام؟ هزت رأسها إيجابًا دون أن تتوقف عن الأكل فقال هو: - إنه لذيذ، يذكرني بطبخ روز.. لا تعلم لماذا شعرت وكأنه نطق باسم غريمة لها.. فزاد شعورها بالضيق وأحست أن الطعام كسم يحرق معدتها فتوقفت عن الأكل خشية أن تتقيأ.. سألها حين لاحظ عزوفها عن استكمال عشائها: - أشبعت؟ - نعم، الحمد لله.. قال وهو ما زال يأكل ويستلذ بالطعام: - ماذا كان يريد منك العقيد؟ ردت بسخرية: - ماذا يريد يعني؟ أن أصنع له فستانًا!! - لا طبعًا.. أكيد استجوبك وسألك عن سارة.. - ما شاء الله على ذكائك.. تجاهل سخريتها وتابع يسألها من جديد: - أخبريني ماذا قال لك! - لماذا تريد أن تعرف؟ - لأنه أكيد سيسألني أيضًا.. - إذا سألك ستعرف!
تذكرت حوار زافي معها وشعرت بالغيظ وقالت بنبرة قريبة من الهمس: - يبدو أنه يريد إثبات انتحار سارة! ضربت الجملة الأخيرة طبلة أذنه بقوة فتوقف عن الطعام ليسألها: - هو قال ذلك؟ - لم يقل صراحة لكن بدا لي وكأنه كذلك.. أخفى شعوره بالرضا وتابع طعامه بعد أن قال: - كنت متأكدًا من براءة تلك المسكينة.. حملقت فيه والشرر يتناثر من عينيها وضربت بيدها الطاولة بقوة وصرخت قائلة بعصبية: - أريد أن أعرف لماذا جئت بي إلى هنا.. ابتسم ببرود وهو ينظر لأمواج البحر الهائجة وقال: - حتى تستمتعي بوقتك يا عزيزتي.. أثارها بروده, فقالت وقد ارتفع صوتها أكثر: - لأستمتع بوقتي أم لتحرق دمي بالكلام عن تلك الخادمة المجرمة؟ لم يرفع عينيه عن أمواج البحر.. لكنه احتضن يدها بيده.. وقال لها بلهجة هادئة: - انظري لأمواج البحر, حتى في هيجانها تبدو رائعة وجميلة.. (ثم نقل بصره إليها يتأمل خصلات شعرها الشقراء التي تلاعبت بها نسمات الهواء، وأطال النظر إلى عينيها السوداويين المتلألئتان بفعل انعكاس الأضواء الخافتة عليهما وتابع قائلاً ويدها ما تزال في يده) : مثلك تمامًا رائعة حتى في هيجانك..
لم تشعر بنفسها.. إلا وهي تضغط على يده التي تمسك يدها وتنظر إليه وقد ألجمتها كلماته.. شعرت بمشاعر لم تعرفها من قبل.. وبدت وكأنها طفل صغير يجلس بين أحضان أمه.. أحست بالراحة.. ونسيت الضيق الذي كان يملؤها قبل قليل.. ورنت بأذنيها كلمات عزة: ((الحب والاهتمام والحنان مهمون يا كرامة.. لأنهم يشعرون الإنسان بالأمان ويجعلونه يحب الحياة)).. اتسعت ابتسامته حين لمح تأثير كلماته عليها.. وهمس قائلاً: - ما رأيك أن نتمشى قليلاً عند البحر؟
ابتسمت هي الأخرى ورغم ما كان بداخلها من شك وريبة تجاه لطفه معها إلا أنها وافقته في طلبه.. وقاما معًا متوجهين نحو البحر.
المشهد الرابع
الزمان: نفس الزمان المكان: بيت نجلاء
كانت نجلاء منهمكة في كتابة واجباتها لم تكن حاضرة بكل فكرها لكنها كانت تحاول أن تستحضر ما تستطيعه من تركيز وتهرب من أفكار كثيرة تراودها وتحرمها ليس من مذاكرة دروسها فقط بل من لذة النوم أيضًا! أطلت إقبال برأسها عليها أخذت نفسا عميقًا قبل أن تتخذ قرار الولوج إلى الغرفة جلست قريبًا من نجلاء التي سرعان ما فهمت سبب وجودها فقالت لها قبل أن تبدأ بالحديث: - إذا كنت تريدين أن تحدثيني في موضوع الزواج فوفري جهودك.. أنا مشغولة وليس عندي وقت لسماع أي شيء..
لوت إقبال فمها بضجر وعضت شفتها السفلى بقوة أسنانها لكنها لم تتراجع عن قرارها فقالت: - ولم لا نتحدث في الموضوع؟ لكم وددت أن أفرح بك، وأرى أولادك.. فأنا تهمني مصلحتك مثلك مثل أولادي تمامًا..
لم تبدي نجلاء أي ردة فعل بل ضلت تكتب في دفترها وهي تغلي من الداخل لدرجة أنها كتبت بالخطأ وسط السطور معبرة عما بداخلها: اسكتي وكفى نفاقًا.. بينما تابعت إقبال كلامها قائلة: - تخيلي أنك ستزينين بأحلى ماكياج وستلبسين الفستان الأبيض والذهب وتجلسين في الكوشة ثم تزفين لعريسك ونفرح بك ونرقص في حفلة زفافك.. وتكونين أجمل عروس..
تجمدت عينا نجلاء على وجه إقبال حين سمعت منها تلك الجملة الأخيرة ورغم أنها لاحظت تلك النظرة الجامدة إلا أنها تابعت قائلة بحماسة: أعرف أنها لحظة تتمناها أي بنت.. وأكيد أنت أيضًا تتمنيها.. فلا تهتمي لاعتراض والدك على زواجك فأنا سأتولى مهمة اقناعه.. لا تقلقي..
لوت نجلاء فمها وقالت: - أشكرك يا زوجة أبي الحنون لست بحاجة إلى خدماتك.. فأنا رأيي من رأي أبي ولا أريد أن أتزوج.. وفري جهودك لزواج مريم.. - قبل مريم أريد أن أفرح بك.. - وأنا لا أريد أن أفرح بنفسي.. - أنا أريد مصلحتك.. يا نجلاء.. - مصلحتي أنا؟ أم مصلحتك أنت؟ أعرف أنك تريدين أن ترتاحي مني ويصفى لك الجو لكن ثقي أنني لن أبلغك مرادك..
صكت إقبال على أسنانها بغضب إلا أنها استمرت تتحايل بمكر: - لا تسمحي أن يخدعك الشيطان فأنا يهمني مستقبلك.. تجمدت الدموع في عيني نجلاء وهمست قائلة بسخرية: - أنت يهمك مستقبلي؟ - طبعا يهمني مستقبلك.. - شكرًا.. لكن مستقبلي يهمني أكثر منك, اهتمي بنفسك فقط..
لم تيأس إقبال وضلت تلح على نجلاء التي ضاقت ذرعًا بإلحاحها وصرخت في وجهها قائلة: - هلا أطلقت سراحي وتركتني أدرس؟
قالت إقبال وهي تغادر الغرفة وتصفع الباب خلفها بقوة: - أنت هكذا عنيدة ولا تقدرين من يريد مصلحتك.. لكن ثقي يا نجلاء.. وأقسم بالذي أعطاني أولادي أن ما أريده هو ما سيحدث..
خرجت إلى الصالة ورفعت إقبال سماعة الهاتف الذي رن عدة مرات دون أن يجاوبه أحد.. جاءها صوت المتصل قائلاً: - أين أنتم ضننت أنكم خرجتم كنت سأقفل الخط.. - كنت مع نجلاء - لماذا؟ ماذا بها؟ - لا شيء.. كنت أحاول إقناعها بموضوع الزواج.. - لو أنا منك ما كنت زوجتها .. دعيها حتى تساعدك في البيت.. - تساعدني!!.. هذا كان قديمًا يا عزيزتي أما الآن فهي متمردة وعنيدة ولا تسمع كلامي.. وتفتعل المشاكل على أقل شيء.. وتثير الفتنة بيني وبين والدها وبين أخوتها أيضًا.. - إذا كان الأمر كذلك.. يحق لك أن تبعديها وتتخلصي منها.. - ولن يطيب لي عيش في بيتٍ هي فيه.. وقد أقسمت على ذلك..
كان كريم جالسًا في غرفة الجلوس القريبة من الصالة، وقد وصله كل ما قيل في تلك المكالمة التي دارت بين زوجته وجارتها.. كانت بجواه ابنته الصغيرة نارا تلعب.. فهمس في أذنها قائلاً: نادي نجلاء وقولي لها أن تأتي إلى هنا بسرعة.. بعد أقل من خمس دقائق دخلت عليه نجلاء.. طلب منها أن تحكم غلق الباب وتجلس إلى جواره.. طالعته بنظرة حزينة وقبل أن يقول لها أي شيء.. قالت له بلهجة مشحونة بالرجاء: - أرجوك يا أبي أنا لا أريد أن أتزوج.. مد يده الخشنة ذات الكف العريض والأصابع القصيرة ووضعها على رأسها وهمس قائلاً بحنان: - لا تخافي يا ابنتي لن أزوجك إلا برضاك ولرجل يستحقك (تأمل ملامح وجهها وركز نظراته على عينيها الدامعتين وتابع قائلاً) : سأزوجك لمن يقدر أنك ألماسة جميلة ويبذل كل ما في وسعه من أجل أن يرضيك ويحميك ويسعدك يا عزيزتي..
فاجأتها كلماته التي ملئت نفسها بالأمان والدفء إنها المرة الأولى التي يكون منها والدها بهذا القرب، أول مرة يكلمها بهدوء وحنان، وأول مرة يقول لها يا عزيزتي.. بل أول مرة يناديها بدل (نجلاء) بابنتي..
تمنت أن ترتمي بين أحضانه وتشكره وتقبل جبينه كما تفعل أي بنت مع أبيها لكن منعها حاجز بناه الجفاء بينها وبينه طيلة سبعة عشر عامًا وصعب عليها اختراقه في لحظة.. إلا أنها سحبت يده تقبلها ولسانها عاجز عن النطق.. رفع شعرها الناعم الذي انحدر كالشلال مع انحنائها على يده وقال لها بنفس لهجته الحنونة: - اذهبي وذاكري الآن أريدك أن تنجحي وتصبحي معلمة رائعة.. هزت رأسها بفرح وغادرت المكان وهو يتابعها بنظره حتى اختفت داخل غرفتها.
المشهد الخامس
الزمان: صباح اليوم التالي.. المكان: مكتب العقيد زافي..
دخل فتحي على زافي الذي كان منشغلاً بمراجعة بعض الأوراق.. تفرغ له ورحب به كما هي عادته مع أغلب الناس.. وما هي إلا دقائق حتى انضم لهما عصام وبدأ زافي أسئلته لفتحي قائلاً: - أثناء جولتنا التفتيشية لبيتك سيد فتحي وجدنا بعض الأدوية فهل عندك علم بمصدرها؟ - نعم, زوجتي تشتريها وتخزنها لوقت الحاجة.. - أليس غريبًا أن نجهز الدواء قبل المرض؟ - عادي جدًا..أعتقد أن الكثير من الناس يفعلون ذلك.. (سكت قليلاً ثم قال) : زوجتي صاحبة هفوات غريبة.. فهي لا تحب أن تحتاج شيئًا ولا تجده على الرغم من أن الصيدلية لا تبعد كثيرًا عن البيت لكن.. (ضحك ثم قال) : تستطيع أن تقول أنها هواية! شاركه زافي الضحك وقال مازحًا: - هل تعرف متى آخر مرة مارست فيها زوجتك هوايتها تلك؟ - لا..
