حبنا غير } ~
حبنا غير } ~
حبنا غير } ~
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


معلومات عنك انت متسجل الدخول بأسم {زائر}. آخر زيارة لك الخميس يناير 01, 1970. لديك0مشاركة.
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رسائل حب من المقبرة

اذهب الى الأسفل 
+6
همم تناطح السحاب
المها
قمم
Him'ma
براءة الهمم
عهد الهمم
10 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالجمعة مارس 28, 2008 7:15 pm

دق جرس المدرسة معلنًا انتهاء اليوم الدراسي الطويل.. وتسربت البنات من الفصول متوجهات نحو البوابة الرئيسية في انتظار من يقلهن إلى بيوتهن وهن يحملن حقائبهن الغاصة بالكتب ومستلزمات الدراسة.. بينما تحلقن ثلاثة منهن في ساحة المدرسة حول فتاة رابعة يتبادلن الحديث وكأنهن في اجتماع سياسي مهم قالت الفتاة التي كانت تتوسطهن:
- اسمعن يا بنات.. نحن نشكل شلة رائعة.. وشلتنا هذه يجب أن يكون لها اسم..
قالت أخرى باستنكار:
- ليس هناك داع لذلك أبدًا.. فكل واحدة لديها اسم.. هل نتشبه بالصبيان؟
- ليس في ذلك تشبه بالصبيان.. نحن فعلاً يجب أن نطلق على شلتنا اسم..
ردت الأولى موافقة:
- واسم مميز أيضًا..
- يا سلام.. وما ضرورة ذلك؟
- اسم نعرف به ويكون دلالة علينا..
- نسمي شلتنا بشلة المحبة..
- صحيح.. لأننا نحب بعضنا..
- اسم جميل لكنه ليس له ارتباط بنا..
- كيف يعني؟ أليس ما يجمع بيننا هو الحب؟
- معك حق نحن تجمعنا صفات ومشاعر كثيرة.. التفاهم والمودة والتعاون.. والكثير من الصفات الجميلة.. وليست المحبة فقط..
- يبدو أنه في بالك اسمًا ما..
- فعلاً.. اسم ضللت أفكر فيه طوال الليل..
- وما هو يا ترى؟
- سنسمي أنفسنا بشلة تسنيم..
- اسم النجمة تسنيم؟
- نعم..
- فهمتك الآن.. اخترت اسم تسنيم لأننا جميعًا نحب هذه النجمة..
- صحيح.. وهناك سبب أكثر أهمية..
- وما هو؟
- هو أن هذا الاسم الجميل يجمع أول حروف أسمائنا.. (تابعت والبنات يستمعن إليها باهتمام بالغ) : التاء حرف تغريد.. والسين أول حرف من اسمي سارة.. والنون حرف نجلاء.. والميم حرف ميار..
- تصدقي أني لم أنتبه لذلك من قبل..
- ما رأيكن أن نضيف كلمة المحبة على تنسيم.. حتى يكون اسم شلتنا تسنيم المحبة.. تنسيم الذي يجمع الحروف الأولى من أسمائنا والمحبة التي تجمع بيننا..
قالت الثلاث بنات بإعجاب وهن يصفقن تصفيق حار:
- فعلاً صحيح.. ما أروع ذلك.. شلة تسنيم المحبة اسم مناسب لشتلنا.. وفقت في الاختيار يا سارة..

انتهى الاجتماع القصير باختيار اسم الشلة وتفرقت البنات الثلاث.. كلاً إلى بيتها بينما تطلعت سارة إلى زاوية من زوايا ساحة المدرسة حيث فتاة صغيرة تصغرها سنًا كانت تراقبها من بعيد.. ابتسمت في وجهها ابتسامة عذبة شجعت الفتاة الصغيرة على التقدم نحوها قالت لها وعيناها تبرقان ببريق الحب والإعجاب:
- بصراحة.. أنا معجبة بك جدًا يا سارة..
ضحكت سارة ضحكة صغيرة وقالت وهي تضع يدها على فمها:
- معجبة بي أنا؟؟
- نعم.. فأنت فتاة جميلة.. مرحة ولطيفة.. دائمة الابتسام.. تكاد البسمة لا تغيب عن محياك ولذلك أنا...
ضحكت سارة وقالت بمرح:
- أنت ماذا؟ وهل هناك غير أنك معجبة بي؟؟
احمرت وجنتا الفتاة الصغيرة وهمست باستحياء وهي تلقي بجسدها النحيل بين احضان سارة وتقبلها:
- أحبك يا سارة.. أحبك!
جاهدت سارة كي تبتسم من جديد وحدثت نفسها وهي تقاوم دموعها وأحزانها قائلة: ليس معنى ابتسامتي أني أعيش حياة سعيدة هانئة فوراء تلك الابتسامة الكاذبة الكثير من العذابات والشقاء.. طوقت يداها حول وجه الفتاة الصغير وقالت لها:
- لقد وضعنا لشلتنا اسمًا..
- أحقًا؟
- نعم وسميناها شلة تسنيم المحبة..
- على اسم تسنيم عبد الهادي؟
- نعم..
- إنها مغنية رائعة وأنا أحبها.. (احمرت وجنتيها وقالت بخجل) : أحبها لأنك تحبينها.. إننا نجتمع في صفة الإعجاب بها.. يا سارة
- صحيح لكن ليس لهذا السبب فقط اخترت هذا الاسم بل لأن الاسم يضم حروف بنات الشلة أيضًا..
- آه فهمت..
- التاء حرف تغريد.. والسين أول حرف من اسمي.. والنون حرف نجلاء.. والميم حرف ميار.. أما حرف الياء فهو حرفك أنت يا عزيزتي..
انفرجت أسارير الفتاة.. وقالت بفرح:
- اسمي أنا؟
- نعم يا ياسمين.. حرفك..
ردت بحزن:
- لكني لست من الشلة..
- ستكونين.. ثقي بذلك.. سأجعل بنات شلتنا يحببنك يومًا ما..
- لا أعرف لماذا لا يحببنني.. ماذا فعلت حتى يعاملنني بهذه المعاملة القاسية.. رغم أني لم أخطأ في حق أي واحدة منهن يومًا..
- لا تحزني يا ياسمين.. لقد وعدتك أن أجعلهن يحببنك وستكون تلك رسالة من رسائل الحب التي أحلم بتحقيقها في الدنيا.. فالحب رسالة يجب أن ننشرها في كل مكان لنجعل كل الناس يحبون بعضهم البعض.. فهل تكونين شريكتي في نشر هذه الرسالة السامية يا عزيزتي؟
- طبعًا.. سأكون شريكتك في كل شيء..
- اتفقنا إذًا.. هيا اذهبي لبيتك الآن.. لا تتأخري حتى لا يقلق عليك أهلك يا ياسمين..
هزت ياسمين رأسها موافقة.. ومضت مبتعدة عن سارة وهي تلوح لها بيدها مودعة.. وهي تهمس قائلة بفرح: سارة تحبني كما أحبها.. سارة تحبني..

بينما ارتسمت أمارت الحزن على ملامح سارة.. توقفت قليلاً تنظر للسماء الزرقاء.. ثم حملت حقيبتها ومضت خارجة من المدرسة حيث كان السائق ينتظرها منذ فترة طويلة.. جلست في المقعد الخلفي للسيارة.. وغطت وجهها بمنديل خفيف تركوازي اللون كي تتقي أشعة الشمس القوية التي بدت وكأنها مسلطة على وجهها الجميل بالذات.. وكانت تلك فرصة جيدة تسمح فيها سارة لدموعها بالانهمار وهي تشعر أن ما بداخلها من حزن وألم يكفي أن يجعل كل من في الأرض حزين ومتألم مثلها.

سنعود بعد قليل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
براءة الهمم
عضو فعال
عضو فعال
براءة الهمم


انثى عدد الرسائل : 417
العمر : 32
المزاج : متغير
رقم العضوية : 15
السٌّمعَة : 0
نقاط : 2
تاريخ التسجيل : 21/03/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأحد مارس 30, 2008 12:55 am

حرام عليك يابنيه
أنا انسجمت مع القصه
الأكثر من رائعه
وبدت تأثر فيني
والنهاية تقولين
سنعود بعد قليل
والله عبالي حد قاط علي ماي
يعني شلون سنعود بعد قليل
شكلج منسمجمه مع سبيستون
خخخخخخخخخخ
امزح :lol:
أوهوه أنا ما فهمت العنوان
رسالة حب من المقبره
يعني شلون
ليكون
ولا أقول وين طرت أنا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأحد مارس 30, 2008 11:01 pm

هههههههههههههه

حلاتها كذا ... بس خل تكثر الردود واحط الجزء الثاني

ترى القصة تجننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن

بس عشانج بس احطه الحين ولا انا ماودي بس هاه الثالث

لازم تكثر الردود ...

صووووووووووووووووووووح

^_^
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأحد مارس 30, 2008 11:04 pm

الحلقة الثانية
عدنـــــــــا




كنا قد علمنا في الحلقة السابقة قرار البنات الأربع اللاتي اتفقن على تسمية مجموعتهن بتسنيم المحبة نسبة إلى النجمة تسنيم عبد الهادي التي يحببنها جميعا ويطربن لأغانيها والتي صادف أن اسمها يجمع الحروف الأولى من أسمائهن وأتبعن الاسم بكلمة المحبة التي تجمع بين قلوبهن النابضة بالحب والحياة
كانت تربط البنات الأربع صداقة حميمة منذ سنوات المرحلة المتوسطة من الدراسة.. هن الآن في المرحلة الثانوية وقد مضى على تلك العلاقة الجميلة أكثر من خمس سنوات

كبرت البنات وصار لكل واحدة منهن أحلامها وأمنياتها وطموحاتها الخاصة بها وحياتها بكل ما تحويه من ألم وفرح وتفاصيل سعيدة وأخرى موجعة ومع ذلك بقين صديقات حميمات لا تفرقهن المشاكل ولا الخلافات التافهة
حتى صارت شلة تسنيم المحبة مضرب المثل في المدرسة كلها في الحب والتعاون والإيثار
كانت البنات الأربع في نفس العمر تقريبا ولم يكن الفرق العمري بينهن يتجاوز عدة أشهر وأيام إلا أن صفات كثيرة جمعت بين الفتيات وصداقة متينة جعلت لهن صفات مشتركة حتى بدت ملامحهن متشابهة رغم ما بينهن من تباين واختلاف وإن كان الفرق الفكري مختلفا تبعا لاختلاف ثقافة العائلة ومستواها الاجتماعي قد أثر في وجود اختلاف فكر كل واحدة منهن..

كانت تغريد فتاة متوسطة الطول لها كتفين عريضين نوعا ما مقارنة برفيقاتها, حنطية البشرة يحتوي وجهها الصغير على حبيبات صغيرة تفرقت عشوائيا في مناطق متفرقة من جبينها ووجنتيها.. شعرها كستنائي خشن لكنه منعم صناعيا قصير يلتف حول وجهها كجزيرة تحيط بها المياه من كل جانب مكسبا إياها جمالا فوق العادي
وهي يتيمة الأب وتعيش وأخت تصغرها سنًا مع والدتها التي تعمل معلمة في نفس المدرسة التي تدرس فيها مما كان يشعرها بأنها مراقبة طوال الوقت من قبل المعلمات والطالبات ومن قبل والدتها المعلمة أيضا
أما نجلاء فقد كانت طويلة القد نحيفة الجسد لها وجه هادئ الملامح وشعر طويل ناعم متدرج الألوان بين الأسود وحتى الأشقر الفاتح وعينان واسعتان تميلان إلى اللون الزيتوني الفاتح تبرق فيهما نظرات الجرأة والشقاوة المختلطة بنظرة انكسار تحاول دائما إخفائها بالتهرب من التركيز في عين أي شخص يتعمد النظر إليها.. لها أنف طويل وبشرة بيضاء صافية اتسمت حركاتها بالخفة والرشاقة والمرح..
وهي ابنة لأبوين منفصلين يعيش كل واحد منهما مع شريك حياة آخر وأولاد آخرين نجلاء هي البنت الوحيدة المشتركة بينهما وهي تعيش مع والدها حاليا

سارة هي أقصرهن قامة يداها صغيرتان وقصيرتان ورغم صغر حجم جسدها ونحافته إلا أن وجهها ممتلئ ومدور كالقمر وعيناها واسعتان وجاحظتان يشوه بشرتها السمراء أثر بسيط لإصابتها بالجدري وهي صغيرة والدتها مصممة عالمية وتملك دارًا كبيرة لتصميم الأزياء يرتادها أشهر النجوم العالميين, والدها رجل أعمال لكنه ليس ثريًا جدًا لأنه لا يملك ذكاء التجار الكبار ولا جرأتهم في انتهاز الفرص التجارية

أما الفتاة الرابعة والتي تدعى ميار فكانت صاحبة شعر أسود ناعم وبشرة متوسطة البياض لها وجه دائري وعينان صغيرتان سوداوان وشفتان ورديتان صغيرتان منتفختان في الوسط ولها شامة سوداء على يمين شفتها العليا تقارب في طولها طول تغريد إلا أنها أقصر قليلا شقية رغم ما تعبر عنه ملامحها الناعمة من هدوء
والدتها تعمل موظفة في مستشفى للأطفال والنساء والولادة أباها موظف في مؤسسة خاصة للحديد والصلب لها أخ أكبر منها بأربع سنوات يدرس الطب في مدينة أخرى بعيدة وأخ آخر صغير ما يزال في المرحلة الابتدائية

أما الحرف الخامس من اسم تسنيم وهو الياء فقد كان من نصيب ياسمين وهي فتاة صغيرة لم تدخل المرحلة الثانوية بعد.. والدتها موظفة حكومة متقاعدة أما والدها فيعمل سكرتيرًا في شركة تابعة لأملاك والد سارة لها أخوة وأخوات كثر بعضهم متزوج وله أولاد
وقد أطلق عليها فيما بعد عاشقة سارة لما عرف عنها من حبها الشديد لسارة وهي قريبتها من جهة الأب ولذلك فهي كبيرة الشبه الشكلي بها وهي ليست من أعضاء شلة تسنيم المحبة لأن البنات لم يكن يحببنها لخلاف حصل بينها وبينهن كان سببه غيرتها الشديدة على سارة..