أخرج نفس علبة الدواء التي عرضها عل كرامة من قبل.. وسأله: - علبة الدواء هذه.. ألم ترها من قبل؟ لم يتمعن في النظر إلى العلبة لكنه سكت قليلاً يفكر ثم قال: - قد أكون رأيتها، لكني لا أتذكر هي أو غيرها.. فكل الأدوية تتشابه.. - ألا تستخدم هذه الأدوية؟ - لا أجد لها داع أصلاً.. - لماذا؟ ألا تمرض؟ - بلى, لكني أفضل الأعشاب والأدوية الشعبية عليها.. - ألم تشرف يومًا على الأدوية وترى أن كانت قد انتهت صلاحيتها أم لا.. أو كانت الكمية بحاجة إلى تعبئة؟ - أبدًا.. فتلك مهمة كرامة.. - هل كانت سارة تفرط في استخدام الأدوية؟ - لا.. - هل حدث في الأيام السابقة لموت سارة أنها اشترت دواء للقلب أو ما شابه؟ - ليس عندي فكرة.. لكن هي تستطيع أن تخرج إلى أي مكان وتشتري ما تريد فوالدتها تدللها كثيرًا.. ولا تحرمها من شيء.. وربما هذا ما دفعها للموت.. - ماذا تعني؟ - قبل حادثة وفاتها بعدة أيام تشاجرت مع والدتها لأنها رفضت لها طلبًا.. - تشاجرت مع والدتها؟ لماذا؟ - ألم تخبرك؟ غريبة! - لا, لم تخبرني.. - الأفضل أن تستفسر منها بنفسك.. - أريد أن أسمع منك.. - طلبت سارة من والدتها أن تسافر لكنها رفضت.. طبعًا كرامة معها حق في رفضها فالوقت غير مناسب أصلاً للسفر.. لكن ابنتي (هز رأسه بأسى وتابع قائلاً) : تعودت على الدلال.. فغضبت من والدتها وخاصمتها.. - تعني أن سارة في الأيام القليلة قبل وفاتها لم تكن تتحدث لأمها؟ - تقريبًا.. لا! - وماذا عنك؟ - حاولت أن أراضيها وأصلح بينهما.. لكن سارة كانت عنيدة وأصرت على رأيها فلم أحب أن أضغط عليها وتركتها حتى تهدأ وحدها.. لكني لم أعلم أن عنادها سيوصلها لهذه النتيجة المأساوية.. - تبدو متأكدًا من أن سارة ماتت منتحرة!! - لست متأكدًا.. لكن سارة.... من يقدر على قتلها!! - كيف تفسر وجود الأقراص في كأس العصير إذًا؟ - هذا ما لم أجد له تفسيرًا.. يا سيدي.. أنا متحير فعلاً.. - يعني أنت تستبعد أن تكون روزالي قد قتلتها؟ - لا أعلم.. لكن هذا ما أتمناه.. - لماذا؟ - روز يا سيدي خدمتنا لسنوات طويلة.. منذ أن كانت سارة صغيرة ولا أعتقد أن يكون اتهامنا لها بهذه الطريقة هو مكافأة خدمتها.. (غيّر نبرة صوته وقال بسرعة) : أما إذا كانت هي المذنبة فتستحق الإعدام ألف مرة.. - كيف كانت علاقة سارة بروزالي؟ - جيدة.. فسارة كانت فتاة مسالمة ولطيفة.. ومحبوبة.. وروز كذلك!
بعد فترة خرج فتحي وجاء دور السائق.. فدخل علي زافي مكتبه.. كان يبدو في أواخر العقد الرابع من عمره أشيب الرأس له شارب غليظ وعينان واسعتان وأنف أفطس لكنه سمح الملامح هادئ النظرات، وكان يبدو عليه القلق، لدرجة أن يديه كانت ترتجف وصدره ينخفض ويرتفع بسرعة ملفتة للانتباه، وقد كان زافي من الذكاء حتى يدرك أن حالة هذا الرجل النفسية قد لا تبلغه ما يرنو من استجوابه فوقف حال تقدم الرجل وابتسم في وجهه بوداعة ومد يده مصافحا وهو يقول: - ناصر الدين أليس كذلك؟ تفاجأ الرجل بطريقة الترحيب به فتلفت وراءه قبل أن يدرك أن زافي قد نطق باسمه وقال بارتباك: - نعم, أنا ناصر.. - تفضل أجلس.. - ماذا تشرب؟ - لا شيء سيدي.. شكرًا لك.. - سأطلب لك عصيرًا من الليمون..
قال زافي بعد أن طلب الليمون: - لقد طلبناك من أجل قضية سارة.. هز الرجل رأسه فتابع زافي قائلاً: - سأسألك بعض الأسئلة.. - أنا جاهز يا سيدي.. كانت علامات القلق قد تبددت قليلاً.. وبدأ يشعر بقليل من الأمان.. خاصة بعد أن شرب عصير الليمون.. بدأ زافي أسئلته له قائلاً: - أخبرني, منذ متى وأنت تعمل عند عائلة الحاج؟ - منذ سنتين تقريبًا.. - ما هي وظيفتك بالضبط؟ - سائق.. - وهل من مسؤولياتك أن تشتري احتياجات البيت؟ - نعم يا سيدي فأنا أشتري كل لوازم المطبخ وآخذ الملابس إلى المغسلة وأوصل الآنسة سارة إلى مدرستها.. - وماذا عن السيدة كرامة والسيد فتحي؟ - هما لديهما سيارات خاصة لكني أوصلهما لو حصل أي عطل في سيارة أي أحد منهما كما أن السيدة كرامة تكلفني أحيانًا بمهام دار الأزياء في حال انشغال سائقي الدار - هل تشتري أدوية لو طلب منك أحد ذلك؟ - نعم. - متى طلب منك أحد أن تشتري دواء؟ - طلبت مني السيدة كرامة شراء شرابًا للحلق لكن ذلك كان منذ فترة طويلة.. - وماذا عن روزالي؟ - تطلب بعض المسكنات أحيانا أو الشامبو والصابون.. - ألم تطلب منك شراء دواء للقلب؟ - لا.. - ولا سارة؟؟ - ولا سارة يا سيدي.. - حسنًا ألم تطلب منك أخذها للصيدلية؟ - من؟؟ سارة؟؟
أطرق زافي مفكرًا ثم قال: - نعم.. - في الآونة الأخيرة لم تكن الآنسة الصغيرة تخرج من البيت إلا للمدرسة.. - وماذا عن روزالي؟ - روزالي لا تخرج بدون أذن السيدة كرامة.. لكنها تخرج مع سارة أحيانًا.. - عندما تأخذ سارة إلى الصيدلية هل تشتري أدوية؟ - لا أدري!.. فأنا لا أطلع على حاجيتها.. - ألم يطلب منك أحد أن تشتري دواء للقلب؟ - لا يا سيدي.. كيف كانت علاقة سارة بروزالي؟ - بدت لي محبة رزوالي لسارة كأنها أم لابنتها.. - يعني أنت تستبعد أن تكون روزالي قد قتلتها؟ - هل رزوالي في موضع شك؟ - إننا نحقق في الأمر.. - روز يا سيدي امرأة ريفية بسيطة.. ربما تقدر أن تقتل بسكين.. لكن بدواء؟؟ هذا شيء لا يصدق.. - حدثني عن سارة كيف كانت شخصيتها؟ هل كانت من الضعف أن تقرر الانتحار وتبلع أقراصًا لتنتحر؟ - كانت فتاة لطيفة وحالمة.. لكن كيدهن عظيم..
تفاجأ زافي بجملة ناصر الدين الأخيرة وقال بلهجة مشحونة بالدهشة: - نعم!!! رد ناصر مفسرًا: - النساء.. يمكن أن يفعلن أي شيء.. لا أحد يستطيع أن يحدد خطواتهن وطريقة تفكيرهن يا سيدي.. يفعلن دائمًا اشياء غير متوقعة..
طالع زافي عصام الذي كان يجلس إلى جانبه بعد أن خرج الرجل وقال له: - تعتقد لماذا أخفت علينا أم سارة خلافها مع ابنتها؟ - ربما حتى لا نضعها ضمن قائمة المتهمين.. - هي متأكدة أننا لن نضعها في القائمة لأنها تصر على إيجاد القاتل ولو كانت هي القاتل لما فتحت التحقيق بنفسها.. ولكانت فكرة انتحار سارة من مصلحتها.. - لماذا أخفت ذلك إذًا؟ - ربما حتى لا نتهمها بأنها السبب وراء انتحار سارة؟ - كأنك لم تستبعد فكرة انتحارها يا سيدي! لم يعلق زافي على استنتاج عصام لكنه قال: - الأدوية الفارغة تثير دهشتي.. وكلام كرامة بالأمس يثير حيرتي.. هل لديك أي تفسير؟ - أعتقد يا سيدي أن تلك الأدوية أفرغت بفعل فاعل.. - فعل فاعل ولكن لماذا؟ - لا أدري لكن هذا ما أعتقده.. قطع حديثهما طرقات ثقيلة على الباب.. قال زافي: - ادخل يا بليغ..
دخل بليغ واستوى بينهما.. نظر عصام إلى زافي ولسان حاله يقول: ساحر.. كيف عرف أنه بليغ!! قال زافي محدثًا بليغ: - ماذا كنت ستقول لي بالأمس؟ - كنت سأبلغك أن فتحي الحاج اتصل علي.. وعرض استعداده لتسفير الخادمة في حال ظهور براءتها.. - ولماذا لم تخبرني بذلك أمس قبل أن أحقق معه؟ - لم أشأ أن أتحدث معك وأم سارة هنا.. - لا أعرف لماذا تكرهها.. ابتسم بليغ بخبث وقال: - لكني أعرف لماذا تحبها.. - لماذا؟ غمز بليغ بإحدى عينيه وقال: - المرأة جميلة.. ورشيقة وشابة.. ضحك زافي وقال: - إنها مثل ابنتي يا بليغ.. وإن كنت قد تعاطفت معها فهذا لأنها امرأة والنساء رقيقات وبحاجة إلى اللطف.. والحنان.. والرسول عليه الصلاة والسلام أوصانا بهن وقال: رفقًا بالقوارير.. فكيف لا تريدني أن أتعاطف معها؟ - ما أروع أخلاقك يا سيد زافي..
وجه عصام لبليغ نظره مشحونة بالغضب.. وحدث نفسه قائلاً: آه منك يا منافق.. تقول له ما أروع أخلاقك!!.. ومن وراءه تثير حوله الشائعات وتطعن في شرفه.. هذا من يجب أن يوصف كيده بالعظيم وليس النساء..
قال زافي: - هيا يا عصام أرسل في طلب روزالي.. ودعنا نضع الحروف.. على النقط.. ابتسم عصام.. وقال: - قصدك النقط على الحروف يا سيدي!! ضرب زافي على كتفه بلطف ثم قال: - أعرف.. ولكني قصدت أن أضحكك يا عصام.. فقد اختفت ابتسامتك فجأة.. وأحببت أن أعيدها.. فأنت بها أكثر وسامة.. ضحك عصام.. ثم قام ليستدعي روزالي.. وهو يحدث نفسه قائلاً: ما أطيب قلبك يا سيد زافي.. أبعد عنه كل سوء يا رب.
سنعود بعد قليل | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة السبت يونيو 14, 2008 10:55 pm | |
| لجل عيون همم تناطح السحاب نزلتهااا
^_^ | |
|
| |
همم تناطح السحاب مشرفة منتدى الضحك والفرفشة
عدد الرسائل : 318 المزاج : فل اوبشن رقم العضوية : 37 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 14/04/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الأحد يونيو 15, 2008 7:01 pm | |
| تسلميييييييييييييييييين يااااقلبي
وربي استاااااااانست لما نزلتي البارت هذا
نزلي بااارت ثاااني لجل عيوني بعد << ههههههههههههههههههههههااااااي
ننتظر البارت القاااااااااادم بحمااااس | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الأحد يونيو 15, 2008 7:18 pm | |
| ان شاء الله قرييييييييييييييييييييييييييييييييييب
^_^ | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الإثنين يونيو 23, 2008 1:14 pm | |
| الحلقة العاشرة عدنـــــــــا
كنا قد علمنا أن العقيد زافي قام بالتحقيق مع والدي سارة وحصل منهما على بعض المعلومات التي لم تزد القضية إلا غموضا وبدت ألغازًا بحاجة إلى فك وتفسير.. وذلك ما شغل بال زافي وجعله يفكر في إعادة التحقيق بطريقة جديدة.