وبعد هذه النبذة عن بطلات قصتنا الأولى سنبدأ بالخوض في الأحداث التي بدأت في يومٍ حصلت فيه حادثة عظيمة ستغير حياة البنات الخمس مئة وثمانون درجة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأحد مارس 30, 2008 11:05 pm

المشهد الأول:
الزمان: ساعة مبكرة في يوم من أيام شباط الباردة
المكان: مدرسة ربيع العمر الإعدادية والثانوية للبنات

رن الجرس معلنًا بدء فترة الاستراحة والتي تأتي بعد حصتين متتاليتين مدة الواحدة منهما قرابة ثلاثة أرباع الساعة ومن بين جموع البنات اللاتي تسربن خارج الفصول نحو ساحة المدرسة الكبيرة انزوت ثلاث بنات.. في إحدى الزوايا يتناولن الشطائر ويشربن العصير قالت إحداهن بضجر:
- أووف كم أكره حصة الجغرافيا إنها أثقل حصة على قلبي..
- وأنا أيضًا أكرهها وأكره معلمتها البغيضة
- أصلا المعلمة هي التي تجعلنا نكره المادة إنها تثقل علينا بالحفظ والواجبات..
- بل بمعاملتها اللطيفة جدًا
- صدقت يقول المثل الدين المعاملة وهم معاملتهم سيئة يعني لا دين لهم
- إنه ليس مثلاً أعتقد أنه حديث شريف
- أحقا!!!
قالت تغريد تسأل صاحبتيها:
- لماذا تأخرت سارة يا بنات؟
- أنا لم أرها اليوم..
- إنها معك في الفصل يا نجلاء.. هل تعرفين لماذا هي متأخرة؟
- لم تأت اليوم أصلاً
- لماذا؟
- ربما لتتهرب من الواجبات..
- لا أعتقد فليس لدينا واجبات كثيرة اليوم..
قالت نجلاء وهي تبلع آخر ما تبقى من شطيرتها:
- لا أدري..اتصلت عليها قبل قليل ولم ترد..
قالت تغريد منفعلة:
- كاذبة كيف اتصلت عليها ونحن لم نقضي ولا دقيقة فراغ واحدة؟
- أنا لا أكذب يا آنسة تغريد اتصلت بها عندما خرجت لدورة المياه في حصة التاريخ
- أنت خطيرة أأحضرت المحمول معك رغم تهديد الجوهرة؟
- أنت تعرفين أنا لا تهمني الجوهرة ولا غيرها.. (قربت رأسها إلى أذني صاحبتيها وهمست قائلة) :ما رأيكما أن نحاول أن نكلمها الآن؟
- أين؟
- خلف المختبر هيا بنا

ألقين ما بحوزتهن من باقي الشطائر والعصير على الأرض واختفين خلف المختبر
أخرجت نجلاء المحمول من بين طيات ملابسها ثم ضغطت على أزراره وقالت:
- أيضا لا ترد..
- أكيد نائمة الوقت مازال مبكرًا على من أخذت إجازة اليوم..
- يا حظها ليتني أنام أنا أيضًا.. في هذا الجو البارد كم يحلو النوم تحت اللحاف الدافئ
- هيه نجلا اخفي المحمول أحدهم قادم..
- أحقًا هناك قادم أم تمزحين؟
- بلى لقد سمعت صوتًا..
- لولا أني أخشى أن تصادر الجوهرة جهازي المحمول وتخبر أهلي بأمره ما كنت أخفيته ولم أهتم بأمرها وتهديداتها تلك المتسلطة..
ضحكت ميار وقالت:
- يعني تخافين من أهلك ولا تخافين منها
- إنها لا تخيف نملة

أخفت نجلاء جهازها المحمول بحركة سريعة تحت طيات ملابسها وأخذت هي ورفيقتيها يرقبن شبح الشخص القادم نحوهن وعندما تبينت ملامحه قالت تغريد باستياء:
- إنها ليست إلا عاشقة سارة..
- هذه أنت؟ لقد أخفتنا..
- آسفة.. لكني افتقدت سارة.. أين هي؟
- لم تأتي اليوم..
- لماذا؟
- لا ندري..
قالت نجلاء بلهجة جافة:
- ربما تريد أن ترتاح من الطوق الذي يلف رقبتها ويمنعها حتى من التنفس خففي من ملاحقتك للبنت دعيها تتنفس قليلاً..
قالت ياسمين والدموع تكاد أن تفلت من عينيها:
- هل سارة هي قال ذلك؟
- من غير أن تقول.. حسي أنت وليكن لديك قليل من الذوق.. البنت تعبت من ملاحقتك لها.. أليس لديك إحساس؟
هزت ياسمين رأسها وقد تدفقت الدموع غزيرة من عينيها هذه المرة وقالت بلهجة انكسار وهي تمضي مبتعدة عنهن:
- أنتن قساة.. لو كانت سارة هنا ما كانت سمحت لكن بقول مثل هذا الكلام لي..
تنهدت ميار وقالت وهي تسند جسدها على الجدار:
- تصدقن أنها مسكينة؟
- من المسكين؟ ياسمين! قولي كلامًا آخر.. المسكينة هي سارة.. لا أعرف كيف تتحملها..
- سارة تتحملها لأنها قريبة والدها..
- عني أنا حتى لو كانت أختي ما استطعت تحملها.. إنني أشعر بالاختناق لمجرد رؤيتها.. إنها مثل العلكة إذا التصقت بسارة لا أحد يقدر على فكها..
ضحكت تغريد بقوة وهي تقول:
- احمدي ربك أنها لا تحبك أنت يا نجلاء وإلا كنت انتحرت من زمان..
- فعلاً الحمد لله..
- سارة طيبة ولذلك هي تتحملها وتتقبل تصرفاتها وتحاول أن تعلمها رسائل الحب التي تهدف لنشرها بين الناس كما تقول..
- لا فائدة في ياسمين لأن الحب في مفهومها أن يكون من تحب ملكًا لها وحدها..
- الله يشفيها ولا يبلانا..
- لا أعرف لماذا أنا قلقة على سارة.. فهي لم تقل لنا أنها ستغيب بالأمس..
- يعني أنت لا تعرفينها؟ هي تغيب وقتما تشاء..
- كم اشتقت إليها هذه الشقية..
- هيا لقد رن الجرس منذ خمس دقائق.. ستعاقبنا المس بالوقوف ولن تسمح لنا بالجلوس طوال الحصة كما فعلت بنهى عندما تأخرت في المرة السابقة..
- ليتها تدعنا نقف في الخارج حتى نراقب الناس..
- هيا يا بنات هيا فأنا ورائي معلمة شرسة.. لن ترحمني هذه المرة..
وقفن في صفًا واحد قالت نجلاء وهي تستعد للركض:
- بنات.. هيا استعداد..٣..٢..١ انطلاق..
ثم تسابقن نحو الفصول.. بخفة ورشاقة..

المشهد الثاني:
الزمان: نفس الزمان
المكان: شقة كبيرة بدورين تحتوي غرفاتها الأربع على أثاث قليل لكنه فخم وغالي الثمن يتوسط غرفة الجلوس تلفاز بشاشة مسطحة كبيرة وتزين أكبر جدرانها لوحة مذهبة كبيرة جمعت الزوجان مع ابنتهما الوحيدة سارة عندما كانت في الخامسة من عمرها..
كان رب الأسرة لتوه قد خرج من البيت في حين خرجت الزوجة إلى عملها منذ فترة طويلة تاركة البيت في رعاية الخادمة التي استيقظت منذ فترة لكنها ضلت بفراشها حتى تأكدت أن والد سارة قد خرج ثم رتبت غرفتها الصغيرة التي لم تكن تحوي سوى سرير و دولاب خشبي يضم أغراضها الشخصية ثم توجهت نحو غرف النوم في الطابق العلوي وبعد أن رتبت غرفة نوم سيداها دخلت إلى غرفة الآنسة الصغيرة همت بترتيبها إلا أنها وبعد أن ألقت نظرة سريعة على الفراش لوت فمها بضجر وهي ترى سارة متسمرة تحت اللحاف وهمست قائلة: اليوم أيضا لم تذهب إلى المدرسة!!! آه منك أيتها الفتاة المهملة
ثم خرجت وتعمدت أن تصفع الباب خلفها لتزعج الفتاة لكن الفتاة لم تنزعج فحدثت نفسها ثانية: نومها ثقيل ما أسهل حياتك المريحة يا سرورة ليتني أعيش مرتاحة مثلك..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأحد مارس 30, 2008 11:06 pm

المشهد الثالث
الزمان: نفس الزمان
المكان: مكتب فخم في دار كبيرة للأزياء
توسطت المكتب امرأة في نهاية العقد الثالث من عمرها شقراء الشعر بيضاء البشرة أحاطت حول عينيها السوداويين هالات سمراء تدل على كد وسهر طويل كانت تلبس ثوبا أنيقا أحمر اللون عانق بسلاسة وعفوية جسدها الرشيق المتناسق.. كانت على وجل لأنها على موعد مع فتاة مرشحة لتكون ملكة جمال العرب.. وقد صممت لها فستانًا كلفها الكثير من المال.. والوقت بينما لم تتقاضى حتى ثلاثة أرباع التكلفة ورغم ذلك لم تهتم كثيرًا.. فقد اعتبرته صفقة تمثل جسر الوصول للنجاح بالنسبة إليها في حال لو فازت الفتاة باللقب..
دخلت عليها السكرتيرة.. فوثبت واقفة بابتهاج وسألتها بلهفة:
- هل وصلت مروج؟
- لا يا سيدتي..
- ما الأمر إذًا؟
- هناك اتصال من المدرسة.. يقولون أن الآنسة الصغيرة تغيبت خمسة أيام خلال هذا الشهر عن المدرسة..
- ما أغباك.. أنا أنتظر مكلة جمال العالم المقبلة وأنت تكلميني عن المدرسة؟
كتمت السكرتيرة غيظها وردت قائلة:
- ماذا أقول لهم يا سيدة كرامة؟
- قولي لهم أي شيء.. مشغولة مسافرة.. ماتت.. لا أعرف كيف أخطأت وأعطيت رقم المكتب لتلك المديرة البلهاء.. (التفتت إلى السكرتيرة التي مازالت واقفة وصرخت في وجهها قائلة) :
- مازالت واقفة؟ هيا اذهبي واطلبي من الساعي أن يحضر لي فنجانًا من القهوة المرّة..
- حاضر يا سيدة كرامة..
خرجت السكرتيرة وقد استشاطت غضبًا لتصرف كرامة ونظرت لسماعة الهاتف الملقاة على مكتبها ثم حملتها وبدون أن ترد أعادتها إلى مكانها!


المشهد الرابع
الزمان: نفس الزمان
المكان: أحد شوارع المدينة الضيقة حيث كان رجل يجلس في سيارته الأمريكية الجديدة واضعا يده على جبينه المسندة على نافذة السيارة يفكر في وجهته التي ينتظرها منذ فترة طويلة والتي ستنقله النقلة الاجتماعية والمادية التي طالما حلم بها وتمناها تخيل ألآلاف الأوراق المالية تتساقط أمام عينيه ابتسم وحدث نفسه قائلا: سأذهب للسيد مناع وأنفذ الصفقة التي اتفقنا عليها أنا وأزهر وعندما تنجح الصفقة سأشتري شقة كبيرة وأعطي محمود المبلغ الذي تدينته منه وأدفع باقي أقساط السيارة (تلفت حوله داخل السيارة وتابع يحدث نفسه) : ما هذا الحظ التعس؟؟ حتى سيارة صغيرة موديل خمس سنوات اشتريها بالأقساط!!
أخرجه من حديثه الحالم والساخط.. صوت أحدهم وهو يصرخ فيه قائلا:
- هيه أنت ألن تمشي إلى متى ننتظر؟
حاول أن يفسح المجال للرجل الغاضب بالتنحي لجهة اليمين دون أن ينتبه للسيارة التي تنحت لنفس الجهة في نفس الوقت الذي تحرك فيه.. سمع صوت اصطدام سيارته بالسيارة الأخرى فأغمض عينيه ووضع يده على رأسه وكأنه يستسلم لقدر محتوم وقال في حزن:
-أوه لا.. سيارتي والله أني لم أدفع حتى ربع أقساطها.. حرام.. حرام..
رفع رأسه ينظر للرجل صاحب السيارة الأخرى وقد تناثر الشرر من عينيه فقال بلهجة مشحونة بالوجع وهو يشعر بالإحباط والحزن: يال حظك العاثر يا حمزة يا إلهي لماذا يحدث لي كل ذلك لماذا؟


المشهد الخامس
انتهى اليوم الدراسي أخيرا وخرجت بنات مدرسة ربيع العمر متوجهات إلى بيوتهن وقبل التوجه إلى البيت كان لدى شلة تسنيم المحبة لقاء آخر قبل الفراق.. قالت نجلاء:
- أي واحدة تتصل بسارة تبلغني برسالة.. فقد لا أستطيع الاتصال بها من البيت..
- أكيد سنفعل..
- ما بك يا تغريد تبدين وجلة؟
تنهدت تغريد بضجر.. قائلة:
- أخاف أن أتأخر على أمي فتعنفني كالعادة..
قالت لها ميار وكأنها تواسيها:
- أمك تخاف عليك كثيرًا.. لأنها تحبك..
- إنه الحب الذي قتل.. تصوري أنها جاءت إلي الفصل لترتب مريلتي وتمشط شعري أمام البنات.. أحسها أحيانًا مثل ياسمين في حبها لسارة..
- أعانك الله أنا لا أحب أن يقيدني أحد ويراقبني هكذا..
قالت نجلاء بحزن:
- ليت لي أمًا تهتم بي وترعاني وتمشط شعري أمام البنات..
- لو كانت أمك كذلك لكنت تضايقت مثلي..
- ألا يوجد حل وسط؟ أمهات يضعن أولادهن تحت الرادار وأمهات لا يعلمن حتى أتفه التفاصيل عن أبنائهن.. دنيا عجيبة..
- بنات ألقاكن لاحقًا.. مع السلامة..
قالت تغريد تلك الجملة سريعًا ثم توجهت نحو إحدى المعلمات اللاتي خرجن لتوهن من غرفة المديرة حملت عنها والدتها حقيبتها وقالت وهي ترمق نجلاء وميار وهي تنزل من الدرج موجهة الحديث لتغريد:
- هل كنت معهن؟
ردت تغريد متصنعة الغباء:
- من تعنين؟
- من يعني!! غير الشلة الشقية..
- اسمنا شلة تسنيم المحبة يا أمي..
- كم مرة قلت لك ابتعدي عنهن..
- لا استطيع أنهن صديقاتي..
- وأنا قلت ابتعدي عنهن..
- ما السبب الذي يجعلك تكرهيهن أنا لا أفهم.. أنا أحبهن واستمتع بصحبتهن.. فلماذا تريديني أن أبتعد عنهن؟
- أنهن فتيات شقيات ومشاغبات لا تعجبني تصرفاتهن وحركاتهن..
- لكنهن يعجبنني أنا.. أنهن ينجحن كل سنة.. وأنا أنجح وبتفوق.. وصداقتنا هي التي تحفزني على النجاح والتفوق
- لا أريد أن أراك معهن ثانية..
- أنا من حقي أن أختار صديقاتي بنفسي
- وأنا من حقي أن أعلمك وأربيك.. أسمعت؟ انتهى..
لم تقل تغريد ولا كلمة زيادة.. فهي تعرف هذه التواشيح التي تغنيها أمها بين كل فترة وأخرى.. لكنها قالت في نفسها بحزم: لا لم ينتهي يا أمي.. سأتحرر من قيودك يومًا.. وسأفعل ما أريد حتى لو لم ترضي!