المشهد الأول:
المشهد الأول في هذه الحلقة هو نفس المشهد الذي انتهت عليه الحلقة السابقة حيث كان زافي وعصام يتناقشان في حصيلة استجواب السائق ووالدي سارة وما استجد من معلومات.. وطمعا في مزيد من الإيضاح أشار زافي لعصام باستدعاء روزالي فغاب فترة عاد بعدها بصحبة روزالي.. كانت روزالي في بداية العقد الرابع من عمرها، بدينة نوعا ما.. لكنها ذات طول ممشوق بدت معه معالم البدانة موزعة بالتساوي في جسدها كله، تلبس جلبابا بيتيًا أزرق وتغطي شعرًا أسودًا فاحم طويل بمنديل زهري مطعم بخرزات بيض.. كان التعب والإرهاق مرسومًا على وجهها الأسمر.. والشحوب بادٍ على محتوياته الصغيرة تقدمت نحو الداخل ووقفت بمحاذاة الجدار رفعت عيناها الغائرتان تستكشف المكان بوجل.. كان زافي سيطلب منها الجلوس على الكرسي المواجه له والذي أجلس عليه ناصر الدين من قبل.. لولا أن داهمته مكالمة على هاتفه النقال فجأة.. فرد على المكالمة بابتهاج وتلى بيت شعر مرحبًا: - يا مرحبًا بمن أطل بصوته علينا.. يملئ القلب مودة وحب وإحساس.. يا مرحبا بمن هو عزيز وغالي علينا ومعزته ليست ككل الناس! - ياه.. كل هذا لي!! كان سعيدًا بتلك المكالمة لكن نبرة صوت محدثه الجافة أشعرته بالقلق فخرج من المكتب ثم استأنف مكالمته في ممر ليس ببعيد عن مكتبه قائلاً بقلق: - ما المشكلة يا عمر؟ أخفتني! رد عمر باستخفاف: - أنت المشكلة نفسها فلا داعي للقلق.. - أنا المشكلة؟ لم أفهم ما تعني! - يجب أن نلتقي حتى نتفاهم - حسنا تعال إلى البيت الليلة.. - بيتك لا يصلح.. يجب أن أراك وحدك.. بعيد عن الأهل.. - ألهذه الدرجة الأمر خطير وسري؟ - لو كان سري، ما وصلني ولا دريت به! - عمر، لهجتك غريبة هلا وضحت لي ماذا عندك بالضبط؟ - عندما أراك سأخبرك.. عندي محاكمة الآن.. بعد ساعة سأمر عليك المكتب.. مع السلامة.. ثم أغلق عمر الخط بسرعة قبل أن يتمكن زافي من التعليق على كلامه أو حتى وداعه، فحدث نفسه قائلا: غريب أمر هذا العمر اليوم!! عندما عاد إلى مكتبه وجد الباب شبه مفتوح فوقف يتصنت إلى ما يدور بالداخل سمع بليغ يرفع صوته سائلاً روزالي: - لماذا كانت سارة تريد إبعادك عن البيت؟ لماذا طلبت من والدتها أن تسفرك إلى بلدك؟ صرخت روزالي حين لمست لهجة الاتهام في نبرة صوته: - وما أدراني أنا؟ أنا لا علم لي بنواياها! - يعني لا تعلمين أن سارة كانت تخطط لترحيلك؟ - لم أعرف هذا إلا منكم يا سيدي.. أنا حتى لا أعرف لماذا أنا هنا! رد بليغ باستخفاف: - ألا تعرفين لماذا أنت مسجونة؟ ألا تعلمين ما هي جريمتك أيتها... عندها دخل زافي ليقطع كلام بليغ الذي أربكه دخول زافي المفاجئ فوقف عن كرسي المكتب.. وقد شعر بالحرج لاحتلاله مكتب رئيسه إلا أن زافي طالعه بوداعة وبحركة من يده أشار له أن يبقى مكانه.. ولم ينتظر ردة فعلٍ منه فسير القضية هو ما يشغل باله ورغم أن مكالمة عمر أقلقته إلا أنه نسي أمرها فور رجوعه إلى عمله، رفع نظره لروزالي وقال لها بلطف وقد زينت وجهه ابتسامة وديعة: - تعالي يا روزالي اجلسي هنا.. طالعته بعينين دامعتين ولم تتحرك فخاطبها بليغ بحدة قائلاً: - ألم تسمعي ماذا قال لك العقيد؟ سرت قشعريرة في بدنها وتخيلت من شدة شعورها بالخوف أن أحدًا ما سيصفعها الآن.. فتهاوت على الأرض وغطت وجهها بيديها ثم انفجرت باكية, شعر زافي تجاهها بالشفقة وتفهم مشاعرها حين لاح على باله منظرًا رآه كثيرًا من قبل لسجّانة تصفع إحدى السجينات وتعاملها بقسوة ووحشية.. صمت لفترة يفكر ثم قال موجهًا حديثه لعصام: - خذها إلى دورة المياه، ودعها تغسل وجهها وعد بها إلى هنا.. نفذ عصام ما طًلب منه.. وكانت تلك فرصة زافي ليعطي بليغ درسا في معاملة السجناء.. فأسند ظهره على الكرسي وقال له: - هل أدلت لك بأي معلومات؟ - أبدًا.. إنها تنكر.. (نفخ صدره بالهواء ثم تابع قائلاً بتباهي) : أتركها عليّ وسأجعلها تعترف بقتل سارة في أقل من ساعة.. ابتسم زافي ابتسامة صفراء وقال: - طبعًا لو عاملتها بهذه المعاملة فستجعلها تعترف بقتل كل من مات منذ خلق آدم وحتى الآن.. وليس سارة فقط! سكت بليغ فقد شعر أن في لهجة زافي انتقاد لاذع لشخصه بينما تابع زافي قائلاً: - هؤلاء السجناء بشر قبل أن يكونوا متهمين.. وعلينا أن لا نعاملهم كمجرمين حتى تثبت براءتهم بل كأبرياء حتى تثبت إدانتهم.. حدث بليغ نفسه قائلا: لو استخدمنا طريقتك الناعمة هذه لأفلت كل المجرمين من العقاب ولاستطاعوا أن يقوموا بأبشع الجرائم وأقذرها دون خوف أو رادع! بينما تابع زافي درسه قائلاً: - ماذا لو تعاملت بهذا الأسلوب مع شخص ثم ظهر أنه بريء؟ أتعذب بريئًا لمجرد أنه متهم؟
كان دخول عصام بروزالي في تلك اللحظة بمثابة طوق النجاة بالنسبة لبليغ الذي تعلل بأشغاله وقام مسرعًا نحو مكتبه.. أشار لها زافي بالجلوس فجلست.. ثم قال لها بهدوء: - كيف حالك يا روزالي؟ وجهت له نظرة حزينة وكأنها تقول: لست بخير قال زافي وهو يبتسم: - لا تخافي يا روزالي فنحن فقط نريد أن نعرف بعض المعلومات عن سارة.. سنسألك بعض الأسئلة إذا أجبت عليها نطلق سراحك.. وتخرجين من هنا.. طالعته بنظرة مشحونة بالريبة وسألته بصوت مبحوح: - أحقًا؟ - طبعًا.. على أن تجيبي بصدق وصراحة.. - سأقول لك كل ما تريد (ألقت نظرة على الباب المغلق وتابعت قائلة) : لك أنت وليس لذاك الرجل المخيف.. ضحك زافي وقال بعد أن وجه نظرة لعصام: - إذًا اتفقنا.. هزت رأسها إيجابا وهي تتأمل ملامح وجهه السمح وتذكرت لطفه معها عندما جاء لتفتيش بيت الحاج.. فشعرت بشيء من الراحة والأمان أما هو فكان يفكر من أين يبدأ وأحس أن البداية يجب أن تبدأ من البداية فسألها: - منذ متى وأنت تعملين في بيت سارة؟ ردت بسرعة وكأنها تتوقع سؤاله: - منذ خمس سنوات - يعني منذ أن كانت سارة في الثانية عشرة؟ - نعم.. - هل كانت سارة فتاة لطيفة؟ ابتسمت وقالت: - لطيفة ومؤدبة وحنونة.. - وماذا عن فتحي؟ -هزت رأسها وقد تقلصت ابتسامتها قليلاً وقالت باستسلام: - لطيف - أحيانًا أم دائمًا؟ - أحيانًا - وكرامة؟؟ تبددت ابتسامتها تمامًا وبدا عليها الاستياء ولم ترد فقال زافي: - كانت سيئة؟ وتعاملك بقسوة أليس كذلك؟ تنهدت وهي تلتزم الصمت وأحداث السنوات الخمس تطوف ببالها كشريط الفيديو، وزافي يرصد تحركاتها ويراقب ردات فعلها ويرتب عليها أفكاره وعصام تعلم منه ذلك أيضًا.. فقال بحذاقة: - أنت في مأمن منها الآن, وإذا تعاونت معنا سترتاحين منها للأبد.. ازداد شعورها بالأمان.. لكن راودها بعض القلق فسألت بلهجة وجلة: - إلى أين سأذهب؟ - إلى أين تريدين أن تذهبي؟ - إلى بلدي وأهلي تجاهل جوابها وقال: - هل كانت علاقة سارة بوالديها جيدة؟ - كل بيت تحدث فيه مشاكل وهي ابنتهما على أي حال! ضايقته إجابتها المبهمة إلا أنه سألها بصيغة أخرى: - هل كانت سارة سعيدة؟ - نعم.. سعيدة تدخل زافي قائلاً: - لكنك قلت من قبل إنها كانت فتاة حزينة ودائما تبكي!! - صحيح قلت - كيف سعيدة ودائما تبكي؟ علق عصام ساخرًا: - تبكي دموع الفرح!! - أنا أقول ما تريدان سماعه.. لأني لو قلت أنها تعيسة مثل المرة الفائتة فلن تصدقاني.. - نحن لا نريد سماع غير الحقيقة - الحقيقة إنها حزينة ووحيدة ومسكينة - لماذا؟ ما الذي يحزنها؟ - والدتها إنسانة أنانية وقاسية وتهملها كثيرًا.. خافت من وقع كلماتها على مسامعهما.. ظنًا منها أنها نطقت بشيء لا يعرفانه لكن ما قالته ليس بجديد.. سألها عصام: - ولذلك انتحرت؟؟ - ربما..(سكتت قليلا ثم قالت) :الموت شيء صعب تفسيره، كنت أظن أن كبار السن هم الذين يموتون.. لكن موت سارة... صمتت ولم تكمل فعلق زافي مستفهمًا: - أخافك؟ - موتها جعلني أشعر أن الموت أقرب مما كنت أتصور.. - أحزنك موتها؟ - نعم.. - تحبينها؟ - نعم.. - تحبك؟؟ - كنت أعتقد ذلك.. لكن ما حدث جعلني أشك في مشاعرها نحوي.. - وماذا حدث؟ - تغيرت معاملتها فجأة وصارت تعاملني معاملة خشنة وقاسية - لماذا؟ تنهدت ثم قالت: - لن تختلف عن أمها! - ربما فعلت شيئا ضايقها! - لم أفعل لها أي شيء - تقصدين أنها كانت تعاملك معاملة جيدة ثم بدون سبب صارت تقسو عليك؟ - هذا ما حصل.. - ألم تسأليها؟ - أسألها عن ماذا؟ - عن سبب معاملتها السيئة المفاجأة - لو كان من حقي أن أسألها لكنت سألت والدتها قبلاً! (سكتت قليلاً ثم قالت) : لست أنا إلا خادمة والخدم يداسون بالمداس في هذا العالم.. حيث لا قيمة للإنسان كإنسان بل قيمته بمستواه الاجتماعي وبما يملك من الماديات.. كانت روزالي تتكلم بحرية وكأنها تستغل الفرصة لتروح عن نفسها وتفضفض عما يخالج نفسها من مشاعر سلبية وحزينة. قال لها زافي: - في اليوم السابق لوفاة سارة هل حدث شيء غير عادي؟ - لا، عادت سارة من المدرسة كعادتها ودخلت غرفتها ونامت حتى المغرب وعندما استيقظت أكلت كوب من الجلي الأحمر وعلبة من البوظة.. - فقط؟؟ - نعم.. هذا هو طعامها المفضل الجلي والبوظة والعصائر.. - ألا تأكل مع أبويها؟ - هما نادرًا ما يأكلان في البيت وعادة السيد هو من يأكل في البيت أما السيدة فتكتفي بالتوست والسلطة في كثير من الأحيان.. - هل كانت تلجأ إليهما عندما تحصل لها مشكلة؟ - لا أدري.. هي أحيانًا تجلس مع والدها وتكلم والدتها بالهاتف لكني لا أعرف في ماذا يتكلمون! - قبل وفاتها.. هل حصل بينها وبين أيًا منهما خلاف أو مشاحنة؟ - لاحظت يا سيدي.. أنها تشاحنت مع والدتها وحبست نفسها في غرفتها وصارت لا تخرج.. - وما سبب المشاحنة؟ - لا علم لي.. (سكتت قليلاً ثم قالت) : لم تكن المرة الأولى هما دائمًا مختلفتان.. فالسيدة تهتم كثيرًا بالنواحي المادية أما سروره... قاطعها قائلاً: - سروره.. سارة يعني؟ ابتسمت وقالت: - كنت أناديها سروره من باب التدليل.. هز رأسه وابتسم وأشار لها بالمتابعة فأكملت قائلة: - سارة كانت إنسانة حساسة وعاطفية.. - عندما تختلف مع والدتها من يبدأ بالصلح؟ - نادرًا ما تعتذر سروره.. وفي الأغلب تتنازل السيدة وتراضيها بشراء شيء تحبه.. - يعني سارة عنيدة؟ - تستطيع أن تقول ذلك.. - إذًا مدللة وعنيدة.. أكملت جملته روزالي: - وقوية ولا تخاف في الحق أحدًا.. - إذًا كانت تدافع عنك حين تقسو عليك كرامة!! - نعم, تفعل.. - ثم.. تغيرت.. وصارت لا تدافع؟ سكتت قليلاً.. تفكر وكأنها تتذكر شيئًا ما.. ثم قالت: - الحق.. أنها ضلت تدافع رغم معاملتها السيئة لي.. فقد كانت طيبة جدًا.. شبك بين أصابعه وقال: صفة جديدة.. طيبة؟ هزت رأسها إيجابا فتابع هو قائلاً: - حسنًا أخبريني.. الليلة السابقة لموت سارة ماذا حدث؟ - أخبرتك من قبل.. - لا بأس أريد المزيد من التفاصيل.. أنت قلت أنها طلبت منك سكب بعض العصير.. - نعم.. - كيف طلبت منك ذلك؟
طالعته بسذاجة فأصاغ سؤاله بطريقة أخرى: - نادت عليك أم ذهبت أنت إليها؟ - جاءت إلى المطبخ وطلبت مني ذلك.. - صفة أخرى لسارة.. كسولة.. أليس كذلك؟ - ماذا تعني سيدي؟ - بما أنها قد أتعبت نفسها ونزلت إلى المطبخ ألم يكن الأجدر بها أن تسكب بنفسها كأس العصير بدلاً من أن تطلب ذلك منك؟ - هي نادرًا ما تفعل ذلك.. - إذاً بماذا تفسيرين طلبها منك كأس العصير؟ - لا أدري سيدي.. تقرب بجسده قريبًا منها ثم قال بدهاء: - أم أنك أردت أن تسعديها ففكرت أن تقدمي لها شيئًا تحبه؟ - أتمنى إسعادها لكني فعلت ذلك بطلب منها.. - حسنًا.. وماذا كنت تفعلين حينها؟ - كنت أنظف المطبخ.. - ثم؟ - سكبت لها العصير في كأسها المفضل.. وذهبت إلى غرفتها ولم أجدها.. - أين كانت؟ - لا أعلم.. - حسنًا أكملي.. وضعت العصير وخرجت أم انتظرتها؟ - انتظرتها لأسألها أن كانت تريد شيئًا آخر.. - تأخرت؟ - ليس كثيرًا.. ربما خمس دقائق.. أو أكثر لا أتذكر.. - هل طلبت منك دواء؟ - دواء ماذا؟ - أقراص للصداع مثلاً؟ - لا..
أخرج من درج مكتبه علبة الدواء التي عرضها على والدي سارة من قبل وقال: - هل رأيت علبة الدواء هذه من قبل؟ ركزت نظرها عليها ثم قالت: - كأني رأيتها.. - أين؟ في غرفة سارة؟ صرخت قائلة وكأنها تجيب على سؤال في برنامج مسابقات: - نعم, تذكرت يا سيدي لقد رأيتها في غرفة سارة.. - هل كانت سارة تتناول عقارات أو أدوية.. - لا يا سيدي.. سارة ليست مدمنة وهي ليست من هذا النوع.. تنهد زافي وهو يسند ظهره على الكرسي.. ونظر لعصام ليتدخل فقال لها عصام: - العقيد لا يقصد الإدمان.. يقصد إذا مرضت هل تأخذ أدوية؟ - إذا احتاجت نعم, لكنها كانت نادرًا ما تبلع أدوية.. - هل كان السيد يكره الأدوية؟ - نعم, ويحضر إلى البيت بعض الخلطات والأعشاب لأعدها له.. - هل كانت سارة تستعملها؟ - بل تكره طعمها.. - إذًا الأدوية الموجودة في البيت من يستخدمها؟ - السيدة كرامة.. وأنا.. حمل ثانية نفس العلبة وقال: - وهذه العلبة.. اشترتها السيدة كرامة؟ - ربما.. - ركزي.. أريد إجابة دقيقة.. - سيدي أنا لا أفهم في الأدوية.. - لكنك تدققين على تواريخها أليس كذلك؟ - نعم.. فالسيدة كرامة تغضب كثيرًا عندما تجد دواء انتهت صلاحيته.. - أخبريني.. إذا انتهت صلاحية الأدوية ماذا تفعلين بها؟ - ماذا أفعل بها يعني!! ألقها في القمامة.. فلا فائدة منها.. - متى آخر مرة راجعت تواريخ الأدوية؟ - لا أتذكر.. - ومتى آخر مرة اشترت السيدة كرامة كمية جديدة من الأدوية؟ - ليس منذ فترة طويلة.. - ستة أشهر مثلاً؟ - لا, اقل من ذلك بكثير.. ربما شهرين.. أو ثلاثة.. - من استخدمها خلال تلك الفترة؟ - أنا تناولت منها بعض المسكنات.. - إذا كانت السيدة كرامة اشترت كمية جديدة منذ فترة بسيطة.. وهي لم تستخدم منها شيئًا والسيد يفضل الوصفات الشعبية وسارة تكره الأدوية وأنت استخدمت بعض المسكنات.. فكيف تفسرين أن الأدوية تقريبًا فارغة؟ - هي فارغة يا سيدي؟ هز رأسه ثم قال: - هل تضنين أن سارقًا اقتحم البيت وسرق الأقراص وهرب؟ ردت باستخفاف: - إذًا هو أحمق.. من يسرق أدوية!! ضحك زافي من ردة فعلها ثم سألها قائلاً: - هل رأيت أحدًا يعبث بالأدوية أو يأخذ منها شيئًا؟ - لا يا سيدي.. ليس في البيت أطفال! - حسنًا, يا روزالي تستطيعين أن تذهبي الآن.. - إلى أين؟ فهم زافي القصد من سؤالها فقال لها: - سنستضيفك عندنا بضع أيام أخرى حتى نتمكن من إيجاد تذكرة تعيدك لأهلك.. - أحقًا يا سيدي؟ ابتسم زافي حين لمس الانشراح في ملامحها المتفائلة وهز رأسه قائلاً: - إن شاء الله..
تنهد وتمتم قائلاً وهي تقاد إلى زنزانتها: - مسكينة.. - أترى أنها مسكينة يا سيدي؟ التفت زافي لعصام وقال له: - أما أنها مسكينة جدًا.. أو خبيثة جدًا.. - صدقت يا سيدي.. - تعرف يا عصام! إنها قضية شائكة وغريبة.. - لماذا يا سيد زافي؟ - لأن محور الاتهام فيها محصور في ثلاثة أشخاص هم كرامة وفتحي وروزالي.. ومع ذلك لدى كلاً منهم ما يظهره بريئًا.. - كيف ذلك؟ - كرامة سبب براءتها معروف وسبق وأطلعتك عليه.. أليس كذلك؟
. | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الإثنين يونيو 23, 2008 1:16 pm | |
| هز عصام رأسه، ثم سأل: - وماذا عن فتحي؟ أسند زافي ظهره على ظهر الكرسي وقال وهو يضع يديه على طرف المكتب: - عندما علم فتحي بوجود الأقراص في كأس العصير, تفاجأ واندهش جدًا ولو كان له يد في الأمر لما تفاجأ بتلك الصورة التي جعلته يثب من مكانه ويصرخ قائلاً مستحيل!! - إذًا لم يبق إلا روزالي!! - حتى هي أيضًا لديها ما يبرأها.. وقد رأيت بنفسك سذاجتها وعفويتها التي تنفي كونها المذنبة.. - لكن هي من صنع العصير وهي من أخذه لغرفة سارة.. - لو فرضنا أنها أذابت الأقراص في العصير فلماذا تغير محتويات العلبة ولماذا تفرغ باقي العلب؟ - هذا شيء محير فعلاً.. - ولماذا أخذت علبة الدواء إلى غرفة سارة؟ وقد كانت تستطيع أن تضع منها وهي في المطبخ؟ - ربما حتى توهم الجميع أن البنت انتحرت.. ردد زافي سؤال سأله من قبل لفرط ما حيره: - لماذا تغير محتويات العلبة ولماذا تفرغ باقي العلب؟ - إنه ليس لغزًا ربما كرامة أخطأت في ذكر الوقت الذي اشترت فيه الأدوية! - تعني أنها اشترتها قبل مدة تكفي لنفاذها على النحو الذي وجدناها عليه؟
هز عصام رأسه وسأل بحيرة: - تعتقد ما الذي يجعل سارة تغير معاملتها لروزالي؟ - سارة ماتت وبحوزتها الكثير من الأسرار.. ليتني أعرف طبيعة العلاقة بين تلك المرأتين.. - أعتقد يا سيدي أن سارة تغيرت نظرًا لتغير المرحلة العمرية التي تمر بها.. إنها في السابعة عشرة.. وفي سن المراهقة.. تتغير نفسية البنات والأولاد تبعًا للتغيرات الهرمونية في أجسامهم.. واقترابهم من سن النضج.. ابتسم زافي وقال مازحًا: - يعني أنت تغيرت في سن المراهقة؟ - كثيرًا يا سيدي.. كنت عصبي المزاج ولا أتقبل نصيحة من أحد.. وأشعر أن كل الناس تكرهني وتكره لي النجاح.. (نفض رأسه وكأنه لا يريد أن يتذكر المزيد من تلك الذكريات الصعبة وتابع قائلاً) : كانت فترة سيئة.. - لقد عانيت من حساسية ابنتي عندما كانت في هذا السن.. لكن تفهمي لها وتفهم والدتها جعل تلك المرحلة تمر بسلام.. والحمد لله. -إنها محضوضة لأن لديها أبٌ مثلك..
ابتسم زافي وقال: - وأنت أيضًا محظوظ.. ألست أباك؟ - طبعًا.. فأنت لم تقصر معي ولم اشعر تجاهك إلا بالحب والاحترام.. - تعرف يا عصام.. أنا أشعر أنك ابني حقًا.. وأرى أنك ستكون رجلاً ناجحًا.. ولك مستقبل زاهر.. ابتهج عصام وقال بانشراح: - أحقًا يا سيدي ترى ذلك؟ هز زافي رأسه وتابع قائلاً: - بل أتوقع أنك من سيجلس بعدي على هذا الكرسي.. - أنا؟؟ - نعم أنت ولمَ لا؟ - لكني لا أتمنى أن يكون أنا من يحتل مركزك.. - لا عليك يا بني.. لو دام لغيري ما وصل إليّ.. أليس كذلك؟ - صدقت سيدي..
ربت زافي على يد عصام بحنان وقال له: - لا أحد يستحق مركزًا كهذا غيرك أيها الملازم الأول.. - أنا ملازم أول؟ - لقد علمت بموضوع ترقيتك.. لكني لم أبلغك لأن الخطاب الرسمي لم يصل بعد.. - سيد زافي... - اجتهد لتكون عند حسن الظن.. ولتصل بسعة إلى هذا الكرسي.. ضاعت منه الكلمات وقال بابتهاج المستسلم: - حاضر سيدي..
طُرق الباب ودخل رجل طويل القامة رشيق الجسد.. له شعر أسود خطاه الشيب, يبدو في الأربعين من عمره.. يلبس بذلة رسمية سوداء.. وقف زافي مرحبًا به وصافحه بحرارة قائلاً: - أهلاً يا عمر.. تصور أني نسيت موعدنا؟ - من حقك أنت تنسى.. ومن حسن حظك لو نسيته أنا أيضًا! طالعه زافي بدهشة ولم يرد.. استأذن عصام وخرج فقد أحس أنهما بحاجة إلى جو من الخصوصية.. ثم توجه نحو مطعم خاص بالعسكريين.. جلس في أحد الأركان يحتسي فنجانًا من القهوة.. كان مشغولاً بالتفكير في ما استجد من أحداث وتمنى بينه وبين نفسه أن يجد حلاً هذا اللغز الغامض.. أخرجه من تفكيره العميق صوت قهقهات عالية ليست غريبة على مسامعه.. التفت إلى مصدرها.. كان هو ذات الشخص الذي توقعه.. كان صوته يصل إلى مسامع كل من في المطعم.. وهو يقول: - لقد تحول مكتبه إلى مخدعًا للعشاق.. فإذا كان لأحد معشوقة فليأخذها إلى مكتب الرئيس ولن يمنعه أحد.. رمقه عصام بنظرة عتاب مدموجة بالاستياء.. ثم استجمع شجاعته وتوجه نحوه وقال له بغضب: - هل لك أن تتوقف عن الخوض في أعراض الناس؟ - من تعني؟ - أنت تعرف من أعني.. - هم الذين عرضوا أعراضهم على الناس.. الذنب ذنبهم وليس ذنبي! - إن الله سبحانه وتعالي يقول {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فلا تعرض نفسك لغضب الله.. - عن أي حصانة تتكلم؟ أنظر إليهم ماذا يفعلون.. وماذا يلبسون وكيف يتصرفون ثم صفهم بالمحصنات! - حتى لو كانوا هم كما تقول.. فكلامك عنهم يدخل في باب الغيبة.. وذلك لا يتناسب مع مكانة رجل مثلك..
لوح بليغ بيده في وجه عصام وقال بلهجة استهانة: - اذهب من هنا يا شاطر ولا تتجرأ على أسيادك.. هيا.. - إذا كان هناك من يتجرأ على أسياده فهو أنت وليس أنا.. فتح بليغ عيناه على مصراعيهما.. ووثب من كرسيه وقد استشاط غضبًا.. ثم وجه لعصام لكمة على وجهه أفقدته توازنه.. وضع عصام يده على مكان اللكمة التي آلمته بشدة وقال وهو يبتعد: - شكرًا لك سيد بليغ.. وتذكر أني نصحتك..