كان بيت نجلاء وميار قريبا نوعا ما من المدرسة ولذلك كانتا تفضلان في الظروف المناخية الجيدة العودة للبيت سيرا على الأقدام وفي الطريق إلى البيت قالت ميار لنجلاء وهي تنظر لشاب يقف بعيدًا:
- ما الأمر ألم تتصالحا بعد؟
- من تعنين؟
- أنت وهذا المسكين الذي يقف ينتظرك منذ أكثر من أسبوع على ناصية الشارع وأنت لا تعيرينه أي اهتمام..
رمقتها نجلاء بنظرة حادة فهمت منها ميار أنها لا يجب أن تتدخل.. لكنها قالت بعد طول صمت:
- لا تكذبي وتقولي أنه لا يهمك أمره.. فأنت كل يوم تخرجين قلقلة وتنفرج أساريرك عندما تريه.. حتى يوم المطر ذهبت مشيًا على الأقدام ورفضت عرضي في إيصالك إلى البيت بسيارة والدي لتتأكدي أنه ينتظرك وحريص على انتظارك..
- لن أنكر وسأؤيد كلامك.. لكنه أخطأ في حقي ويجب أن أشعره بأني غاضبة حتى لا يكررها ثانية..
- وماذا كان خطأه؟
لم ترد نجلاء على سؤال ميار.. وضلت ساكتة حتى اقترب منهما الشاب ووقف غير بعيد وكأنه يعترض طريقهما.. وعندما همت نجلاء بالسير في طريق آخر.. قال لها بأدب:
- هلا سمحت لي بخمس دقائق من وقتك يا آنستي؟
رفعت عيناها تنظر إليه بنظرة حادة كتلك التي توجهها أم لابنها الصغير عندما يخطأ.. فقال لها بلهجة استعطاف:
- ألم تنتهي مدة العقاب أيها القاضي؟ أم أن محكوميتي مؤبدة؟
وقفت مترددة للحظات.. لكنها قررت أن تتابع سيرها فقال لها:
- أريد أن أتحدث إليك لخمس دقائق فقط..
عضت شفتها السفلى وأعطت بعينها إشارة لميار كي تذهب فذهبت ميار وتركتهما عند ناصية الشارع فقالت نجلاء بعد أن مضت ميار مبتعدة:
- ها أنا أسمعك ماذا تريد أن تقول؟
- هلا ذهبنا إلى مكان آخر منظرنا سيء ونحن نتكلم في الشارع؟

أخذت نجلاء تفكر قليلاً ثم نظرت إليه وهزت رأسها موافقة..




سنعود بعد قليل




^_^
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Him'ma
الإدارة
الإدارة
Him'ma


انثى عدد الرسائل : 1881
المزاج : HaPpY ^_^
رقم العضوية : 1
السٌّمعَة : 0
نقاط : 38
تاريخ التسجيل : 14/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالخميس أبريل 03, 2008 6:43 pm

عاااااااد هموه نزليها مره وحده بلييز
هي كم جزء ؟؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://hemmam.blogspot.com/
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأحد أبريل 06, 2008 2:56 am

هههههههههه لا خليها كذا احلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأحد أبريل 06, 2008 3:00 am

الحلقة الثالثة
عدنـــــــــا



كنا قد علمنا في الحلقة السابقة أن نجلاء وميار التقتا وهما في طريقهما إلى البيت بشاب كان واقفًا عند ناصية الطريق وبعد أن طلب أن يتحدث إلى نجلاء على انفراد مضت ميار إلى بيتها فاسحة لهما المجال
كان الشاب طويل القامة بدين نوعًا ما.. تبدو نجلاء بنحافة جسمها ورغم طول قامتها كالعصفورة الصغيرة أمام ذكر كبير من البط.. له شعر مجعد أسود وعينان واسعتان سوداوان في يده اليمنى أثر حرق قديم لكنه يشغل مساحة كبيرة من يده وساعده وأثر حرق آخر في الجانب الأيمن من رقبته ولذلك فهو يلفها دائما بشال من القماش حتى في أشد الأيام حرارة.. نتيجة حريق شب في بيت جده الذي كان يضم العائلة التي تتكون من ثلاثة أبناء كلهم كانوا متزوجين في تلك الأثناء.. وقد نجم عن ذلك الحريق الكبير وفاة والديه وجده.. ورغم مضي أكثر من خمسة عشرة سنة على حادث الحريق ألا أن ذلك البيت المحترق ضل مغلقا حتى الساعة بسبب قضايا الإرث على أرض البيت والتي يقدر سعرها بأكثر من نصف مليون دولار..
كان يعيش قبل فترة وأخته الصغرى في بيت عمه بعد وفاة والديه وجده ونظرًا للمعاملة السيئة التي عانى منها هو وأخته من قبل عمه وزوجة عمه اضطر أن يعمل منذ صغر سنه حتى استطاع أخيرًا أن يستأجر شقة صغيرة تكفيه وأخته التي تصغره بسنتين وتدرس في كلية الآداب أما هو فيدرس الهندسة في معهد تقني بجانب عمله في محل تجاري كبير..
إن قصة كفاح هذا الشاب وقوته في مواجهة ظروفه الصعبة جعلت نجلاء تعجب به بل تنبهر بشخصيته وتراه بطلاً كأبطال الأفلام فقد كان جيران حين كان هو يعيش في بيت عمه وكانت تسمع عنه الكثير من الأخبار وترى تشابه كبيرًا بين حياتها مع زوجة والدها وحياته مع زوجة عمه ثم صادف أن قابلته في المحل التجاري الذي يشتغل فيه كعامل عندما كانت المرة الأولى التي تراه فيها بعد سنوات طويلة من استقرار الشاب في شقة مستقلة بعيدة نوعًا ما عن بيت عمه ومنذ ذلك اليوم وهو يسأل عنها بين حين وآخر.. ويتقابلان أحيانًا..


المشهد الأول:

جلسا في منطقة هادئة من حديقة عامة بوسط المدينة قال الشاب لنجلاء:
-لماذا لا تردين على اتصالاتي ورسائلي؟
كانت تجلس وهي تكاد أن تنفجر غيظا وتهز قدماها بتوتر واضح كانت ملتزمة بالصمت لأنها تفكر في خطوتها القادمة بحذر فهي تريد أن تلقنه درسًا وفي نفس الوقت لا تريد أن تخسره إلا أنه ضاق صدره من صمتها فقال بغضب:
-حتى بعد أن وافقت على أن تستمعي لي مازلت تذليني!

هزتها جملته تلك فهي لم ترد أن تحسسه بالذل وهو الشعور الذي تكرهه لكثرة ما أحسته في حياتها هزت رأسها نافية استنتاجه وقالت ومشاعرها متذبذبة بين الأسف والكبرياء:
-لا يا علاء أنا لا أقصد أن أذلك ولكنك أخلفت الاتفاق الذي تعاهدنا عليه من البداية وهذا ما أغضبني منك بل هز ثقتي بك..

قاطعها رغم محاولتها الاسترسال:
-لا أرجوك لا تقولي ذلك أنا يهمني أن يكون بيننا ثقة واحترام أرجوك لا تفقدي الثقة بي

ردت بانفعال شديد:
كيف وأنت خرجت عن العهد وأردت أن توسخ علاقتنا البريئة وصداقتنا يا علاء
- كان ذلك رغما عني صدقيني
- وهل تريدني أن أثق برجل لا يملك زمام نفسه ولا يتحكم برغباته؟
- أعتذر إليك أنا فعلاً أخطأت وأعترف بخطأي سامحيني أعدك أن لا أمسك يدك مرة أخرى أقسم برب العزة أني لن أفعلها ثانية..
-لقد اتقفنا على أننا مجرد أخوة وأصدقاء ولا شيء آخر.. أم أنك نسيت؟
-لا لم أنسى.. لكن اعتبرني ابنك الذي أخطأ.. ألا تسامحين ابنك؟

تنهدت نجلاء وهي تنظر إليه وتقاوم دموعها بقوة لحظ هو تلك الدموع التي كانت تقف على أعتاب عينيها فقال لها بحنان:
-لو قلت لك أني أستطيع أن أعيش بدونك ثقي أني أكون كذابًا فأنت قد أصبحت مثل الروح للجسد والماء للشجر.. يا نجلاء
أحست بمشاعره الجياشة فقالت له بنفس لهجته الحنونة:
-أصدقك لأني لا أستطيع أن أعيش بدونك أنا أيضًا.. لأني أشعر أنك أخي الذي لم تهبه لي الحياة..
انفرجت أساريره وقال بابتهاج:
-إذًا تصافينا؟
ابتسمت وهزت رأسها بالإيجاب فأخرج من جيبه صندوقا أحمر صغير يحتوي على خاتم من الذهب ابتسم وقدمه لها قائلاً:
-اقبلي هذا مني..
-وما هذا؟
-عربون اعتذار
--لقد اعتذرت لي وأحسست بخطئك وهذا عندي أعظم عربون
-قبولك إياه يعني قبولك اعتذاري
-قلت لك أني قبلت اعتذارك فلا تدعني أغضب مرة أخرى
-رغم رفضك لهديتي يزعجني لكني لن ألزم عليك لأني أعرف أنك عنيدة
ضحكت ثم قالت:
-غدوت تعرفني!
-أكيد عشرة عمر يا عزيزتي
-إذا كنت تعزني حقًا فقدمه لأختك ناريمان وتخيلني كلما رأتها تلبسه
-حسنا أنا أحترم رغبتك وسأقدمه لناريمان
-ولا تكلف نفسك بشراء هدية غالية مرة أخرى
-لا تغضبي مني حتى لا أفكر بشراء هدية لأرضيك
-حسنًا لا تفعل ما يغضبني حتى لا أغضب فتضطر لشراء هدية
ضحك ثم قال:
-ما شاء الله عليك دائما تكسبين الجولة
تبادلا النظرات ثم الضحكات ونجلاء تشعر بأن قلبها قد صفا تجاه علاء دون أن تفكر في نهاية هذه العلاقة التي بينهما والتي تسعد قلبيهما اللذان أنهكتهما عواصف الحياة.


المشهد الثاني:

عندما عادت إلى البيت كانت الساعة قد شارفت على الثانية والنصف تقريبًا كان المكان يضج بالفوضى بسبب أخوتها لأبيها والذين مازالوا صغارًا كان لديها خمسة أخوة.. أخوين وثلاث أخوات..
الكبرى مريم.. ثم سحر.. أمجد.. نارا والصغير الرضيع مجدي.. لم تدر بالاً لتلك الفوضى بل توجهت مباشرة إلى غرفتها فنادتها زوجة والدها قائلة:
-ما زال الوقت مبكرًا يا ست نجلاء كنت تأخرت أكثر..
-الآن جئت ماذا تريدين!
-الصحون هي التي تريدك يا حبيبتي ولكن قد أن تبدئي بشغل المطبخ أعدي الرضعة لمجدي..
-ليس قبل أن أتغذى.. أنا جائعة..
-لا يوجد غداء تأخرت فأكل أخوتك الطعام كله..
-يا سلام وأنا ماذا آكل يعني؟
-دبري نفسك كلي تفاحة أي شيء
-أنت وأولادك تأكلون الغداء كله وأنا آكل تفاحة يا أنطوانيت؟
-احمدي ربك هناك أناس لا يجدون ما يأكلون..
-ألا ترين أنه من الأفضل أن أصوم بقية اليوم؟
ردت بدون اكتراث:
-أفضل طبعًا.. صوموا تصحوا..