نظر بليغ إلى أصحابه وقال: - أسمعتم ماذا قال ذلك الأحمق؟ - دعك منه يا رجل - على آخر الزمن يأتي ذلك الصعلوك ليعمل شيخًا علينا.. - المهم أنك أدبته يا بليغ.. كان يستحق تلك اللكمة ليعرف مكانته جيدًا.. ويقف عند حدة.. مسح بليغ على يده التي لكمت عصام براحة يده الأخرى وقال بفخر: - نعم, فعلتها وأنا بليغ ابن أبي.
أما عصام فخرج متوجهًا لداخل القسم وبداخله كم هائل من الغضب الذي لم يتمكن من إفراغه.. ورغم شعوره بالإهانة والانكسار إلا أنه لم يندم على تصرفه ودفاعه عن الرجل الذي يزداد إعجابًا به وحبًا له كل يوم.. قابله أحد الجنود وقال له: - أين كنت يا عصام؟ العقيد غاضب وهو يطلبك على وجه السرعة.. - غاضب؟ لماذا؟ - لا أعلم.. اذهب إليه الآن.. أسرع نحو مكتب زافي, طرق الباب بخفة ودخل متقدمًا ببطء وهو ينظر لزافي بترقب فلم يجده على الحال الذي كان عليه قبل ساعة من الزمان.. كان وجهه محمرًا ويبدو أنه يكتم داخل نفسه بركان من الغضب الذي من الممكن أن ينفجر في أي لحظة.. لا يذكر أنه رآه على هذا الحال من قبل.. حال زافي أشعر عصام بالتوتر.. إلا لم يشأ أن يضغط عليه ليتكلم.. فقد كان خائفًا أن يكون قد فعل ما يغضبه ويجعله يغير نظرته السابقة فيه.. راودته الكثير من الأفكار والمخاوف.. التي اضطرته أن يُخرج زافي من بوتقة صمته وحيرته ويسأله بوجل: - هل هناك شيء يا سيدي؟ نهض زافي ببدنه العظيم من كرسيه وجلس إلى جانب عصام وقد بدا عليه التوتر ثم قال هامسًا: - عصام.. لماذا لم تخبرني عن الكلام الذي يحاك عني؟ - أي كلام؟ كل الناس تحبك ولا تذكرك إلا بالخير.. رد عصام الدبلوماسي أشعره بغضبٍ أكبر فقال له وقد ارتفعت نبرة صوته: - لا تجاملني وأصدقني القول هل سمعت ما يقال عني وعن... كرامة سنبل؟ تفاجأ عصام وبدا عليه الارتباك.. ولم يرد.. فقال زافي: - يعني سمعت؟ - لا تهتم يا سيدي بالشائعات.. وقف وعاد إلى كرسي مكتبه وقال بغضب: - إلا الشرف.. إنه يقضم ظهور الرجال.. ويخرب بيوت.. هل تعلم لو وصل ما تسميه شائعات إلى زوجتي وأبنائي كيف سيكون وضعي بينهم؟ - من أخبرك أراد أن يقلقك ويشغلك عن عملك.. وتذكر أن الناس لا تلقي بالحجارة إلا على الشجرة المثمرة.. - ليس من مصلحة من أخبرني أن يشغلني يا عصام.. - ومن أخبرك؟ - عمر.. - المحامي الذي حضر قبل قليل؟ - هو ذاته.. هل تعلم من هو عمرٌ هذا؟ - من؟ -إنه خال زوجتي..
نهض زافي وتوجه نحو النافذة وتابع قائلاً: - يعني ليس من مصلحته أن يشغلني أو يقلقني.. وليس بالرجل الذي يلقي عليّ بالحجارة.. بالعكس هو يخاف على ابنة أخته التي يظن أنني أخونها.. ولذا حضر لتنبيهي قبل أن يحصل ما لا تحمد عقباه.. لقد أخبرني وكلامه كله شك وريبة.. وبدوت وكأني متهم أمامه.. بل شعرت أني مراهق يغازل بنت الجيران.. عصام.. - نعم سيدي.. - أخبرني من وراء هذه الإشاعات؟ - أناااا... لا أأعرف.. - هل تقسم على ذلك؟ - بصراحة أعرف لكني لا أستطيع أخبارك.. - إذا لم تخبرني فسأعرف من غيرك.. فالأفضل أن تخبرني.. تلعثم عصام.. وتردد في الإجابة لكن زافي وفر عليه الإجابة بتخمينه الذكي: - هو بليغ أليس كذلك؟ عدل عصام من وضع نظراته ولم يرد.. فقال زافي: - كنت متأكد من أن لا أحد غيره يفعل ذلك.. - لا تغضب منه يا سيدي.. فهو... خرج زافي من هدوؤه المعتاد و رفع صوته محذرًا: - لا تتدخل يا عصام فأنا لن أتنازل عن شرفي وكرامتي.. اذهب أنت الآن.. واطلب من أحد الجنود أن يأتيني به حالاً..
رفع عصام يده بالتحية العسكرية وخرج مسرعًا.. بعد مدة بدت طويلة جدًا بالنسبة لزافي.. دخل عليه بليغ وهو يجر قدميه بتثاقل.. ومثل أمامه فلم ينظر إليه فقد كان يفكر في كيفية تعنيفه وتلقينه الدرس المناسب.. وبعد مدة قصيرة رفع رأسه ينظر إليه رغم شعوره بالاشمئزاز تجاه ملامح وجهه الذي بدا دميمًا في عينيه رغم وسامته.. ثم قال له باستخفاف: - اجلس سيد بليغ.. ما بك واقف؟ أحس بليغ أن في الأمر شيئًا غير مريح يحدث هنا.. وإن طلب زافي له على هذا النحو المستعجل ليس بالأمر العادي.. قال له زافي وهو يكتم غضبه: - ما رأيك بي يا بليغ؟ عدل بليغ من جلسته.. وقد تبادر إلى ذهنه الموضوع الذي دعاه من أجله زافي.. قال زافي أن ضاق ذرعًا بصمته: - لم تجبني على سؤالي؟ - سيد زافي أنت تعرف رأيي بك.. أنت رئيسي.. و... رمز الذكاء والعطاء واحترام الآخرين والأخلاق العالية وأنت... قدوة لنا جميعًا.. - وما رأيك في اختياري للنساء اللاتي يدخلن مكتبي واللاتي أتولى بنفسي قضاياهن؟ - إن ذوقك عالٍ في التعرف على النساء طبعًا يا سيدي.. قال تلك الكلمات المجاملة ثم انتبه لنفسه فقد أدرك متأخرًا أنه صب البنزين على النار.. لكن زافي لم يعطه فرصة ليخرج نفسه من هذا المأزق.. وصرخ فيه قائلاً: - يعني أنا عاشق.. ومكتبي مخدعًا للعشاق؟ أليس كذلك يا بليغ؟ رفع زافي صوته أكثر وقد استشاط غضبًا: - بليغ.. أهذا الكلام يقال عني أنا؟ - سيدي... أنا لم أقصد.. قاطعه زافي قائلاً: - لست أنا من يساعد امرأة لأنها شابة وجميلة.. فأم أحمد تساوي عندي الدنيا بما فيها (ضرب بيده على طاولة المكتب وتابع قائلاً بنفس اللهجة الثائرة) :هذا المكتب.. مكتب عمل نزيه وشريف وغرفتي هذه ليست مخدعًا للعشاق.. وما يدور فيها لا يخرج عن إطار العمل الجاد.
ارتبك بليغ من لهجة زافي الحادة وقال والعرق يتصبب من جبينه: - سيد زافي، أنا كنت أمزح.. رفع زافي من حدة صوته أكثر وصرخ قائلا: - تمزح في شرفي وعرضي يا بليغ؟ أهذا موضوع يُمزح به؟ أترضى أن أمزح في عرضك وشرفك؟ وأخرب لك بيتك وأضع من قدرك في عيون أبنائك؟ - يا سيد زافي اسمعني... قاطعه زافي متوعدًا: - اسمعني أنت يا بليغ.. أنا تكفلت منذ البداية بقضية سارة.. لكنك من اليوم ستكون المسئول الأول عنها وستحضر معي كل التحقيقات.. خاصة مع أم سارة.. هذا حتى تشهد على الغراميات والحب. - لكن.. أنا لدي مسؤوليات أخرى و... - هذه مسؤوليتك فوق مسؤولياتك وبعد ساعات دوامك الرسمية.. يعني عمل إضافي مع عملك الرسمي وحتى لا أظلمك وترفع عليّ قضية في دار المظالم سأمنحك ساعات إضافية.. تحصل عليها بعد انتهاء القضية.. - سيدي أنت تعاقبني!! - إنه ليس عقابًا بقدر ما هو مكافأة.. - أن تكلفني بعمل إضافي تسميه مكافأة؟؟ - التحقيق في قضية شائكة كقضية سارة يضيف خبرة في رصيد خبرتك المهنية.. يعني في النهاية أنت المستفيد..
كتم بليغ غضبا كبيرًا داخل نفسه وشعر بالإهانة وإن اللكمة التي أعطاها لعصام ردت إليه أضعاف مضاعفة وحدث نفسه قائلاً: تبًا لك يا عصام.. لن تفلت من يدي سترى مني ما لم تره في حياتك. خرج من مكتب زافي وتوجه حيث كان عصام.. ودخل عليه عنوة.. وطالعه بعينان حمراوان كأنهما نارٌ موقدة.. وصرخ في وجهه قائلاً: - وشيت بي أيها السافل! - رغم أني لستُ من أوصل الخبر للعقيد لكن لعله درس يعلمك أن لا تستهين بأعراض الناس.. - أتنكر أيها الجبان؟ - لو كنتُ فعلت ذلك.. لاعترفت لك, فإنكار فعلٍ فعلته ليس من أخلاقي.. خاصة إذا كان فعلاً مشرفًًا. هز بليغ رأسه وقال وهو يكتم غيظه: - حسنًا ستعرف من هو بليغ عبد الكريم أيها الجندي الحقير. ثم خرج وصفع الباب خلفه صفعة اهتزت لها الجداران. | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الإثنين يونيو 23, 2008 1:17 pm | |
| المشهد الثاني:
الزمان: صباح اليوم التالي المكان: دار الأزياء الخاصة بكرامة.
دخلت السكرتيرة على كرامة في مكتبها وقد بدا عليها السرور والابتهاج وقالت بلهجة مستبشرة: - سيدتي.. هناك خبر رائع سيفرحك.. ردت كرامة ببرود: - ماذا عندك يا منى؟ - لقد فازت مروج باللقب.. - ماذا تقولين؟ - مروج قاسم.. حصلت على لقب ملكة جمال العرب.. - أحقًا؟؟ - نعم, سيدتي..
غطت كرامة وجهها بكلتا يديها وهي تقول: -لا أصدق.. لآ اصدق! - سيدتي أنت تبكين؟؟ (ابتسمت منى ثم قالت) : أم أنها دموع الفرح؟ - حقًا هي دموع الفرح يا منى.. اطلبي لي بعض القهوة.. - قهوة أم حلوى الفوز؟
ابتسمت كرامة وقالت وهي تمسح دموعها: -اتصلي بمحل الحلويات واطلبي كعكة كبيرة من الكاكاو وصحن كبير من البقلاوة ومثله من الفطائر ووزعيها على كل العاملات في الدار.. قفزت منى خارجة من المكتب بينما صرخت كرامة قائلة: - لا تنسي القهوة.. تنهدت كرامة ودموعها مازالت تهطل من عينيها كأمطار الشتاء المنهمرة على منطقة جبلية عالية, تذكرت موقفًا مشابهًا حدث قبل عدة أشهر من اليوم.. كانت تظن فيه أن خبر فوز مروج قاسم بلقب ملكة جمال العرب.. سيكون أسعد يومٍ في حياتها, كان نفس الموقف.. تقريبًا.. سبحان الله كأنه الأمس القريب, دخول منى عليها.. أعادها لتلك الذكريات ورن في أذنيها صوت منى وهي تقول: (هناك اتصال من المدرسة.. يقولون أن الآنسة الصغيرة تغيبت خمسة أيام خلال هذا الشهر عن المدرسة) خمسة أيام في شهر واحد يا سارة؟؟ لماذا؟؟ لماذا يا حبيبتي؟؟ لم تهتم يومها.. وصرخت في وجه منى قائلة: (ما أغباك.. أنا أنتظر مكلة جمال العالم المقبلة وأنت تكلميني عن المدرسة)..
كانت مشغولة بمروج قاسم.. وحلم مروج قاسم الذي تبنته وكأنها حلمها الشخصي.. لأن فوزها باللقب يعني فوزها الشخصي هي أيضًا! سمحت لنفسها أن تجهش بالبكاء وترفع صوتها وهي تبكي بحرقة وألمٍ وتحدث نفسها في أسى: لقد أهملتك يا سارة من أجل هذا الحلم.. هل كان بالإمكان إنقاذك في تلك اللحظة يا حبيبتي؟ رن في أذنيها كلام الطبيب في ذلك اليوم: (تأخرتم كثيرًا يا سيدتي الفتاة ميتة منذ ست ساعات) رفعت رأسها إلى الساعة.. وبعد عملية حسابية شعرت أنها معقدة نوعًا ما, تنهدت بحسرة وقالت: إنه نفس الوقت بالضبط.. ست ساعات.. كنت بالهاتف فقط أستطيع إنقاذك.. نعم أستطيع لكني لم أفعل!! ألقت نظرة على الهاتف القابع على مكتبها بسكون.. وبيدٍ يغلي الدم في عروقها ألقت به على الحائط بعصبية.. ثم ألقت برأسها بين أحضان كفيها وتابعت البكاء.
المشهد الثالث:
الزمان: نفس الزمان المكان: هيلثي فودز للمواد الغذائية دخل عبد العزيز على صديقه الذي كان يضع يديه خلف رأسه ويستلقي على كرسي من الخشب في المخزن.. قال له: - ألن تأكل؟ أنا جائع.. - لا أريد, كُل أنت.. - آكل وحدي؟ (جلس قبالته وقال له) : ماذا بك؟ هل تريد الانتقام مني وتمويتي من الجوع؟ - قلت لك كُل.. ولم أحبسك عن الطعام! - أنت تعرف أني لا أستطيع الأكل بدونك.. تنهد علاء ولم يرد.. فقال عبد العزيز: - أآكل بدون بهار؟ ابتسم علاء ابتسامة صفراء فقال عبد العزيز وهو يضع يده على كتف صاحبه: - أنت تعرف أنك أنت البهار الذي لا طعم للأكل بدونه.. - لا أشتهي كُلّ وحدك.. - لا تيأس.. ولا تفقد الأمل - لقد انقطع الأمل يا عزيزي.. طالما أن والدها رافض.. - تذكر أنها هي أيضًا رافضة..
اعتدل علاء في جلسته وقال: - لا يا عبد العزيز هي لا شأن لها في الأمر.. لا يمكن لنجلاء أن ترفضني.. أبوها تأثر بكلام عمي ولذلك رفض.. وقال أن الرفض من قبلها حتى لا ألقي اللوم عليه.. أنا يجب أن ألقى نجلاء.. (ضرب كفيه ببعضهما في غضب وتابع قائلاً) : يجب أن أراها ونتفاهم على طريقة نقنع والدها بها.. - أرجوك يا علاء لا تفعل.. - وماذا أفعل إذًا؟ أسكت؟ ألم تقل لي أني يجب أن أتصرف وأسعى؟ - صحيح.. - طالما أنه صحيح فلماذا تعترض؟ - اسمع يا علاء.. طالما أن والدها يرفضك من أجل النواحي المادية فالحل بسيط.. - وما هو؟ - الصبر.. - كيف الحل هو الصبر يعني؟ - اصبر حتى تتخرج وتجمع بعض المال الذي تستطيع به تحمل مسؤولية زواج وبيت وأولاد.. فالمسألة ليست بالبسيطة.. والرجل من حقه أن يفكر في مستقبل ابنته.. فلا تلمه وحاول أن لا تعطه فرصة للرفض, بعد أن تتخرج وتكون جديرًا بها فلن يكون أمامه ملاذًا من القبول.. هز علاء رأسه رغم عدم قناعته.. فتابع عبد العزيز وهو يرفع صاحبه من على الكرسي: - والآن هيا بنا.. هيا فبطني تأكل بعضها من شدة الجوع.. نهض علاء باستسلام ومضى مع عبد العزيز ليتناولوا الطعام. | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الإثنين يونيو 23, 2008 1:18 pm | |
| المشهد الرابع:
الزمان: في المساء المكان: مكتب العقيد
حضرت كرامة إلى قسم الشرطة ومثلت أمام زافي ومعه بليغ وعصام الذين كان يبدو عليهم أنهم اجتمعوا لتأدية بعض الأدوار على مسرح عزفت في خلفيته مقطوعة الحقد والكراهية أبشع سيمفونياتها.. فبليغ جالسٌ رغمًا عنه في مكتب رئيسه الذي عنفه بشدة لتسببه في تشويه سمعته بين كل من في القسم من شرطة وجنود.. وبرفقة عصام الذي يظن أنه هو من وشى به لدى زافي وتسبب في حضوره الإلزامي للتحقيق مع امرأة يمقتها أيضًا.. وفي الوقت نفسه عصام كان يحمل مشاعر سلبية تجاه بليغ.. وزافي يشعر بذات المشاعر تجاه بليغ.. ووجوده يذكره بعتاب عمر وشكه فيه ولذلك كان الجو في المكتب مكهرب بشكل عام وكانت كرامة متوترة هي الأخرى.. فهي لم تتعود وجود أحد أثناء وجودها مع زافي.. إلا مرة واحدة حضر فيها عصام.. ورغم سوء الجو النفسي للأشخاص الأربعة إلا أنه كان لابد من بدء التحقيق حتى ينتهي بسرعة على الأقل ويخرج كلاً منهم قبل أن ينفجر..
بدأ بليغ الاستجواب بسؤالٍ وجهه لكرامة: - أخبريني سيدة كرامة, هل حصل أي خلاف بين سارة وبين أي أحد قبل وفاتها؟ التزمت كرامة الصمت لفترة, تتذكر الموقف الذي حصل بينها وبين ابنتها قبل وفاتها بأيام.. أغمضت عيناها.. وسرحت إلى عالمٍ بعيد مجهول.. تتحقق لها فيه أمنيتها بعودة سارة لتصحح كل أخطائها معها.. أعادها إلى أرض الواقع بليغ وهو يقول: - لم تجيبي سيدة كرامة!! - نعم, لقد حدث خلاف صغير بيني وبينها.. وما سبب الخلاف؟ - طلبت مني طلبًا سخيفًا فرفضت.. - أي طلب؟ - كانت تريدنا أن نسافر إلى أي مكان للنزهة.. لكني رفضت لأن الوقت غير مناسب وكلنا لدينا ارتباطات.. - أليس من الغريب أن تطلب فتاة عاقلة مثل هذا الطلب في منتصف العام؟ أزعجها تلميحه بغرابة تصرفات ابنتها فقالت بلهجة خالطها الانفعال: - سيد بليغ يزعجني تشكيك في القوى العقلية لابنتي.. - ألا ترين معي أن تصرفاتها غريبة بالفعل وطلباتها مستحيلة (صمت زافي قليلاً ثم تابع أسئلته قائلاً) : ألم تفكري أن تسأليها عن السبب؟ - كانت تشعر بالملل لأننا منذ مدة كبيرة لم نسافر.. - وغضبت لأنك رفضت وصارت لا تكلمك؟ - نعم.. - وما هي ردة فعلك تجاه سكوتها وغضبها عليك؟ - تركتها حتى تهدأ.. وتتفهم موقفي.. - لكنها لم تهدأ ولم تتفهم موقفك..
قالت كرامة بلهجة أسى: - لم يعطها أجلها فرصة لذلك المسكينة.. - حتى لو أعطاها ما كانت لتفعل.. فهي فتاة مدللة وتعودت على أن كل ما تطلبه ينفذ لها على الفور بدون نقاش ولذلك استخدمت أسلوبها ذاك لتضغط عليك.. وتحصل على ما تريده منك بالإكراه.. - عمر سارة لم تضغط علي ولم تحصل على شيء مني بالإكراه.. أنا والدتها ومن واجبي توفير أساليب الرفاهية لابنتي الوحيدة بمنتهى القناعة والرضا والحب.. - أي قناعة ورضا وحب الذان تتكلمين عنهم.. لو تعاملت معها برفق ما كانت ضاعت منك.. - ماذا تعني؟ - سيدتي هل لي أن أعرف لماذا أخفيت موضوع خلافكما عنا؟
كانت كرامة تغلي من الداخل.. لكنها كانت تحترم وجود زافي ولذلك كانت ت جيب على أسئلة بليغ المستفزة بمنتهى الهدوء والاحترام.. لكن سؤاله الأخير جعلها تستشيط غضبًا وتصرخ في وجهه قائلة: - سيد بليغ, أنا لم أخفي عنكم ما يخدم القضية ويعينكم على الإطاحة بالقاتل أما دون ذلك فهو أمر شخصي وليس لأحد التدخل فيه ولا حتى الاطلاع عليه.. - سيدتي أن ما تعتقدين أنه لا يخدم القضية قد يعني لنا الكثير.. - ها قد عرفت الآن.. فهل لك أن تخبرني ماذا استفدت من سؤالي عن خلاف بيني وبين ابنتي؟ هل اكتشفت قاتل ابنتي وكيف قتلها؟
شعر بليغ بالحرج وتلعثم.. واحمر وجه والتزم الصمت.. بينما أخفى عصام ضحكة شماتة كادت أن تفلت منه.. وأخفض رأسه وتشاغل بهاتفه النقال بينما سعى زافي لإنقاذ الموقف قائلاً: - يا سيدتي, هناك بعض الأشياء التي تبدو عادية لكنها لها مدلولات مهمة بالنسبة لنا كشرطة.. وهذا ما قصد أن يتوصل إليه الملازم بليغ من أسئلته لك.. نظرت إلى بليغ بنضرة شك وقالت: - أحقًا أيها الملازم؟ - نعم طبعًا صحيح - وهل طريقة تربيتي لابنتي من ضمن الأشياء المهمة التي توصلكم للقاتل؟ هز بليغ رأسه فقالت بخبث: - وما هو الذي خرجت به؟ تحرج بليغ وقال متهربًا: - إنها أسرار القضية التي لا نستطيع البوح بها يا أم سارة.. - أسرار قضية ابنتي عليّ أنا؟؟ - على الكل وليس عليك فقط..
التفتت كرامة نحو زافي وقالت بنفس لهجة الانفعال السابقة: - سيد زافي, لقد وعدتني أن تتولى بنفسك قضية ابنتي.. فماذا اسمي استجواب هذا الرجل لي؟ - لا تنفعلي سيدتي, فهو يتدرب.. - إذا كنت تود تدريبه فأرجو أن تعطه قضية أخرى غير قضية ابنتي.. لأنه لا يصلح لها.. ابتسم زافي وقال ليهديها: - حسنًا هو سيجلس هادئًا يستمع ليتعلم ولن يتدخل.. هل يرضيك هذا؟ - إذا كان لا بد من وجوده فالأفضل أن يجلس في مكان لا أراه فيه.. نظر زافي لبليغ وأشار له أن يجلس على كرسي خلف كرامة.. ثم طالعها وابتسم قائلاً: - أرجو أن تكوني قد هدأت الآن.. حتى نستطيع استكمال الأسئلة.. - آسفة سيد زافي.. لا أستطيع المتابعة.. أنا متعبة.. - لا بأس, يمكنك أن تنصرفي الآن.. وسأستدعيك في وقت آخر.. - حسنًا, شكرًا لك. قال زافي لبليغ بعد انصراف كرامة: - ما هذا الذي فعلته؟ - قلت لك أنها امرأة مغرورة ومتعالية... - لقد كان أسلوبك مستفزًا ولا يناسب امرأة ككرامة.. - كنت استجوبها فقط! - عليك أن تعرف أن الاستجواب فن.. وعليك أن تستخدم الأسلوب الذي يتناسب وشخصية من تستجوبه.. - أنت الذي وضعتني في هذا الموقف.. - بل أنت الذي وضعت نفسك فيه بقلة حكمتك وسوء تصرفك.. - يمكنك أن تعفيني من هذه القضية وتجنبني الإحراج.. - لن أبلغك مرادك يا بليغ, فوجودك في هذه القضية صار لا مفر منه.. - تقصد أن تنتقم مني أيها العقيد أليس كذلك؟ - لا, ليس كذلك.. بل لأنك أثبت لي أني فشلت في تدريبك وأنك بحاجة إلى أن تتعلم على يدي من جديد..
لم يشأ بليغ أن يتعرض لمزيد من التوبيخ.. وأمام من؟ غريمه عصام؟؟ ولذلك كتم غضبه.. والتزم الصمت بينما التفت زافي لعصام الذي كان مندمجًا بلعبة تشاغل بها عبر هاتفه النقال.. وقال له: - عصام, اقترب فقد جاء وقت النقاش في القضية.. جلس الرجال الثلاثة يتوسطهم زافي الذي أخذ نفسًا عميقًا.. ليستعيد هدوءه ثم قال: - هل ترون أن لخلاف كرامة مع ابنتها.. أي بُعد في القضية؟ قال بليغ: - إنه مجرد خلاف تافه بين أم متسلطة وابنة مدللة.. - وماذا عنك يا عصام؟ - أنا أرى أن لسارة غاية من هذا الطلب.. غاية غير واضحة لنا.. لكن لها بُعد أكيد. قال بليغ باستخفاف: - غاية من طلب أحمقٌ وتافه لتلك الفتاة المراهقة المدللة!! بلهجة نبيهة وهادئة قال عصام: - بالعكس أيها الملازم.. سارة فتاة عاقلة وذكية. ضحك بليغ وقال بسخرية: - أسمعت ماذا قال الجندي أيها العقيد؟ يقول سارة ذكية.. - عصام معه حق يا بليغ.. من يدخل غرفة سارة ويرى كيف نسقت كل ركن فيها سيكتشف ذكاء تلك الفتاة الفنانة.