تفرست نجلاء وجهها بغضب ثم تركتها متابعة طريقها نحو الغرفة فلحقتها وهي تقول لها:
-لا تتأخري ضعي حقيبتك وتعالي لتحضري الرضعة لأخيك..
-آسفة أنا متعبة وسأنام قولي لبناتك أن يخدموك.. فأنا لم تلدني أمي لأعمل خادمة لك ولأولادك
-أمك لم تلدك إلا لتسببي لنا العذاب ما أحنها من أم تلك التي رمتك لتتزوج
-لا تسبي أمي فأنك لا تسوي ظفرها
-من التي لا أسوي ظفرها؟ أمك المطلقة؟
-أمي مطلقة وعندها بنت صحيح ألا أنها تزوجت من طبيب مشهور..
رفعت صوتها ليسمعها والد نجلاء الذي كان يجلس في الصالة وهي تقول:
-هل سمعت يا عامر؟ ابنتك تقول أنك بعد أن طلقت أمها تزوجت من رجل أفضل منك..
ردت نجلاء هي ترفع صوتها أيضًا:
-أنا لم أقصد أنها تزوجت رجل أفضل من أبي بل قصدت أنها انفصلت عن رجل عظيم وتزوجت رجل عظيم آخر
رد نجلاء الدبلوماسي أخفق نوايا زوجة أبيها السيئة في الإيقاع بينها وبين والدها الذي قال ببروده المعتاد وسلبيته المعهودة وهو يشعل سيجارة ويضعها في فمه:
-نجلاء هذه ابنة أبيها..

عندها ابتسمت نجلاء بخبث وهي تطالعها نظرة انتصار ثم تركتها تتفكك غضبًًا ودخلت الغرفة التي كانت تحتوي على ثلاثة أسرة بحيث كل واحد منهم مسند بمحاذاة جدار بينما الجدار الرابع مسند عليه دولاب خشبي كبير تتوسطه مرآة مكسورة من الطرف العلوي كانت أرضية الغرفة مصفوفة ببلاط بني اللون بينما يوجد سجادة متوسطة الحجم في وسط الغرفة تقارب في لونها لون البلاط كانت أختها سحر متمددة على بطنها على أحد الأسرة الثلاثة وتلعب لعبة الكترونية صغيرة كانت سحر تصغر نجلاء بأربع سنوات تقريبًا أقصر منها قامة سمراء البشرة مثلثة الوجه لها شعر مجعد قصير.. قالت لها نجلاء وهي تلقي بحقيبتها على الأرض:
-هيه أنت لماذا تنامين على فراشي؟
اعتدلت سحر ثم قالت وهي ما زالت مندمجة في اللعب:
-لأنه الوحيد الغير مرتب خفت أنام على فراشي فتغضب أمي
-ماذا أفعل إذا كان ليس عندي أم ترتب فراشي وفي نفس الوقت عندي أخت تعبث بأغراضي وتخرب أشيائي ولا تحترمني رغم أني أختها الكبرى..
لم تلقي سحر لكلام نجلاء أي اهتمام لكنها قالت عندما سمعت أمها تنادي في الخارج بصوت عالٍ:
-هيا اذهبي أمي تريدك
-اذهبي إليها أنت فهي أمك وليست أمي..
-لا أعرف لماذا تعاندين رغم أنك عاجلاً أم آجلاً سوف تنفذين لها ما تطلب!
-من اليوم فصاعدًا لن أنفذ لها ما تريد لا في العاجل ولا في الآجل فأنا لست سندريلا.. هيا انهضي من فراشي وإلا ألقيت بك خارج الدار..
طالعاتها بنظرة تحدي وهي تقول:
-أحقا تجرئين!
لم ترد نجلاء لكنها جرت ساعديها ورمتها على السرير الآخر فوقعت اللعبة من يدها على أرضية الغرفة وتحطمت طالعتها سحر والشرر يتطاير من عينيها وصرخت بغضب:
-ماذا فعلت؟ لقد كسرت لعبتي!!
-أحسن.. حتى تهتمي بدروسك وتذاكري
-هكذا إذا؟ سأخبر أمي وسأجعلها تشتري لي واحدة أخرى من مصروفك
-فلتذهبي أنت وأمك إلى الجحيم
-حسنًا سترين
ثم خرجت وهي تحمل أشلاء اللعبة بين يديها وتنادي أمها بصوت وتقول:
-أماه.. نجلاء كسرت لعبتي

كانت أختها مريم تراقب الموقف من بعيد تنهدت وقالت وهي تشبك يديها وتسند جسدها على الباب:
-ألا تكفين عن افتعال المشاكل؟ أريد أن أشاهد المسلسل
ردت نجلاء بضجر:
-مزاجي غير رائق لك أنت الأخرى هيا اخرجي وأغلقي الباب خلفك حتى أبدل ملابسي
-بدلي ملابسك من منعك؟
-لا أحب أن أبدل أمام أحد
تقربت منها وقالت:
-لماذا يعني؟ ألسنا بنات مثل بعض وأخوات أيضًا.. أم أنك تتصنعين الخجل!!
-أين الأخوة التي تتحدثين عنها وأنتم دائمًا تقفون ضدي؟
-وهل تريديني أن أقف في صفك ضد أمي؟
-بل قفي مع الحق أم أنك ترين أن ما تفعله أمك معي عدل؟ هل ترضين لنفسك أن تعاملي مثلي؟
-أكيد لا أرضى لكنك تبالغين أحيانًا برفع صوتك على أمي وتخطئين عليها وتعصي أوامرها؟؟
-وأمك ألا تبالغ بمعاملتها السيئة لي!!
-والآن ما الحل؟ كل يوم صراخ ومشاكل لقد تعبنا..
-الحل بيد أمك وليس بيدي إن كنت حريصة على استقرار هذا البيت فقولي لأمك أن تعاملني بلطف فلست أنا من يستسلم لظلم ظالم..
-تقصدين أن أمي ظالمة؟
-ماذا تسمين معاملتها لي إذًا؟ عدل؟
في هذه الإثناء أطل أخوها أمجد برأسه وقال موجهًا حديثه لنجلاء:
-مجدي يبكي.. وأمي تقول لك تعالي خذيه..
كانت نجلاء مشحونة بالغضب والاستياء كانت تنهج من كثرة الانفعال وتحمل في صدرها المتعب مشاعر متناقضة بين الإحساس بالظلم الذي يكاد يجعلها ترغب في الاستسلام للبكاء وبين الإحساس بالعزة والكبرياء الذي يملئها بالقوة والانتصار.. توجهت نحو الباب ثم قالت وهي تدفع مريم وأمجد خارج الغرفة وتغلق الباب:
-لديه أم وثلاث أخوات أما المربية فتعبت منكم ومن ظلمكم..
لقد كان للقائها بعلاء كبير الأثر في مواجهتها لأخوتها وزوجة أبيها في موقفها الأخير هذا.. فهي تستمد منه قوتها.. وقد كانت قبل أن تتعرف عليه مستسلمة لوضعها تمامًا.. مما جعل زوجة أبيها تتمادى في توظيفها بأعمال البيت ورعاية أخوتها الصغار.. لقد أصبح هو مصدر قوتها لأنه لم يستسلم لوضعه بل قاوم وبشدة.. وكان لرؤيتها له اليوم كبير الأثر لتصرفها القوي وموقفها العنيد.. إنها الآن أكثر قوة.. وأكثر إصرارًا على أن تكسب الجولة مع أم أمجد فهي إنسانة ولها حق العيش في بيت أبيها مثلها مثل أخوتها لأبيها تمامًا.. إنها دروس علاء!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأحد أبريل 06, 2008 3:00 am

المشهد الثالث
الزمان: الساعة الثانية والنصف من ظهر ذلك اليوم..
المكان: بيت ياسمين..

وقفت تنظر لأخيها الأكبر الذي كان يعمل على جهاز الحاسب الآلي وهي تقول له بحزم وإصرار:
- خذي لبيت سارة أرجوك..
طالعها بصبر نافذ:
- وبعدين معك أنت؟ إذا استمررت بإلحاحك هذا سأصفعك صفعة لا تقومين منها حتى غدًا صباحًا..
يئست منه فتوجهت نحو أمها التي كانت تغسل الصحون في المطبخ:
- أماه.. أنس يرفض أن يأخذني إلى بيت سارة..
- حتى لو وافق هو.. لن أسمح لك أنا..
- لماذا؟
- عيب.. هل تفهمين ما هو العيب؟ كيف تذهبين للناس في هذه الساعة وبدون موعد؟
- هي لم تأت اليوم وأنا قلقة عليها..
- اتصلي بها واطمئني عليها..
- اتصلت لكنها لا ترد.. أريد أن أراها يا أمي أرجوك..
- لقد أحرجتنا في المرة السابقة مع والدتها.. ألا تعلمين أن كرامة لا تحب الناس؟
- أنا لا يهمني كرامة ولا غيرها.. سارة هي من يهمني.. أريد أن أراها..
استشاطت والدتها غاضبًا فصرخت عليها قائلة:
- اذهبي من وجهي الآن.. ودعيني أكمل عملي.. هل تسمعين؟

ضربت ياسمين بقدمها الأرض وتوجهت نحو الهاتف تطلب رقم محمول سارة.. طلبته مرات عديدة.. وعندما لم يجبها أحد.. قذفت بالهاتف على الجدار بغضب.. فنهض أخوها من أمام الحاسب متوجهًا نحوها وهو يصرخ فيها قائلاً:
- كسرت الهاتف أيتها الغبية هه!!
لمحت نظراته الغاضبة ويده الموجهة نحو رأسها فجرت إلى غرفتها وأغلقت الباب!


المشهد الرابع
الزمان: نفس الزمان
المكان: بيت سارة..

دخلت كرامة إلى المنزل.. ألقت بحقيبتها الكبيرة والتي كانت تحوي الكثير من الأشياء على أريكة غرفة الجلوس وراحت تنادي:
- روزالي.. رزوالي..
خرجت الخادمة مسرعة من المطبخ وهي تقول:
- نعم.. سيدتي..
- حضري الغداء..
- حاضر..
همت رزوالي أن تتوجه نحو المطبخ فاستوقفتها كرامة تسألها:
- هل عادت سارة من المدرسة؟
- هي لم تذهب للمدرسة اليوم..
وضعت يدها على رأسها وهي تقول:
- أوه صحيح.. هي غائبة اليوم.. أين هي؟
- ما زالت نائمة يا سيدتي..
- نائمة حتى هذا الوقت؟
- نعم..
- يبدو أنها سهرت على الانترنت حتى الصباح.. لا أعلم متى ستعقل تلك الفتاة.. اذهبي وأيقظيها..
- آسفة يا سيدتي إنها لا تسمع كلامي ودائمًا تصرخ في وجهي..
- فلتصرخ في وجهك.. ما المشكلة أيتها الأميرة؟.. تضل هي سيدتك أيتها البلهاء هل سمعت؟
- أنا سأحضر الغذاء أيقظيها أنت..
ثم تركتها ومضت مسرعة نحو المطبخ.. قبل أن تعطي كرامة أي فرصة للرد.. قالت وهي تتوعدها بالعقاب:
- حسنًا سأحاسبك على وقاحتك فيما بعد..

صعدت للطابق العلوي وغيرت ملابسها ثم توجهت نحو غرفة ابنتها.. كانت الستائر مسدلة والغرفة مظلمة رغم أن الوقت كان منتصف النهار.. فتحت الستائر وقالت وهي ترفع صوتها منادية سارة:
- هيا قومي.. كفى نوم.. لقد تأخر الوقت.. صرت تغيبين كثيرًا هذه الأيام.. اتصلت مديرتك البلهاء اليوم تقول أنك غبت خمسة أيام خلال شهر واحد.. إذا استمر الوضع هكذا سأقطع الانترنت هل تسمعين؟
ملئ الضوء وصوت كرامة العالي أجواء الغرفة الوردية المليئة بالتحف والألعاب.. والتي تزينها عند سرير سارة صورة كبيرة للمغنية تسنيم عبد الهادي وهي ترتدي فستانًا من تصميم كرامة.. وصورة أخرى مرسومة باليد لأربع بنات كتب أسفلها شلة تسنيم المحبة بينما كتب فوق رأس كل واحدة من البنات الأربع أسماء بنات الشلة.. توجهت كرامة نحو سارة وسحبت اللحاف من فوقها.. فتجمدت كرامة لمنظر الفتاة المتسمرة على الفراش.. وبلعت ريقها وهي تشعر بالخوف والقلق.. اقتربت منها وصارت تهزها وهي تقول:
- سارة ماذا بك يا سارة؟
أسرعت نحو هاتفها المحمول في الغرفة الأخرى وضغطت على أزاره وانتظرت كثيرًا قبل أن يرد عليها أحدهم أخيرًا:
- ما بك يا كرامة ألم أقل لك أن عندي اجتماع مهم ولن آتي للغداء اليوم؟
- ألحقني يا فتحي.. سارة.. تبدو شاحبة ومريضة.. أكلمها ولا ترد علي.. أرجوك أقطع اجتماعك وتعال حالاً..
- ما بها؟
- لا أدري
- هل طلبت الإسعاف؟
- لا.. لا أعرف كيف أطلب الإسعاف..
- قولي لروز أن تطلب الإسعاف حالاً..
- وأنت ألن تأتي.. تعال أرجوك..
- سآتي ولكن الإسعاف سيكونون أسرع مني ألا تفهمين..
- حاضر.. حاضر.. لكن لا تتأخر.. أرجوك.. أنا خائفة..

المشهد الخامس
الزمان: بعد أقل من ساعة من المشهد الأخير
المكان: غرفة الإسعاف في مستشفى تاج العافية الأهلي..

خرج الطبيب من غرفة صغيرة بها الكثير من الأجهزة كتب عليها: بالانجليزية: Cbr.. كان يلبس معطفًا أبيض وبنطالاً أسود اللون.. استوقفته المرأة المخطوفة اللون والتي امتلأت نفسها بالقلق والخوف الشديدين وسألته بصوت مبحوح:
- طمئني يا دكتور.. ما أخبارها؟
- أنا آسف يا سيدتي..
بلعت ريقها وهي لا تستوعب ما يعني وسألته بعفوية وبلاهة:
- ماذا تعني بآسف؟
- لم نستطع فعل أي شيء.. الفتاة ميتة..
صرخت بفزع:
- أنت ماذا تقول؟ أنا أسألك عن فتاة عمرها سبعة عشرة عامًا واسمها سارة فتحي الحاج
- وأنا أتكلم عن فتاة عمرها سبعة عشرة عامًا واسمها سارة فتحي الحاج.. تأخرتم كثيرًا يا سيدتي الفتاة ميتة منذ ست ساعات..
ارتفع صوت صراخها وهي تشد معطف الطبيب وتقول:
- أكيد أنت مخطأ هي في سرير رقم واحد (وبدون وعي منها أخذت تجره نحو السرير وتردد) : هذا السرير هذا..
قال الطبيب وهو يسحب معطفه من بين أصابعها الناعمة وقد شعر تجاهها بالأسى:
- أنا أقدر مشاعرك يا سيدتي ولكن ربما قبل ساعات كنا نقدر على فعل شي.. أما الآن.. (وهز رأسه بالسلب ثم تابع قائلاً) فقد فات الأوان..
حاول الابتعاد عنها بينما استمرت هي تتوسل إليه:
- أرجوك يا دكتور أنقذها إنها ابنتي الوحيدة سأدفع لك كل ما تريد من الألف وحتى المائة ألف..
رد عليها قائلاً:
- لو أن بيدي شيء أفعله لكنت فعلته دون أن أكلفك شيئًا ثقي أن هناك أشياء كثيرة لا تشترى بالمال.. ومنها الحياة يا سيدتي.. ادعي لها بالرحمة..
قال تلك الجملة الأخيرة وتركها وهي غير مصدقة ما تسمع.. توجهت نحو موظف الاستقبال تقول وهي تشير بإصبعها نحو الطبيب:
- هذا الطبيب أحمق.. لم يعمل لها أي شيء.. لا إنعاش قلب ولا أي شيء.. رآها فقط وحكم عليها أنها ميتة.. اطلب لي مدير المستشفى.. اطلب لي المدير.. ألا تسمع؟؟
أمسكها زوجها من خلفها والذي كان لتوه قد وصل وأجلسها على أحد الكراسي وجلس بجانبها كالمعتوه.. دون أن ينطق بكلمة وكأن الصدمة أخرسته.. أو أنه لا يجيد المواساة.. فقط كان ينظر إليها وهي تبكي.. دون أن يتفوه بكلمة واحدة!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأحد أبريل 06, 2008 3:01 am

المشهد الخامس
الزمان: ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي
المكان: ساحة مدرسة ربيع العمر للبنات

جلستا منفردتين تحت شجرة ممتلئة الفروع.. كانت الشمس لتوها قد ارتفعت في السماء وكان الضباب يملئ المساحة القريبة من الأرض.. حتى بدت الوجوه والأشياء البعيدة غير واضحة لدرجة غير مرئية.. كان الجو باردًا وكانت الفتاتان ترتجفان من شدة البرد ورغم ذلك لم تتحصنا من البرد بلبس الملابس الشتوية الدافئة قالت أحداهما للأخرى بلهجة أسف:
- اعذريني يا تغريد جعلتك تأتين مبكرًا اليوم إلى المدرسة.. فقد كنت بحاجة إلى أن أتكلم عن ما حدث بالأمس.. وإلا فأني سأنفجر..
- لا تهتمي يا عزيزتي.. فنحن لسنا صديقتين فقط بل أختين..
- ليتك فعلاً أختي..
- أنا فعلا أختك هل تشكين في ذلك؟
- لا أبدًا لا أشك.. تعرفين؟
- ماذا؟
- على الرغم من أننا نحن الأربع صديقات وفي شلة واحدة إلا أنك أقرب إلي من سارة وميار..
- وأنا أيضًا عندي نفس الإحساس..
- وميار وسارة قريبتان من بعضهما أكثر..
- معك عرفت معنى الأخوة الحقيقية يا نجلاء.. فأختي لا تفهمني لأنها أصغر مني بكثير
- مريم تصغرني بسنتين فقط ومع ذلك لا تفهمني! تصوري بالأمس قالت لي أننا أخوة!!
- وهل الأخوة كلام فقط!!
- كل ما يفعلونه معي ويعتبرون أنفسهم أخوتي..
- إذا كانت أمهم تكرهك لأنك ابنة زوجها فلماذا يكرهونك هم وأنت أختهم..
- حقًا أنا أختهم لكني لست أختهم الشقيقة
- ذلك ليس عذرًا..
- لكني لقنتهم درسًا أمس.. لم أشتغل بالبيت ولم أهتم بمجدي رغم أن قلبي تقطع وأنا أسمع صراخه..
- غريبة أنت فعلت ذلك؟
- نعم..
- لا أصدق..
- واجهت أنطوانيت وقلت لها لا.. بل وكسبت جولة رائعة مع أبي..
ضحكت تغريد وقالت:
- تضحكيني بتسميتها أنطوانيت
- اسميها أنطوانيت لأنها ظالمة مثلها أقول لها أني جائعة تقول لي كلي تفاحة مثل تلك الملكة المستهترة التي قالت لشعبها الجائع كلوا البسكويت عوضًا عن الخبز
- رائع تعجبيني..
- تعلمت من علاء أن أكون قوية.. وأواجه وأدافع عن حقوقي..
- هل تصالحتما؟
- نعم.. أمس تقابلنا بعد المدرسة..
- عذرًا نجلاء.. ألم تفكري في نهاية هذه العلاقة؟
- ولماذا أفكر لها بنهاية؟ أنا وعلاء كالأخوة.. وهو يساعدني وأنا أيضًا أساعده..
- لا يوجد مثل هذا المسمى بين شاب وفتاة يا نجلاء..
تنهدت نجلاء بقوة وقالت بحزن:
- أعرف.. لكن علاء هو مصدر قوتي.. لقد صرت قوية وقادرة على المواجهة الآن.. هو تحدى ظروفه وانتصر واستطاع أن يتحرر من بين أنياب زوجة عمه.. وكذلك أنا سأفعل..
- هو فعل لأنه رجل..
- ماذا تعنين؟ سأضل طول عمري تحت رحمة أنطوانيت؟
- أنني دائمًا أدعو لك بزوج صالح يخلصك مما أنت فيه..
- زوج؟
- أخبريني ألم يلمح علاء بشيء كهذا أبدًا؟
- أنت لا تفهمين؟ نحن مثل الأخوة..
- أنت تخدعين نفسك؟ الشاب الذي يقيم علاقة بفتاة ولا يكون هدفه شريفًا فثقي أنه شاب لعوب..
صمتت نجلاء قليلاً ثم قالت:
- علاء ليس من هذا النوع.. ولست أنا من يسمح له بالتلاعب بي..
- طالما أنه ليس كذلك.. فلماذا لا يرحمك مما أنت فيه.. فالحل بيده..
- ماذا تعنين؟
- يخطبك وتتزوجان..
- ومن قال لك أني أصلح للزواج؟
- لماذا لا تصلحين؟ ماذا ينقصك؟ فتاة جميلة ومؤدبة ومن عائلة محترمة.. وهو يتيم ووحيد وبحاجة إلى من ترعاه..
وضعت نجلاء يداها على رأسها وقامت تبكي بحرقة وتقول بنغمة قريبة من الصراخ:
- قلت لك أني لا أصلح يعني لا أصلح.. لماذا تكونين أنت والظروف ضدي؟ لماذا أنت تتكلمين دائمًا عن الزواج أليس هناك مخرج وخلاص إلا بالزواج؟ حرام عليك حرام..

نظرت تغريد إلى نجلاء وهي في تلك الحالة.. وأخذتها بين أحضانها وهي تقول لها:
- أنا آسفة يا عزيزتي.. آسفة لم أقصد إزعاجك..
نفرت نجلاء من بين أحضان تغريد مبتعدة.. وهي ما زالت تبكي وتقول بطريقة هستيرية:
- لا تقتربي مني لا تلمسيني.. ابتعدي عني..
- آسفة نجلاء.. سامحيني يا حبيبتي.. سامحيني..
انتبهت نجلاء لنفسها.. وحاولت أن تسيطر على أعصابها وتهدأ.. بلعت ريقها وهي تنهج وتمسح دموعها:
- لا بأس.. أنا أعصابي متعبة..
حاولت أن تغير دفة الحديث بأن تتناول حقيبتها وتقول:
- يا حبيبتي لقد أحضرت فطائر لذيذة من صنع المعلمة
مسحت نجلاء دموعها وقالت:
- أمك المعلمة بنفسها؟
- طبعًا.. هيا نأكل فأنا جائعة.. لم أفطر في البيت..
- لا لن نأكل بدون البنات
- لا تقلقي فهناك ما يكفي لوقت الفسحة أيضا.. هيا كلي يا عزيزتي فأنت لم تأكلي منذ الأمس
- وأنت؟
- سآكل معك طبعا.. فأنا لا أستطيع مقاومة شطائر أمي اللذيذة..
قالت ذلك وهي تناولها شطيرة من حقيبتها فقامت نجلاء بمسك يدها لتجعلها تركز في عينيها فابتسمتا وتبادلا نظرات الحب وقلبيهما ينبضان بالصداقة الحقيقية.

المشهد السادس:
الزمان: أثناء الحصة الأولى
المكان: فصل تغريد وميار

وقفت نجلاء أمام باب الفصل.. وهي مرتبكة ووجها مصفر وعيناها دامعتان.. قالت للمعلمة التي كانت تشرح الدرس بصوت متهدرج مبحوح:
- أريد أن أكلم تغريد وميار لو سمحت..
- بعد الحصة يا نجلاء..
- أرجوك.. يا مس..
- قلت لك بعد الحصة..

وقفت كلاً من تغريد وميار فقد لحظا شحوبها ودموعها ودون أن يستأذنا المعلمة توجهتا نحو نجلاء التي جلست على الأرض وهي منهارة تمامًا.. مما أثار الفزع في قلبيهما فأخذا يسألاها:
- ماذا بك نجلا تكلمي أوقعت قلوبنا..
ردت وهي تهز رأسها وتبكي وقد استوت على الأرض:
- يقولون أن سارة.. سارة صديقتنا.. سارة حبيبتنا..
- ماذا بها تكلمي؟
- سارة ماتت يا ميار ماتت..

وقفت كل بنات الفصل وقد أصابهن الفزع الشديد.. وتجمهرن حول البنات الثلاث اللاتي أخذن يحضن بعض وكل واحدة منهن غير مصدقة الخبر.. صرخت ميار:
- من قال هذا؟ أكيد أنهم يكذبون.. قولي يا نجلاء أنها كذبة.. كذبة..
- ليتهم يكذبون.. لكنهم يقولون أن الخبر صحيح يا ميار..
- يا حبيبتي يا سارة.. كم حبك يا غاليتي..

ومن بين بنات الفصل ركضت أحداهن نحو غرفة المديرة وهي تصرخ قائلة:
- ألحقي يا حضرة المديرة..
وقفت الجوهرة فزعة وخرجت من غرفتها وهي تسأل:
- ما الأمر؟
ردت وهي تلهث:
- هناك فتاة في الصف ثاني أول قد أغمي عليها..
توجهت الجوهرة مع طاقمها الإداري إلى فصل ثاني أول ورأت الفوضى تعم المكان وستائر الحزن تخيم على بنات الفصل اللاتي كن يبكين.. فرقت الجوهرة جموع البنات لترى الفتاة المتمددة على الأرض كان وجهها شاحب وأطرافها باردة تحتضنها تغريد وهي تبكي وتقول:
- أرجوك يا ميار ردي علي أرجوك.. لا تموتي أنت أيضًا..
قالت الجوهرة وهي توجه حديثها للمشرفة الطلابية:
- انقلوها لغرفة الصحة حالاً.. (وجهت حديثها للمشرفة الاجتماعية قائلة) : كلمي السائق كي يجهز السيارة حتى يتم نقلها للجمعية الطبية وابحثي في ملفها عن رقم أهلها وأبلغيهم بما جرى حتى يلحقونا إلى هناك..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأحد أبريل 06, 2008 3:01 am

المشهد السابع:
الزمان: بعد حادثة الإغماء بساعتين
المكان: أمام بوابة الإسعاف في الجمعية الطبية القريبة من المدرسة

امرأة في العقد الرابع من عمرها تنزل من سيارة أجرة على عجل وهي تتكلم في هاتفها المحمول وتقول:
- أنا عند البوابة الآن أين أنت؟
أغلقت المحمول ووضعته في حقيبتها بحركة سريعة ثم توجهت إلى أقصى اليمين من غرفة الإسعاف الصغيرة التي لم تكن تسع سوى ثلاثة أسرة.. فتحت الستارة وتوجهت نحو ابنتها التي كانت ترقد على سرير أبيض دون وعي ثم قامت تكلمها بفزع:
- ميار ماذا بك يا حبيبتي ردي علي..
جاءها صوت من خلفها قائلا:
- لن ترد عليك لقد أعطوها حقنة مهدئة وستنام الآن..
- ماذا بها يا حمزة؟ ماذا جرى لها؟
- لا أدري.. يقولون صدمة عصبية
- ماذا يعني هذا؟
أجابتها المشرفة الطلابية التي كانت لتوها قد انتهت من بعض الإجراءات الروتينية..
- لقد أصيبت بحالة هستيرية وتشنجت ثم أغمي عليها.. لا تقلقي يا أم ميار ستكون بخير إن شاء الله..
- وما السبب.. هذه أول مرة يحدث لها مثل هذا..
- لقد سمعت خبر وفاة صديقة لها فحدث لها ما حدث..
- صديقتها؟ من؟
- سارة فتحي الحاج..
تهالكت على أحد الكراسي وهي تقول:
- سارة؟؟ سارة الحاج؟ صديقتها المقربة.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. لم تكن تحب أحدًا مثلما تحب سارة.. وكيف ماتت أنها صغيرة والله..
- وهل يعرف الموت صغير أو كبير..
- معقول تموت بدون سبب؟
- يقولون أنها سكتة قلبية..
نظرت إلى ابنتها الشاحبة الوجه وقد ترقرقت عيناها بالدموع وهي تهز رأسها غير مصدقة وتقول:
- لا ألومك يا ميار.. كانت أحب إليك من نفسك.. ثم قامت تناجي الله: أرجوك يا رب اشف ابنتي صبرها وامسح على قلبها.. إنه والله لخطب جلل.

بينما جلس حمزة والد ميار وهو يشعر بضيق شديد وهو يحدث نفسه قائلاً: ما هذا الحظ العاثر؟ أمس الحادث واليوم مشكلة ميار!! يبدو أني سأخسر الصفقة.. حظ مثل الطين!.