رمقهما بليغ بنظرات حادة ثم نهض من كرسيه بعصبية وسارع بمغادرة المكان.. فتساءل عصام وقد ملأته الدهشة: - ماذا به هذا؟ - أتعرف أنه أحمق؟ - يبدو أنه اعتبرنا نعارضه لنسخر منه.. ولذلك انسحب - دعك منه.. إنه ليس بحاجة إلى تدريب فقط.. لكنه بحاجة إلى تربية من جديد.. فقد أضاع كل مقومات الأخلاق.. - الله يهديه.. - انسَ أمره وأخبرني.. ما هي رؤيتك بالنسبة لخلاف سارة مع والدتها؟ - أرى يا سيدي أن هناك علاقة بين رغبتها في السفر وبين طلبها ترحيل الخادمة.. - كيف يعني؟ - يبدو أنها أصبحت تكره الخادمة لسبب ما.. ولذلك أرادت شيء من اثنين.. أما ترحيلها أو السفر عنها بعيدًا.. - بظنك أنها فعلت شيئًا ضايقها؟ - نعم يا سيدي لكن روزالي تصر على الإنكار.. والتظاهر بالبراءة والغباء.. - كلمني أكثر عن تحليلك للقضية يا عصام.. - نظرًا لمعاملة كرامة السيئة والتي تبعتها معاملة سيئة من سارة ورغبتها في تسفيرها وقطع عيشها أيضًا.. فكرت روز أن تضرب عصفورين بحجر.. تتخلص من سارة وتحرق قلب أمها عليها.. - جائز!! - ليلة الحادثة.. نزلت سارة لتشرب بعض العصير وعندما وجدت روز في المطبخ.. طلبت منها أن تحضر العصير لغرفتها.. فانتهزت روز الفرصة ووضعت لها الأقراص في العصير وأخذت علبة الأقراص معها ووضعتها في مكان مكشوف لتوهم أهلها أن البنت انتحرت.. وأشارت إلى أن سارة تعيسة ليكون هناك دافع للانتحار.. - كلام منطقي وعقلاني.. لكن ما الذي يجعل رزو تغير محتوى علبة الدواء وتفرغ بقية العلب؟ - بالنسبة لتغير محتوى العلبة فربما حتى لا يشك بأمرها أحد.. فوجود علبة دواء القلب في بيت لا أحد يستخدم فيه مثل هذا الدواء سيكون أمرًا مستغربًا قليلاً.. أما المضاد حيوي فوجوده وارد جدًا.. وقد لا يكون هناك أي أهمية لهاتين النقطتين وإنما هما مجرد مصادفة.. - رغم أني لست مقتنع تمامًا بهذا التحليل.. لكنه التحليل الوحيد الذي لدينا.. - فعلاً..
هز زافي رأسه بأسى ثم قال: - ما أصعب أن ندين شخصًا لمجرد أنه لا يوجد غيره نتهمه.. - ألست مقتنعًا بإدانة روزالي؟ - المسألة ليست مسألة اقتناع.. - إذًا ماذا؟ - لو حللناها بالعقل.. سنجد أن روز ليست هي الشخص المناسب الذي يمكنه أن يفكر في هذه الخطة المعقدة.. أتذكر كلام السائق؟ - نعم, أذكره.. لقد قال أن روز امرأة ريفية بسيطة يمكن أن تقتل بسكين لكن بدواء لا.. - فعلاً.. وأنا مقتنع بكلامه.. - لكن تذكر يا سيدي أن كأس العصير ليس عليه إلا بصمات روز وسارة فقط.. يعني نحن علينا أن نلغي العقل.. وننظر لكل ما لدينا من أدلة..
هز زافي رأسه وتطلع للأفق وهو يشعر بعدم الراحة لنتيجة القضية التي لم يجد حلاً لملابساتها غير الاستسلام لتحليل عصام. | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الإثنين يونيو 23, 2008 1:22 pm | |
| المشهد الخامس:
الزمان: بعد ساعات الدراسة المكان: مدرسة البنات
عند درج المدرسة الداخلي وقفت شلة تسنيم المحبة في لقاءها الأخير قبل الخروج إلى البيت, تغريد تسأل نجلاء: - ماذا عن موضوع علاء يا نونه؟ تنهدت نجلاء ثم قالت: - انتهى، (ابتسمت وهي تتذكر نظرة والدها الحانية وكلماته الودودة وتابعت قائلة) :لقد كان أبي عطوفًًا وحنونًا ويخاف علي بالفعل.. وتفهم موقفي وأبلغ علاء برفضي.. - أبلغت أباك برفضك لعلاء يا نجلاء؟ - وماذا في ذلك؟ - بصراحة تصرفك غاية في الغرابة ولم نتوقعه منك أبدًا.. - ولماذا؟ - أليس علاء هو الرجل الذي تحبينه وتتمنين الزواج به؟ - تغريد لقد قلت لك منذ البداية أن علاقتي بعلاء ليس هدفها الزواج.. رمقتها تغريد بنظرة مندهشة.. ثم وجهت نظرها إلى ميار التي كانت شاردة في عالم آخر, وسألتها: - ميار ما رأيك أنت؟ قالت ميار وهي تنظر إلى جموع البنات في الساحة: - ماذا يحدث هناك؟ لماذا لم يذهبن إلى بيوتهن؟ - هيا لنرى..
تقدمن حيث الجموع فوجدن مجموعة من البنات متحلقات حول ياسمين التي كانت تتكلم عن آخر أخبار سير قضية سارة وكانت تتكلم بحماسة وتقول: - أظهرت تحقيقات الشرطة أن روزالي هي من وضع الأقراص في كأس العصير.. قالت أحدى البنات بانفعال: - ولماذا فعلت ذلك تلك المجرمة؟ - وهل يحتاج المجرم سببًا حتى يسرق أو يقتل؟ قالت ياسمين: - قتلتها لتنتقم من أم سارة.. - ولماذا تريد الانتقام؟ - ربما رفضت أم سارة أن تزيد مرتبها.. علقت فتاة أخرى: - ربما كانت تنوي أن تسرق شيئًا وسارة اكتشفتها.. - مثل ماذا يعني؟ - ذهب، نقود أي شيء.. - أكملي يا ياسمين.. ماذا سيفعلون بها؟ - سيتم صدور الحكم عليها قريبًا أما بالمؤبد أو الإعدام.. قالت ميار بلهجة استنكار مدموجة بالشفقة: - إعدام!!! ردت ياسمين بحماسة: - طبعًا إنها تستحق أكثر من ذلك لو يعطوني إياها لمزقتها إربًا.. علقت إحدى البنات قائلة بلهجة اشمئزاز: - كيف طاوعها قلبها لقتل سارة؟ إنها مجرمة.. - الحمد لله أنهم ألقوا القبض عليها قبل أن تفكر في الهرب - وهل كانت ستهرب؟ - طبعا أكيد ستفكر في ذلك الخادمات يستخدمن السحر في كل شيء - إذًا, تستطيع أن تهرب حتى في السجن إذا أرادت! - الأفضل أن يشنقوها قبل أن تتمكن من الهرب تلك المجرمة..
شعرت ميار بالدوار وانزوت عنهن في مكان قصي وصورة روزالي لا تفارق خيالها.. لاح طيف سارة أمامها ورن صوتها في أذنيها وتذكرت موقفًا لها وهي تقول: روز رحمة من السماء يا ميار.. لا أعرف ماذا كنت سأفعل بدونها.. (غمزت بعينها ثم تابعت قائلة) : رغم أنها مزعجة أحيانًا لكنها أفضل من الوحدة على أي حال.. ابتسمت ميار حينها وقالت: - تحبينها يا سارة؟ - لن أنكر أني أحبها فالسنوات التي قضيتها معها كفيلة بأن تجعلني أتعلق بها.. وأحبها فلا أحد يهتم بي ويرعاني كما تفعل هي.. - ذلك هو واجبها.. تنهدت سارة وقالت بمرارة: - لو كل الناس قامت بواجبها كما يجب.. لعشنا في المدينة الفاضلة.. لكن روز هذه إنسانة أمينة وحنونة..
انسحبت ميار من الزمان والمكان وقلبها يعتصر ألمًا كلما جال ببالها كلام سارة عن روزالي عادت إلى البيت وارتمت على فراشها تفكر.. دخلت عليها والدتها وقامت تلملم بعض الأغراض المبعثرة في الغرفة وتقول بضجر: - لم تكوني فوضوية هكذا من قبل أنت تعلمين أن ليس عندنا خادمة والخادمة التي تأتي كل أسبوع مسافرة.. رتبي غرفتك على الأقل يا ميار.. التفتت لابنتها التي لم تنتبه لوجودها والتي كانت تتمتم بكلمات هامسة لا تكاد تُسمع.. جلست على طرف الفراش فانتبهت لها ميار وطالعتها بنظرات شاردة وقالت بدون تركيز: - هل تريدين شيئًا يا أمي؟ - ألم تسمعي ماذا قلت لك؟ بلعت ميار ريقها وبدا الضيق على وجهها الشاحب.. تألمت سلاف لحالها وقالت وهي تمسح شعرها بحنان: - ماذا حصل لابنتي الجميلة التي تحب الجمال؟ أغراضها مبعثرة.. وغرفتها قذرة وفراشها غير مرتب؟ ماذا جرى لك يا حبيبتي؟ قالت بانفعال وهي مازالت في عالمها الآخر: - سيعدمون روز يا أمي.. - ومن روز؟ - مربية سارة - هل قتلت أحدًا؟ - يقولون أنها قتلت سارة! - لماذا أنت متأثرة من أجلها؟ إنها تستحق الموت, ألم تحرمك من صديقتك؟ ردت بانفعال: - كانت سارة تحبها.. وهي أيضًا تحب سارة.. - لو كانت تحبها حقًا لما قتلتها..
كانت ميار ستقول شيئا ما, لكن سلاف قاطعتها قائلة: - لا تشغلي بالك بهذا الأمر, سارة كانت صديقتك المقربة، لكن الحياة لن تتوقف عند سارة.. الحياة جميلة وبها أناس كثيرين غيرها يحبونك ويهتمون بك.. ويتألمون عندما يرونك تتألمين.. رفعت ميار عيناها المغرورقتان بالدموع تنظر لوالدتها التي كانت تتكلم بحنان ودفء فارتمت بين أحضانها تلتمس الأمان الذي تفتقده وقالت بصوت حزين ونبرة آسفة: - سامحيني يا أمي لأني أسبب لك الألم أنا لا أقصد أن... ابتسمت سلاف وقالت بلهجة تقطر عطفًا: -لا تعتذري يا صغيرتي، أنا لم أقل لك ذلك إلا لتشعري بأن هناك من يحبك مثل سارة وأكثر من سارة أيضًا. - أعرف يا أمي أنا لا أحد يحبني مثلك ولا حتى سارة..