سنعود بعد قليل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمم
عضو فعال
عضو فعال
قمم


انثى عدد الرسائل : 462
المزاج : ok
رقم العضوية : 24
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 04/04/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالخميس أبريل 10, 2008 12:30 am

شدعوه عاد همة
اش هالمذله>>اتغشمر Wink
ممكن تنزلين الباقي :roll:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالجمعة أبريل 11, 2008 5:17 pm

ما طلبتي شي

تامرين امر

بس ترى هالحركه اسويها للتشويق

خخخخخخخخخخخ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالجمعة أبريل 11, 2008 5:50 pm

الحلقة الرابعة
عدنـــــــــا


كنا قد علمنا في الحلقة السابقة أن سارة الحاج قد وجدت ميتة في فراشها وعلى الرغم من أنها نقلت فورًا إلى المستشفى لكن ذلك كان متأخراً جدا لأنها فارقت الحياة قبل ست ساعات من اكتشافها حسب تقرير الطبيب.. لم يمر خبر موت سارة الحاج مرور الكرام على من عرفها ومن لم يعرفها فقد غلف الحزن مدرسة ربيع العمر بكل طاقمها التعليمي وألغيت حصص ذلك اليوم الذي أذيع فيه خبر وفاتها وأرسلت الطالبات إلى بيوتهن وتوقفت فقرات الإذاعة الصباحية لمدة أسبوع فلم يكن يقرأ فيها إلا الآيات القرآنية وكلمات رثاء وحب في سارة بلسان صديقاتها ومعلماتها ومحبيها..

أما شلة تسنيم المحبة فكان لهذا الخبر المفجع كبير الأثر على كل فرد فيها وقد كانت ميار هي الأشد تأثرًا لقربها الكبير من سارة فقد وقعت مغشيًا عليها ونقلت بواسطة المرشدة الطلابية إلى الجمعية الطبية حيث أعطيت حقنة مهدئة وعادت إلى بيتها مع والديها إلا أنها تعرضت لأزمات مشابهة عدة مرات في ليلة ذلك اليوم والأيام التي تليها وتغيبت كلاً من نجلاء وتغريد ثلاثة أيام عن المدرسة في حين لم تستطع كلاً من ياسمين وميار دخول المدرسة وسارة ليست فيها عدة أيام أخرى..

ولم تقتصر ملامح الحزن على المدرسة بل المدينة بأسرها عاشت فترة عصيبة ومؤلمة.. فعلى الرغم من ضيق علاقات والدي سارة وقلة معارفهما وندر احتكاكهما بالناس إلا أن الصالة التي فتحت لاستقبال العزاء امتلأت بالمعزين الذين آلمهم فراق هذه الفتاة التي لم تكن الابتسامة تفارق ثغرها وكأنها جزء من ملامحها الجميلة.. الفتاة التي لم تغضب أحد طوال سنوات عمرها القصير الفتاة البريئة التي ماتت دون سابق إنذار وهي في ربيع العمر..
حتى الجمادات والكائنات الحية الأخرى حاكت أحزانهم.. بطريقتها.. أو هكذا بدت لهم!

الشمس.. لم تغب وتختفي خلف الغيوم السوداء حزنًا على سارة.. بل أنها اختفت لتفسح المجال لتكثف الغيوم تهيئًا لنزول المطر من أرحامها.. والسماء لم تبكي ألمًا لفراق سارة.. بل الماء الذي نزل منها كان مطرًا يروي الأراضي العطشى وينظف سطوح المنازل.. وينبت الزرع ويسقي الكائنات الحية من طيور وحيوانات وبشر.. والأوراق اليابسة الصفراء لم تيبس وتفقد لونها الأخضر الجميل وتتساقط واحدة تلو الأخرى حسرة على سارة.. بل كانت تتساقط وتضل تتأرجح في الهواء قبل أن تستقر على الأرض لتبدأ الأشجار في تغيير ثوبها القديم وتلبس ثوبًا أخضر جديد.. الأزهار الزاهية الجميلة لم تذبل لذبول سارة.. بل كانت تستعد لتزهر من جديد في موسم الربيع..
والطيور لم تهاجر لأنها كرهت المكان بدون صدى بسمات سارة وضحكاتها.. بل هاجرت لتجد مكان أكثر دفئًا وأمنًا.. الحيوانات.. لم تختبئ في أوكارها حدادًا لموت سارة.. بل قصدت أن تتقي برد الشتاء القارص وتتجنب عواصفه الهائجة.. التي لم تهج هي الأخرى لموت سارة!!

كل تلك الظواهر الطبيعية لم تتأثر لغياب سارة لكنها تجاوبت مع مشاعر أهلها وأصدقائها ومحبيها.. الذين غربت بسمات وجوههم وأمطرت أعينهم مطر الحزن.. ويبست أوراق قلوبهم وذبلت أزهار أعمارهم.. وعصفت أمواج مشاعرهم بالحزن وألم الفقد فبدت أعراض الشتاء وكأنها حزينة هي الأخرى.. لفراق سارة.



المشهد الأول:

الزمان: بعد وفاة سارة بأسبوع
المكان: بيت ياسمين

جلست الأم على المائدة وهي تشعر بالضيق والضجر قال لها زوجها:
- أين ياسمين؟ أمازالت مضربة عن الطعام؟
- نعم..
- اذهبي وتحايلي عليها حتى تأكل شيئا إذا ماتت أو حصل لها شي أنا غير مسؤول..
قالت الأم بغضب:
- لو كنت تشعر بالمسئولية.. لما أصبح هذا حالنا
- أنت تلقين اللوم علي دوما وكأنك ملاك يمشي على الأرض أنت التي لا تهتمين بالبيت ولا تربين ابنتك بشكل جيد ولا تفهمينها الصواب من الخطأ..
قالت بنفس اللهجة الغاضبة:
- تضع اللوم علي وكأنها ابنتي وحدي!!

ثم تركته متجاهلة ردة فعله الحادة ودخلت على ياسمين التي كانت جالسة على فراشها محتضنة دمية من القماش وتبكي بدون صوت وإلى جانبها كومة كبيرة من المناديل المبللة نظرت إليها والدتها وقالت:
- ألن تأكلي؟ ستمرضين من الجوع!
نظرت إليها ياسمين والدموع تنهمر من عينيها ولم ترد فتابعت الأم قائلة: الأعمار بيد الله وسارة ماتت وحزنك عليها لا يعيدها للحياة..
صرخت ياسمين قائلة:
- لو ذهبت إليها لكان بإمكاني إنقاذها
- وهل تظنين أنك كنت ستنقذينها؟ لا أحد يستطيع أن يعيد أحدًا للحياة يا ابنتي لأن الروح أمرها بيد الله وحده..
-على الأقل كنت سأراها وأسلم عليها لكنكم حرمتموني من رؤيتها ورفضتم أن تأخذوني لبيتها أنتم السبب.. أنتم السبب
- الموضوع انتهى الآن.. يجب عليك أن تنسيها وتعيشي حياتك..
- لا أستطيع أن أنسى سارة يا أمي فأنا أحبها.. أحبها..
- لا تجعلي حبك لها يقتلك..
- ليتني أموت فعلا حتى أكون مع سارة
نظرت إليها والدتها بيأس وقالت:
- لا فائدة منك أنت عنيدة ولا تسمعين الكلام أتعبتني يا ابنتي أتعبيني

قالت الأم ذلك بضجر ثم تركتها وخرجت من الغرفة تاركة إياها تغرق في بحر أحزانها.



المشهد الثاني:

الزمان: وقت الاستراحة
المكان: ساحة مدرسة ربيع العمر للبنات

جلست كلاً من نجلاء وتغريد في مكان آخر غير المكان المعتاد الذي تعودت الشلة أن تجتمع فيه في كل مرة فقد صار المكان يجدد داخلهما الذكريات التي طالما جمعتهما بسارة والتي تملئهما بحزن ليس له نهاية كانتا تراقبان الأشجار.. التي تزين الساحة وقد تعرت من أوراقها التي كانت تتساقط على الأرض بهدوء وسكينة قالت نجلاء:
- الأشجار تبكي معنا على سارة.. هل رأيت؟
- ليست الأشجار وحدها التي تبكي كل شيء يبكي الأرض والسماء والجدران والبيوت حتى الشوارع تبكي لفراق حبيبتنا سارة يا نجلاء..
- هل حقا ماتت سارة؟ لا أستطيع أن أصدق
- ولا أنا..

ترقرقت الدموع في عيني نجلاء وقالت:
- كنت أعلم أني أحبها لكني لم أعلم أنه حب كبير جدًا لهذه الدرجة!
- هل كان يجب أن نخسرها حتى نشعر بحجم حبنا لها والله أني كنت أحبها كثيرا جدا حتى قبل أن تموت
- تغريد
- نعم
- كيف يحدث الموت؟
- لا أدراي
- أنه شي غريب أليس كذلك؟
- صحيح فعلى الرغم من أننا كلنا سوف نموت يومًا ما لكن فراق الأحبة موجع..
هزت نجلاء رأسها موافقة وقالت بلهجة حزينة:
- ما أصعب أن أرى كرسيها خاليًا وأحس بفراغ وجودها في الفصل وأستشعر وحشة المكان بدون صوتها، ضحكاتها, تعليقاتها ترن في أذني لكني أتلفت حولي ولا أراها أحس بأني سأموت يا تغريد سأموت (ثم خبأت رأسها بين ركبتيها واستسلمت لنوبة عارمة من البكاء).. حاكتها تغريد في نوبة بكاء أقل حدة وقالت:
- متى تعود ميار؟ اشتقت إليها وبعد الاثنتين يكاد يقتلني أنا أيضًا يوجعني مكان ميار الفارغ أحس أني وحيدة بدونها..
قالت نجلاء بصوت حزين:
- صحيح ميار غير موجودة الآن لكنها ستعود بإذن الله غدًا بعد غد.. بعد أسبوع لكن سارة متى تعود متى؟
رفعت رأسها تنظر لصاحبتها ثم أخذتها بين ذراعيها واحتضنتها بعمق وراحت تبكي هي الأخرى.



المشهد الثالث:

الزمان: مساء ذلك اليوم
المكان: بيت سارة

دخلت روزالي على كرامة التي كانت تجلس على فراشها مسندة ظهرها على وسادة ناعمة من القطن، تجلس بصمت وهدوء وعينان دامعتان ووجه شاحب يلتف حوله شعرها الأسود الناعم قالت روزالي:
- ألن تأكلي يا سيدتي؟
طالعتها كرامة بوهن وهزت رأسها بالنفي فقالت روزالي:
- ولا حتى صحن من السلطة؟ وجهك شاحب يا سيدتي وقد تصابين بفقر الدم لقلة الأكل..
لم ترد كرامة بل هزت رأسها كما فعلت في المرة الأولى فلم تجد الخادمة بُّدًا من أن تنصرف وتغلق الباب خلفها بهدوء تاركة كرامة تبكي بصمت.. التفتت لجهازها المحمول أمسكته وقامت بتصفح الرسائل المخزنة والتي كانت آخرها تقول: ماما خذي أجازة أنت وبابا ودعينا نسافر أرجوك..
لقد أرسلت سارة نفس الرسالة لوالدها تحمل نفس المضمون لكنها تختلف قليلاً: بابا اقنع ماما أن تأخذ أجازة ودعنا نسافر اشتقت لكما معا..

طافت بكرامة أحداث تلك الرسالة العجيبة والتي لم تكن في محلها بالنسبة للزوجين.. ولا حتى بالنسبة لسارة
تذكرت يوم رجعت متعبة وفي وقت متأخر في الليل بعد حضورها لحفلة عرض أزياء لفساتين من تصميمها حضرها فنانات وفنانين من مختلف الأقطار العربية.. وشهد العرض نجاحًا باهرًا لم تشهد له كرامة مثيل..
كانت سارة متمددة على أريكة في غرفة والديها وهي شبه نائمة لكنها نهضت فور دخول والدتها الغرفة وابتسمت قائلة:
- مرحبا ماما..
- ألم تنمي بعد؟
- أنتظرك..
- لماذا؟
- لأعرف ردك في الطلب الذي طلبته منك..
- أي طلب؟
- ألم تقرئي رسالتي؟ لقد أرسلت لك رسالة عبر المحمول!

أخرجت كرامة جهازها المحمول من حقيبتها وهي تقول:
- لم يكن لدي وقت حتى أحك رأسي.. كان حفلاً كبيرًا.. وحاشدًا بالجمهور..
صمتت سارة بحزن وهي تطالع أمها التي فتحت الرسالة وقالت وقد ملئتها الدهشة:
- أجازة ونحن في وسط السنة؟ هذا مستحيل ومدرستك؟
- لا بأس لو غبت يومين أو حتى أسبوع
- سارة.. بلا حماقة اذهبي لتنامي
- لا بأس يا أمي أنا موافقة أن نذهب أنا وأنت وبابا لأي مكان في أجازة نهاية الأسبوع حتى لو كان لمدة يومين فقط.. لقد مللت جو البيت..
- خذي صديقاتك واذهبي مع السائق إلى أي مكان تريدين
ضربت سارة بقدمها الأرض وقالت بغضب:
- لا أريد أن أخرج مع صديقاتي ولا مع السائق أريد أن أخرج معك أنت وبابا..
- هذه الفترة محرجة بالنسبة لي أنني مشغولة بتصميم فستان مروج قاسم ملكة جمال العرب عندما انتهي منه قد أفكر في طلبك..
- أرجوك أجلي الفستان أو دعي أي أحد من مساعديك يصممه..
- لا تعكري علي فرحتي بنجاح الاستعراض بطلباتك السخيفة هذه!
- طلباتي ليست سخيفة، إنها مهمة بالنسبة لنا جميعًا..
- طلباتك ليست في محلها ولا وقتها يا سارة..
ردت سارة بلهجة مشحونة بالرجاء:
- أعدك يا ماما سيكون هذا هو آخر طلب أطلبه منك.. أرجوك..
ردت كرامة بغضب:
- تعرفين!! إذا لم تذهبي إلى غرفتك وتنامي سترين ما لا يسرك.. أنا متعبة وأنت تكلميني عن فسحة فارغة..

عادت كرامة إلى واقعها المؤلم والذي كان يقول أن سارة ليست واقفة أمامها الآن وأن صوتها الساخط ليس له صدى ولا وجود.. دمعت عيناها وقامت بإلقاء هاتفها المحمول بعيدًا ودفنت رأسها بين ركبتيها وجملة سارة ترن في أذنيها (أعدك يا ماما سيكون هذا هو آخر طلب أطلبه منك)..

حدثت كرامة نفسها وهي تقول بحسرة: كأنك تعلمين يا حبيبتي أنه آخر طلب تطلبينه مني!! كيف شعرت بذلك وأنا لم اشعر كيف.. كيف؟؟ ليتني نفذت طلبك ولم أجرح قلبك الصغير (رفعت عيناها إلى صورة لسارة معلقة على الجدار وهي تبتسم ابتسامة عذبة وتحمل باقة من الورود الحمراء بين يديها الصغيرتين وقالت وهي تجهش بالبكاء) :عودي يا سارة وسأعطيك كل ما تطلبين عودي يا سارة يا ابنتي الحبيبة.. أرجوك عودي وسأنفذ كل طلباتك.



المشهد الرابع:

الزمان: وقت خروج البنات من المدرسة
المكان: الشارع المؤدي لبيت نجلاء..

نجلاء تسير وحدها إلى البيت.. تجر قدماها جرًا لفرط ما تشعر من حزن وألم كان صوت أذان العصر يهز أرجاء المكان ورغم أن نجلاء لم تتعود أن تدخل المسجد وتصلي ألا أنها وجدت نفسها تدخل إلى القسم الخاص بالنساء.. ليس حرصًا على حضور صلاة الجماعة ولكن رغبة منها لسماع محاضرة قرأت عنها في إعلان معلق على جدار المدرسة.. كان الإعلان يحمل صورة كفن أبيض أمام حفرة صغيرة.. مكتوب تحتها: أسرار الموت والحياة للداعية: إيمان مسعود..

دخلت نجلاء وبعد أن انتهت الصلاة جلست تنتظر المحاضرة.. كانت تشعر بأن لا حزن في هذه الدنيا بحجم أحزانها.. وكادت أن تنسى نفسها وتصرخ باسم صديقتها الحبيبة آه سارة.. آه سارة.. لكنها جمدت مشاعرها.. وحبست دموعها.. فلا أحد من هؤلاء سوف يفهم إحساسها وسر ألامها فلا أحد هنا يعرفها أو يعرف سارة!

كان عدد الحضور قد تجاوز الخمسين بقليل لكن القاعة بدت وكأنها ملئه.. ربما بسبب الجو المريح الذي أحسته نجلاء وهي في هذا المكان الذي تحفه الملائكة.. دخلت إيمان مسعود.. وجلست بين الحضور لكن نجلاء لم تعرفها إلا بعد أن تكلمت.. كانت ابتسامتها تشرق في وجهها كشمس صباح الصيف المشرقة.. بدأت حديثها بعد أن حيت الحضور وصافحت بعضهن قائلة:
- درسنا اليوم عن أسرار الموت والحياة..
نعم!! أنه العنوان الذي شد نجلاء وجعلها تدخل رغمًا عنها إلى هنا.. الموت.. وليس الحياة.. الموت الذي أخذ منها صديقتها العزيزة ورفيقتها بالفصل.. والتي تجلس إلى جانبها ولا تفارقها حتى في وقت الاستراحة.. الموت الذي لم تعرفه من قبل ولم تفهم لماذا وكيف يحدث.. لماذا أخذ منها أعز من تحب.. وفجأة بدون مقدمات تختفي سارة.. وهي كانت بالأمس القريب معها وبين أحضانها!

أعادها من بين أحضان سارة.. صوت الداعية وهي تقول:
- إن الموت زائر يأتينا بدون موعد.. بدون سابق إنذار.. أو رسالة تحذير.. كبار في السن كنا أو صغار.. مرضى كنا أو أصحاء.. فلكل منا عمر لا نعلم عدد أيامه وساعاته لكن الأجل آت لا محالة وإن كنا نجهل أين أو متى أو كيف, قال الله تعالى : {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} فأين نذهب من الموت وإلى أين نهرب؟ وهو نهاية كل حي.. قد يأتينا الموت ونحن نكذب ونحن نسرق ونحن نشهد الزور.. فكم من أناس قبضت أرواحهم وهم على معصية.. فكانت ميتتهم فضيحة لهم وهم الذين كانوا يستترون من الناس طوال عمرهم.. أننا نزين أنفسنا أمام الناس ونخاف أن نقوم بشيء ينكرونه.. ولا نفكر في خالق الخلق والذي لا تخفى عليه خافية علينا أن نفكر قبل أن نتصرف أي تصرف.. لو متنا في هذه اللحظة ماذا سيكون مصيرنا.. كيف سنواجه الله.. كيف سنرد على عتابه لنا؟ هل نموت ونحن نعصى الله؟ نحن يجب أن نخاف على أنفسنا من الموت ونحن طائعين فكيف بنا لو جاءنا الموت ونحن نقوم بمعصية؟؟ كيف بفتاة تقابل شابًا من وراء أهلها!! تقابله بعيدًا عن الأعين.. تستتر من الناس.. والله يراها ويسمعها.. وهو السميع البصير.. قد تبرر لنفسها وتقول أنها لا تفعل ما يغضب الله وأن هذا الشاب صديق لها أو أخ.. لا أكثر.. لكن الله تعالى يقول: { وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ } أي غير متخذات أخلاء.. والخليل هو الصاحب.. أتأتمنين أن لا يأتيك الموت وأنت معه؟ تخيلي أن ملك الموت جاء ليقبض روحك في تلك الساعة.. ماذا سيفعل صديقك لك؟ واحد من اثنين لا ثالث لهما.. أما أنه سيخاف ويهرب ويتركك وحدك في تلك اللحظة الحرجة.. فيكون جبانًا وأنانيًا ويفكر في نفسه فقط.. أو أنه يبق ويفضحك بوجوده معك.. ماذا سيقول أهلك؟ وماذا سيقول الناس؟

دق قلب نجلاء بقوة وهي تسمع تلك الجملة.. أحست بأن الداعية تعنيها.. كأنها تشير إليها هي بالذات بتلك الكلمات.. تلفتت حولها.. أحست بأن المكان لا يحوي أحد سواها على الرغم من أن عدد الحضور زاد ولم يقل.. سرحت بتفكيرها بعيدًا عن المكان والزمان وبعد أن عادت لوعيها من إغماءة قصيرة سمعت إيمان تقول:

- نحن من نحدد كيف تكون حياتنا بعد الموت أما نعيم خالد أو عذاب دائم ما قيمة المتعة الوقتية مقابل السعادة الأبدية أننا نبحث في هذه الحياة عن السعادة.. لكننا لا ندرك أنها سعادة مؤقتة.. السعادة الحقيقة والدائمة في الجنة..

أحست نفسها غير قادة على أن تسمع المزيد.. تسحبت من المكان في خوف شديد.. عادت إلى البيت وهي على علم مسبق بأن أم أمجد ستستقبلها بوابل من الطلبات والأوامر المتبوعة بالشتائم.. كم كان حظها جيدًا إذ لم تر أم أمجد وهي في طريقها للغرفة.. ولم تر إخوتها في الغرفة ولا حتى في الصالة.. بل أنها لم تسمع أصواتهم.. لكنها أدركت بعد فترة قصيرة أن اليوم هو الأربعاء يوم زيارة أم أمجد لبيت أهلها فتنفست الصعداء وبعد أن بدلت زي المدرسة قامت وصنعت طعامًا خفيفًا أكلت وحدها ثم تمددت على فراشها قاصدة أن تنام قليلاً لكن كلمات إيمان مسعود أرقت مضجعها ورنت في أذنيها جملتها وهي تقول: أتأتمنين أن لا يأتيك الموت وأنت معه؟ تخيلي أن ملك الموت جاء ليقبض روحك في تلك الساعة..

دمعت عيناها وهي تشعر أن قلبها يتقطع إربًا رفعت عيناها لمقطع السماء الذي تسمح بإظهاره النافذة الصغيرة في جدار الغرفة جالت بخاطرها صورة علاء.. ودق قلبها بقوة ثم قامت وأقفلت الباب بالمفتاح وأخرجت جهازها المحمول وأرسلت رسالة لعلاء كتبت له فيها:
كنت لي طوال السنوات السابقة نعم الأخ والصديق أشكرك من كل قلبي على كل ما فعلته من أجلي، لن أنساك ما حييت انسني يا علاء فالموت لا يستأذن أحدًا, وداعًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالجمعة أبريل 11, 2008 5:51 pm

المشهد الخامس:

الزمان: صباح اليوم التالي
المكان: بيت ميار..

عدل حمزة من ربطة عنقه الأنيقة.. وطالع هندامه في خيلاء.. رفع حاجبيه للأعلى وابتسم وهو يناظر صورته المنعكسة في المرآة.. كان في الخامسة والأربعين من عمره.. لكنه مازال يتمتع بشباب عشريني يتمثل في قوة بدن ووسامة واضحة.. قالت له زوجته وهي ترص الأطباق على مائدة الإفطار:
- أراك متهندمًا!!
- عندي موعد مهم جدًا..
قالت وهي تسكب بعض الشاي في كوب:
- بالتوفيق..
- ما بك تقولينها بدون نفس؟

تجاهلت استنتاجه قائلة:
- هل ترغب بساندويتش البيض المسلوق؟
- لا.. هل تريديني أن أذهب للموعد وأنا رائحتي بيض!!
ابتسمت بسخرية ولم ترد فبادر بسؤالها:
- هل دانيال جاهز؟
- نعم (رفعت صوتها تناديه) : دانيال.. تعال حتى تفطر قبل أن تذهب إلى المدرسة فأبوك لديه موعد مهم..
- وماذا عن ميار؟
التزمت الصمت وكأنها تتحاشى أن تسمع حديثًا ملت سماعه.. لكنه قال بصيغة توعد:
- لم توقظيها هه؟؟ إلى متى ستتغيب البنت عن للمدرسة؟
- حتى تتحسن حالتها النفسية..
- ومتى يكون ذلك؟ بعد شهر, بعد عشرة أشهر, بعد سنة؟ هذا لا يجوز.. ستفوتها الكثير من الدروس..
- الفتاة متعبة ولا تستطيع دخول المدرسة وصديقتها ليست فيها ألا تفهم؟
- غيري لها المدرسة.. أقنعيها.. تصرفي أنها ليست إلا طفلة.. يا سلاف طفلة.. تشكلينها كيف تريدين..
- حسنًا سأتصرف.. اتركني أتدبر أمرها بنفسي..
- أتركك حتى تضيعيها؟ أنت تدللينها كثيرًا.. وتتركينها تتصرف على هواها..
- لماذا أنت غير مقتنع أن نفسيتها متعبة!!
- أنت تشجعينها على الهرب من مشاكلها.. وتعزيزين داخلها الشعور بالجبن.. والخوف من المواجهة.. إذا ضللت تعاملينها هكذا ستقتلين داخلها الطموح والمثابرة والتطلع والشجاعة..
- وأنت تصر على أن تعاملها كما تعامل أولادك الذكور.. هذه بنت.. والبنت رقيقة المشاعر.. أليس لديك أي مراعاة للعاطفة والمشاعر؟ لقد فقدت صديقتها المقربة.. هل ذلك شيء سهل بالنسبة إليك؟

في تلك الأثناء وقبل أن تشتعل نار الحرب بينهما.. خرجت ميار من غرفتها وهي ترتدي الزي المدرسي.. وكم كان ذلك مفاجأة لسلاف التي توجهت نحوها وسألتها بقلق:
- ماذا يا حبيبتي؟ هل ستذهبين اليوم للمدرسة؟ هل أنت بحالة جيدة؟
صرخ حمزة قائلاً:
- لا تشجعي البنت على الدلال.. هي بخير.. وستذهب للمدرسة..
طالعتها سلاف بقلق فهزت ميار رأسها بعد أن فشلت في أن ترسم بسمة كاذبة على شفتيها.. وقالت بصوت متهدرج:
- أنا بخير يا أمي.. لا تقلقي..
همست والدتها في أذنها قائلة:
- لا تهتمي لأمر والدك.. ولا تضغطي على نفسك من أجله.. أستطيع تدبر أمري معه..
- لا بأس يا أمي.. عاجلاً أم آجلاً علي الذهاب إلى المدرسة.. لقد فاتتني دروس كثيرة..
- هل أذهب معك؟
صرخ الوالد وهو يفتح الباب ويخرج:
- هيا يا ميار.. هيا يا دانيال.. لا تؤخراني عن موعدي..
أمسكت سلاف بيد ابنتها.. وقد ارتسمت على ملامحها أمارات القلق.. قالت لها ميار وهي تقبل جبينها:
- لا تقلقي يا أم الدكتور أنا بخير..
- اعتني بنفسك..
- حاضر..

أسرعت سلاف نحو النافذة.. وأخذت تراقب ابنتها وهي تنزل على السلم.. وضلت تراقبها حتى اختفت داخل السيارة.. دون أن تنطفئ بداخلها نواقيس القلق..