ضمتها سلاف إلى صدرها بحنان وحلقت معها بروحها المنهكة إلى عالمٍ آخر.. عالمٌ جميل خالٍ من الأحزان والهموم عُزفت فيه سيمفونية الحب أحلى الألحان ونسيا في غمرة لحظاتهما الحالمة كل ما تحويه الدنيا من هموم وأحزان, وفجأة عادتا إلى واقع الغرفة المعتمة الكئيبة وقد تملكهما الفزع حين سمعتا صوتًا رجاليًا متجهمًا يفسد السيمفونية العذبة التي كانت خلفية لقائهما الحميم ويعكر عليهما صفو تلك اللحظات الرومانسية التي كانتا في أشد الحاجة إليها, فابتعدت ميار بجسدها النحيل عن أحضان أمها بينما وقفت سلاف تنظر للرجل الغاضب الذي أقتحم عليهما المكان وقالت دون أن تستوعب ما نطق به من كلمات غاضبة: - ماذا بك يا حمزة؟ رد بغضب مدموج بلهجة ساخرة: - ماذا بي؟؟؟ طبعًا كيف لك أن تعرفي وأنت هنا تعيشين جوًا رومانسيًا مع الآنسة.. وأنا أنتظر البذلة والحقيبة.. - جئت لأطلب من ميار أن تساعدني في كي بدلتك ريثما أحضر الحقيبة فوجدتها متعبة وجلست أتحدث معها قليلاً.. - أنتما هنا تتحدثان وأنا أتأخر عن موعدي.. - لن يحصل شيء لو تأخرت قليلاً.. حتى أنتهي من حديثي مع ابنتي.. صفق وتابع بلهجة ساخرة: - مبروك, مبروك نجحت في اختبار الأمومة أيتها الأم العظيمة.. طالعته سلاف بنظرة استنكار وقالت له: - حمزة، ما هذا الأسلوب الساخر الذي تكلمني به؟ - ماذا تريديني أن أقول وأنا أراك تلعبين دورًا غراميًا مع ابنتك, وتقصرين في واجباتك تجاهي.. وتجاه بيتك يا مدام.. - انتق ألفاظك وهذب أسلوبك يا حمزة.. فأنا عمري لم أقصر في واجبي تجاهك لكنك تأكل وتنكر.. ولا يعجبك شيء حتى لو أوقدت لك أصابعي العشرة شمعًا.. استفزه كلامها فقال بغضب: - نعم، نعم!! يعني أنا قليل أدب يا سلاف!! - افهمها كما تريد، أنا لن أصحح أفكارك
تدخلت ميار التي كانت تراقب الموقف بترقب وقلق قائلة: - أمي، أبي أرجوكما اهدءا.. الموقف بسيط ولا يستدعي الخلاف.. أطل دانيال برأسه فقد استثارته أصواتهم العالية وقال: - من الذي بدأ الخلاف يا ميار؟ صرخ حمزة قائلاً: - هذا ما كان ينقصنا.. تدخل الأطفال.. قالت سلاف: - إذا كان يهمك أن يتدخلوا فالأجدر بك أن لا تتكلم أمامهم ولا ترفع صوتك, وتحكم أعصابك.. خاصة والموضوع تافهة ولا يستحق. توجهت ميار نحو والدها وقالت بلهجة رجاء: - سأفعل لك كل ما تريد لكن لا تُغضب أمي رمق حمزة سلا ف بنظرة حادة ثم دفع ميار بيده بقوة حتى كادت أن تقع على الأرض وقال وهو يخرج من الغرفة: - بيت خرب.. أهم شيء رضا أمها!! تفادى دانيال الاصطدام بوالده الغاضب بأن ألصق جسده الصغير بالجدار ثم أسرع يلتمس الأمان بين أحضان أمه، قالت ميار بنغمة آسفة بعد أن عضت شفتها بقوة: - سببت لك مشكلة يا أمي.. - لا عليك، هو عصبي المزاج.. الآن يذهب إلى أصحابه وينسى كل شيء.. إنه عصبي علينا فقط! - هل أذهب لمساعدته يا أمي؟ - لا، دعيه يخدم نفسه بنفسه, نحن لسنا عبيدًا عنده يصرخ علينا ويهيننا ثم نرضخ لأوامره.. ونسعى لمرضاته.. قالت ذلك ثم أغلقت باب الغرفة وأخذت بيد دانيال وأجلسته على الأرض وقالت تحدثه: - تلعب معي أكس أوه؟ هز دانيال رأسه بالموافقة فوجهت حديثها لميار قائلة: - احضري لنا ورقة وقلم يا ميار.. قال دانيال: - أنا أريد قلم أحمر.. ناولتها ميار ما أرادت وأخذت تراقبها وهي تحاول أن تنسى همومها مع دانيال الصغير الذي اندمج في اللعب بسرعة.. ثم سمعوا صوت الباب الخارجي يُغلق بعنف. | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الإثنين يونيو 23, 2008 1:23 pm | |
| المشهد السادس:
الزمان: في المساء المكان: أحد اليخوت التي تُؤجر للسياح عند الشاطئ
كان الجو عليلاً ونسمات الهواء الناعمة تداعب وجوه الرجال التسعة الذين كانوا على ظهر يخت صغير في عرض البحر أحدهم كان قائد اليخت وآخر طباخ واثنان مشرفان على ترتيب اليخت ونظافته, أما الرجال الخمسة الباقين فكانوا هم من يعمل على راحتهم أولئك الرجال الأربعة.. رفع حمزة نظره إليهم وهم يتناولون طعامهم على مائدة فاخرة صممت بإبداع.. وحوت على أصناف عديدة من الأكلات اللذيذة، المالحة والحلوة.. قال لهم بعد أن استوى على أحد المقاعد: - أتمنى أن تكون الرحلة قد أعجبتكم - بصراحة انتقائك لرحلة بهذا المستوى وفي هذا المكان شيء رائع جدا.. وغير متوقع.. ضحك أحدهم وقال ساخرًا: - يكاد يكون ليس من تخطيطك.. بل ليس من مستواك! وأكمل آخر قائلاً بنفس اللهجة الساخرة: - لا تتعجبوا يا شباب لو ظهر في النهاية أن كل شيء من إعداد المدام.. ثم ارتفعت أصواتهم بالضحك قال حمزة باستياء وهو يتذكر آخر موقف له مع سلاف: - لا تفرحوا, لا دخل للمدام في أي شيء من هذا. - يعني تريدنا أن نصدق أنه من صنعك؟ - تصدقوا أو لا تصدقوا.. أنتم أحرار - هيا أخبرنا.. أم أنه سر؟
ابتلع كمية كبيرة من الهواء ثم قال: - وزير السياحة بنفسه أشرف على الرحلة.. - لا تحرجوه يا جماعة فهو لا يريد أن يبوح بالسر.. - إنه ليس سرًا وأنا لستُ مُحرج.. لكنكم أنتم الذين لا تصدقون أنني رجل صاحب ذوق عالٍ.. التفت إليه أحدهم وقال: - كم كلفك كل هذا يا حمزة أم أن هذا أيضًا سر؟ - كلفني نصف راتبي الشهري - هي رحلة جميلة، لكن ينقصها شيء.. - وما هو؟ - النساء يا عزيزي.. النساء. علق آخر: - يا أخي نحن لا نصدق متى نستريح منهن ومن مشاكلهن.. - ناقص أن تقول نحضر الأولاد أيضًا! - لا يا شباب أنتم لم تفهموا قصد سلمان، هو يقصد نساء وليس زوجاتنا! - في هذه معك حق، نساء غير النسرات اللاتي معنا في البيت قمة المتعة بالتأكيد. قال حمزة وهو ينظر لأمواج البحر التي هاجت بفعل الرياح: - ومن قال أني أحضرتكم هنا لإمتاعكم؟ - لماذا أحضرتنا إذًا؟ رفع أحدهم صوته قائلا: - أتعرفون يا شباب لماذا اختار حمزة أن يدعونا في هذا المكان؟ - لماذا يا فالح؟ - حتى يزج بنا بين الأمواج ولا أحد يدري!! ابتسم حمزة وقال بخبث: - يا سلام عليك يا كمال، إنه التخمين الوحيد في حياتك الذي قصدت به مزحًا فكان أصدق من وعد الروم! تبادل الرجال الأربعة النظرات الحائرة والوجلة في الوقت نفسه فتابع حمزة: - كان من الجيد أن تودعوا أزواجكم وأولادكم فأنتم لن تروهم ثانية.. - ماذا تعني يا حمزة؟ - وهل صدقتم كلامه.. إنه يمزح بالتأكيد.. - أنا لا أمزح يا أزهر, هذا اليخت مزود بالوقود لمدة أربعة وعشرين ساعة فقط بعدها يتوقف المحرك ويدخل في عملية احتراق ذاتي (ألقى نظرة سريعة على ساعة يده ثم تابع قائلاً) : يعني خلال نصف ساعة ستكون أجسادكم تحت الأعماق وأرواحكم في السماء.. وهنا في عرض البحر لا أصواتكم تصل ولا هواتفكم تتصل ولا مفر من المصير المحتوم.. - حمزة, أصدقنا القول هل هذا الكلام صحيح؟ قال أحدهم بانفعال شديد: - لا يمكن لك أن تفعلها بنا وأنت معنا.. - أنا حياتي لا تهمني أصلاً.. ما معنى حياتي وسط عصابة من الأصدقاء المنافقين والخونة.. - نحن منافقين وخونة يا حمزة؟ رد حمزة بانفعال: - ماذا تسمون الصفقة التي خططتموها وأوكلتموها لي أنا كي أنفذها؟ أنتم تكسبون الأرباح وأنا أكون في وجه المدفع حتى إذا علم بأمرنا السيد مناع.. أنا أكون الخائن.. وأزج في السجن مع المجرمين والقتلة! تبادلوا النظرات الحائرة ثم قال محمود: - من قال لك هذا الكلام السخيف؟ - لا أحد, أنا اطلعت على الشروط الجزائية.. وعرفت من شريف المحامي أنها حركة غير قانونية تلزم مرتكبها على الأقل خمس سنوات سجن.. أليس كذلك يا محمود؟ - وما مصلحتنا أن نلقي بك في السجن يا رجل؟ - إذا نجحت في مهمتي.. أنتم تكسبون الأرباح التي اتفقنا عليها.. - وما الذي يلزمك أن تسلمنا إياها؟ - وصل الأمانة الذي وقعت لك عليه عندما تدينت منك قيمة السيارة, والذي ادعيت أن أنك تخلصت منه, لكنك لم تفعل رغم أني أعدت إليك كامل المبلغ الذي اقترضته منك, أنسيت؟ - إذًا أنت تريد الانتقام منا؟ - لأنكم أناس لا تستحق العيش أصلاً.. فمن يخون أصدقاؤه يجب أن يموت. - وأنت أتموت معنا لمجرد الانتقام؟ - لمَ لا؟ ألسنا أصدقاء على الحلوة والمرة؟ كما أني لو نجوت بنفسي سيؤل بي الأمر إلى المشنقة فإغراق خمسة رجال ليس كقتل دجاجة! - يا أصحاب إنه يقصد إخافتنا لا أكثر, أليس كذلك يا حمزة؟
وفجأة اهتز بهم اليخت هزة عنيفة ففزعوا جميعًا ونهضوا من فوق مقاعدهم بينما قال حمزة ببرود: - يظهر أن الوقود قد نفذ والمحرك بدأ بالاشتعال.. صرخ أحدهم: - يا رجل، أتخسر آخرتك وتزج في النار للتخلص من نكرات أمثالنا؟ - آخرة؟ أنت الذي تتكلم عن الآخرة يا سلمان؟ - أعطنا فرصة لنتوب على الأقل.. - تُب, ما الذي يمنعك؟ ثم أنت لست بحاجة إلى توبة.. إذا مُتَ غرقًا فأنت شهيد.. يعني أنا أنفعك بإغراقك لا أضرك.. ستبلغ منزلة لن تنالها حتى لو قضيت بقية عمرك تصلي! نهض أحدهم إلى ظهر اليخت.. وأخذ يتلفت وكأنه يبحث عن شيء ما.. رفع حمزة صوته وهو يقول: - لا تتعب نفسك يا عزيزي, لا يوجد قارب نجاة.. لقد أخذه الكابتن ومعاونيه لينجوا بأنفسهم.. فالخونة هم وحدهم من يستحقوا الموت.. توجه نحو حمزة وقال له: - أحقًا ما تقول؟ - ابحث في كل مكان.. لن تجدهم.. - حمزة, ألا يوجد سبيل للنجاة؟ أنا سأعطيك كل ما تريد.. وسأتنازل عن وصل الأمانة.. انظر إنه هنا في جيبي (أخرج ورقة من جيب بنطاله ومزقها بعد أن عرضها على حمزة وتابع قائلاً باستجداء) : هه.. مزقتها.. - فات الأوان يا صديقي, لم يعد ينفع استجداءك شيئًا.. ألم تشم رائحة الحريق؟ - أنا لا أجيد السباحة.. يا إلهي.. - حتى لو كنت تجيدها.. نحن في وسط بحر هائج.. انظر في جميع الجهات.. هل ترى اليابسة؟ - سأقتلك يا حمزة نعم سأقتلك.. - لا أعرف لمَ تستعجل موتي.. نحن كلنا سنموت معًا.. - لكنك ستسبقني يا حمزة.. ثم انقض بكلتا يديه على رقبة حمزة يقصد خنقه.. بينما استمر حمزة في حربه النفسية قائلاً: - لعلمك أنا الفائز لو قتلتني.. لأني سأكون قتيلاً وأنت قاتلاً.. بينما نهض اثنين من الرجال الباقيين يحاولان أن يفكا الرجلين.. دون فائدة.
سنعود بعدقليل | |
|
| |
0همتي لأمتي0 عضو جديد
عدد الرسائل : 22 المزاج : co0oL+* نقاط التميز : 1 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 19/07/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الأحد يوليو 20, 2008 10:02 pm | |
| السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.. الصراااحه عذبتيــــــــــــــــــــــــنا القصة روووووعه بس نبي التكملة للحين انا ما كملت بس لما شفت طول القصة تحطمت بس يله معليه لا تتأخري في التكملة ... نحن في اتظار الحلقات القاادمة . | |
|
| |
عهد الهمم مشرفة المنتدى الإسلامي
عدد الرسائل : 2063 المزاج : عال العال ^_^ رقم العضوية : 7 السٌّمعَة : 0 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: رد: رسائل حب من المقبرة الأحد يوليو 20, 2008 10:25 pm | |
| | |
|
| |
| رسائل حب من المقبرة | |
|