انطلقت بهم السيارة حتى توقفت أمام مدرسة ميار.. لوح لها أخيها بيده مودعًا لكنها لم تنتبه.. تقدمت داخل المدرسة بخطوات ثقيلة رفعت نظرها تطالع المكان الذي لم تكن تستطيع تحديد ملامحه حتى بدا لها وكأنها لأول مرة تراه أو أنها لم تره أصلاً من قبل، حتى الوجوه عليها كانت أجنبية، وجهًا واحدا من بين جموع البنات كان واضحا كقمر في منتصف الشهر تقدمت نحو صاحبته بخطى فرحة ووقفت أمامها وقالت بابتهاج:
- كنت متأكدة أنهم يكذبون، وأن خبر موتك لم يكن إلا إشاعة أنا سعيدة برؤيتك من جديد يا سارة
تساقطت دمعات دافئة من عيني صاحبة الوجه القمري وقالت بصوت عزف سيمفونية الحزن بعذوبة:
- أنا لست سارة يا ميار، أنا ياسمين!
تجمدت ميار مكانها لثوان لتدرك أن الوجه ليس وجه سارة قبل أن تجثو على ركبتيها وتغطي وجهها بكلتا يديها وتستسلم للبكاء.. وضعت ياسمين يداها على كتفي ميار وقد لجم الموقف لسانها كانت أصغر من أن تستوعب موقفًا كهذا وأجهل من أن تجيد التصرف فيه.. رفعت عيناها إلى نجلاء وتغريد اللتان تقدمتا البنات اللاتي تحلقن حول ميار وكأنهن غفير من الناس يتجمهر حول حادث ما!

سارعت تغريد باحتضان ميار وانتشالها من الأرض وأخذها بعيدًا عن الأعين المتفرجة!
جلست كلاً من نجلاء وميار وتغريد معًا.. وبعد أن قضين فترة طويلة تبادلن فيها الأحضان وتشاركن في سرد الذكريات الجميلة التي جمعتهن بسارة.. قالت نجلاء:
- أخيرًا عدت بيننا يا عزيزتي ميار..
- ما كنت لآتي لولا أني خفت أن تنشب حرب عالمية ثالثة في بيتنا.. بسببي..
- أباك معه حق يا ميار.. الهروب من المواجهة ليس حلاً..
- والمواجهة صعبة.. جدًا.. ما زالت لا أتخيل المكان بدون سارة..
- لا نملك إلا أن ندعو لها بالرحمة.. ولأنفسنا بالصبر والنسيان..
- أي نسيان؟؟ ننسى سارة!! مستحيل..
قالت نجلاء وهي تضع يدها في جيبها وتخرج منه قصاصة ورق بيضاء:
- سأريكما شيئًا..
- ماذا؟
- بالأمس.. ذهب إخوتي مع أنطوانيت لبيت أهلها.. فانتهزت الفرصة وفتحت الانترنيت ووجدت إيميلاً من سارة.. كانت قد أرسلته لي في فجر اليوم الذي توفيت فيه..
- أحقًا؟ وماذا قالت لك؟
- لقد طبعته لترياه..
انتهبتها ميار قصاصة الورق بلهفة وأمسكتها بيد ترتعش.. وقرأت بصوت لا يكاد يُسمع:
- أنا في طريقي لتنفيذ الخطة.. ادعوا لي بالتوفيق.. سأوافيكم بالنتائج قريبًا..
- يا حبيبتي يا سارة.. لقد فكرت في تنفيذ الخطة لكن...
- سبقها الأجل أليس كذلك؟
هزت نجلاء رأسها موافقة.. ووضعت يدها على الجزء الأسفل من وجهها.. وقالت وهي تقاوم دموعها:
- الموت.. لا يعرف المواعيد..
- لماذا يسرق منا سارة هكذا فجأة؟
- حتى نحن ممكن أن نموت في أي وقت..
- صحيح..
- على فكرة.. لقد غيرت رقم هاتفي المحمول..
- أحقًا!! لماذا؟
- لقد قطعت علاقتي بعلاء.. وغيرت رقمي حتى لا يكلمني..
قالت تغريد وهي ترفع حاجبيها بدهشة:
- لماذا؟ ماذا فعل هذه المرة؟
- لا شيء.. لكن أنا لا أريد أن تستمر العلاقة.. قد أموت ويكتشف أهلي أمري وتصبح فضيحة..
- أقويت على اتخاذا هذا القرار يا نجلاء؟
- قلبي حزين ومجروح.. فليتعذب مرة واحدة أفضل من يتعذب على دفعات..
- لكن.. كيف تستطيعين ترك علاء؟ ذلك صعب..
- أرجوك يا تغريد.. لا تصعبي علي الأمر أكثر من هذا.. أنا وحدي متعبة..
- آسفة.. لم أقصد.. لكن ماذا لو انتظرك خلف المدرسة كما يفعل دائمًا.. كيف ستهربين منه؟
- لقد قررت أن أغير الشارع الذي أعبر منه للبيت رغم أن الشارع الآخر أطول لكن...
قالت ميار أخيرًا:
- لا بأس يا نجلاء.. إذا لم تهطل الأمطار اليوم.. سنذهب من الطريق الآخر مشيًا على الأقدام ما رأيك؟
هزت نجلاء رأسها موافقة وقالت:
- حسنًا..

رفعت ميار رأسها للسماء المتلبدة بالغيوم.. وقالت في سرها: أرجوك.. لا تبكي اليوم على سارة.. احقني دمعك.. فقد تعبت من شدة البكاء.



المشهد السادس

الزمان: بعد عشرة أيام تقريبًا من وفاة سارة..
المكان: مكتب المدير الطبي في مستشفى تاج العافية الأهلي.

طرقت كرامة الباب ودخلت بعد أن سمعت إذنًا بالدخول..وسألت الطبيب الذي يقبع خلف مكتب فخم ببذلته الرسمية الأنيقة ومعطفه الأبيض:
- أنا كرامة سنبل.. والدة سارة فتحي الحاج هل استدعيني أيها الطبيب؟
قال الطبيب وهو يشير لها بالجلوس:
- فعلاً يا سيدتي استدعيتك لأمر جلل..
- ما الأمر أيها الطبيب؟ أخفتني..
- لا تقلقي يا سيدتي.. ولكن هناك أسئلة يجب أن أوجهها ليك قبل أن استدعي الشرطة..
- شرطة؟
- كإجراء روتيني لا أكثر..
- لم أفهم..
- لقد ظهر تقرير الطب الشرعي.. شيء لم يكن متوقع على الإطلاق!
- ماذا تعني؟
- ابنتك سارة.. لم تمت بالسكتة القلبية كما ظننا..
فتحت كرامة عينيها على مصراعيهما وقالت بلهجة مشحونة بالدهشة:
- كيف ماتت إذًا؟

سنعود بعدقليل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة الخامسة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 29, 2008 11:40 pm


عدنـــــــــــــا


كنا قد علمنا في الحلقة السابقة أن المدير الطبي في مستشفى تاج العافية الأهلي قد استدعى كرامة سنبل والدة سارة واستقبلها في مكتبه وأخبرها أن ابنتها سارة لم تمت بالسكتة القلبية كما وضح الكشف المبدئي على الجثة وكم كانت تلك مفاجأة كبيرة لكرامة التي كانت قد استسلمت تمامًا لكون ابنتها ماتت ميتة عادية لا سبب جنائي لها.

المشهد الأول في هذه الحلقة هو آخر مشهد انتهت عليه الحلقة السابقة حيث كانت كرامة سنبل جالسة أمام الطبيب رضوان طاهر المدير الطبي للمستشفى والذي بادر بسؤالها وهو يشبك بين أصابعه:
- هل كانت سارة تعاني من أي مرض في القلب؟
ردت وهي في إغماءة الصدمة:
- لا
- هل كانت تتناول أي نوع من الأدوية لأي مرض من الأمراض؟
قالت وهي تسترجع تاريخ ابنتها المرضي:
- قبل عدة سنوات أصيبت بالجدري.. وأخذت نوعًا من المضادات الحيوية لا أذكر اسمه..
- أقصد هل كانت تتناول أدوية بصورة مستمرة كأدوية القلب مثلاً؟
هزت كرامة رأسها بالنفي وقالت:
- أبدًا.. (صمتت هنيهة قبل أن تسأله) :ما الأمر أيها الطبيب؟ لقد أرعبتني..
تابع أسئلته متجاهلاً سؤالها وبدون أن يعطي شعورها بالقلق أي اهتمام، سألها من جديد:
- هل كانت تعاني من مرض نفسي أو اكتئاب؟
- لا
- هل كانت تأخذ أي أدوية نفسية؟
أجابته وفي لهجتها صرامة وعلى وجهها أمارات الانفعال:
- قلت لك أن ابنتي لا تعاني من أي مرض ولم تكن تأخذ أية أدوية.. لماذا تصر على تكرار نفس الأسئلة؟ لماذا تثير أعصابي بأسلوبك المستفز؟
- لم أقصد استفزازك سيدتي.. إنني أقوم بعملي!
- وهل عملك يستدعي أن تكرر نفس الأسئلة بطرق مختلفة وكأني لا أفهم!
- يا سيدتي....
قاطعته وقد استشاطت غضبًا:
- إذا سألتني مجددًا فأني سأتركك وأخرج.
- حسنا سأوضح لك الأمر.. (تابع وهو يفتح ملفًا أمامه) :لقد أظهر تقرير الطب الشرعي وجود مادة كيميائية في دم سارة..
قالت وقد تملكتها الدهشة:
- مادة كيميائية!!!
- هذه المادة تستخدم في تركيب بعض أدوية القلب.. هل عرفت لماذا أسألك إن كانت تستخدم أدوية للقلب أو تعاني من أي مرض في القلب؟
ركز في ملامح وجهها وأدرك أنها لم تستوعب ما يعني فقال موضحًا:
- لو كانت تستخدم مثل هذه الأدوية لكان وجود مثل هذه المادة الكيميائية طبيعيًا في دمها.. لأنها تأخذها بصورة مستمرة..
- وماذا لو كانت لا تستخدمها؟
حرك رضوان فكه ليمضغ علكًا في فمه ثم قال:
- قد تكون البنت قد أقدمت على ابتلاعها بقصد الانتحار..
ضربت كرامة المكتب بكلتا يديها ووقفت وقد بدا عليها الانفعال وقالت بلهجة اعتراض:
- لا يمكن لسارة ابنتي أن تنتحر أنت لا تعرفها لقد كانت فتاة تشع بالحيوية وحب الحياة.. ولا ينقصها شيء البتة..
- كيف تفسرين وجود هذه المادة في دمها إذًا؟
بلعت كرامة ريقها والتزمت الصمت وقد بدت عليها الحيرة فقال وهو يشير لها بالجلوس مجددًا:
- اهدئي يا أم سارة ودعينا نحلل الموضوع بهدوء..
نفذت طلبه باستسلام وهي لا تركز تفكيرها على شيء محدد فبادر هو قائلاً:
- لا تغضبي من أسئلتي فما سألتك إلا لأستوضح الأمور كيف أفهمك إذا لم أفهم!
ردت بلهجة أسف قلما تستخدمها في علاقتها مع الآخرين:
- اعذرني يا دكتور فأنا متعبة، موت ابنتي لم يكن بالشيء الهين..
- لا بأس أقدر وضعك, كان الله في عونك
- شكرًا لك..
- لقد سألتك أن كانت تستخدم أدوية قلبية أم لا لأن الجرعة الزائدة من هذه الأدوية قد تؤدي لتوقف القلب كما أن الأمراض النفسية والاكتئاب والأدوية النفسية والمشاكل العائلية قد تدفع بعض الناس للانتحار خاصة في سن حرج كسن ابنتك المراهق..
قالت بثقة:
- إلا سارة..
هز رضوان رأسه وأغمض عينيه ثم فتحهما ببطء إشارة إلى أنه ليس لديه ما يقوله بينما كان لدى كرامة الكثير من الاستفسارات وعلامات الاستفهام، طالعته وهي تشعر بالدوار وقالت بعد أن عضت شفتها السفلى بقوة:
- وغير الانتحار؟ ألا يوجد سبب آخر؟
أطرق مفكرًا ثم قال وهو مازال يمضغ قطعة العلك:
- يوجد.. كأن تكون قد أخذت الدواء عن طريق الخطأ.. (التزم الصمت ثم تابع قائلاً) : وهناك احتمال آخر لكنه ضعيف وأنا استبعده..
- وما هو؟
- أن تكون قد ماتت مقتولة..
ضرب قلب كرامة بقوة وبلعت ريقها وقد جف حلقها واصفر وجهها وقالت بصوت متقطع:
- مقتولة!! ومن يجرأ على أن يقتل ابنتي (رفعت صوتها قليلاً وكررت نفس الجملة بأسلوب مختلف) : من يجرأ أن يقتل ابنة كرامة سنبل؟
قال دون اكتراث بردة فعلها:
- هذا مجرد احتمال
طاف على بالها الكثير من الاحتمالات والافتراضات والذكريات القريبة والبعيدة فصرخت قائلة:
- أنا ليس لدي شك في أن ابنتي فعلاً قد ماتت مقتولة
- سيدتي أرجوك.. لا تضعي افتراضات يجب أن يكون لديك دليل
- مثل ماذا؟
- لا أعلم.. لكن ضعي في بالك أن لا أحد يستطيع إجبار فتاة في السابعة عشرة من عمرها على ابتلاع دواء!
هزت كرامة قدميها بعصبية وقالت:
- استدعي الشرطة حالاً.. فأنا لن أدع دم ابنتي يضيع هدرًا..
نظر إليها وقد امتلئ بالدهشة.. لكنه سرعان ما استجاب لطلبها واستدعى الشرطة.



المشهد الثاني
الزمان: الساعة العاشرة تقريبًا من صباح ذلك اليوم..
المكان: شركة مناع للحديد والصلب..

خرج من بوابة الشركة الخارجية وقف ينظر إلى المبنى بتأمل وتنهد بارتياح ثم استقل سيارته الأمريكية البيضاء واسترخى على الكرسي بكامل جسده وهو يضع يديه خلف رأسه وأخذ يحدث نفسه قائلاً ونفسه مليئة بالانشراح: أخيرًا تحقق حلمك يا حمزة.. قريبًا ستتحقق كل أحلامك..



المشهد الثالث
الزمان: بعد ظهر ذلك اليوم
المكان: بيت سارة
ترجل فتحي من سيارته الفاخرة ومشى بتباطؤ في البهو المؤدي إلي بوابة الشقة استفقد مفاتيحه في جيبه فلم يجدها ثم تذكر أنه قد نسيها في باب السيارة لكنه تكاسل أن يعود للمرآب مما اضطره لضرب الجرس.. فتحت له روزالي الباب فابتسم وتقدم داخلاً إلى الصالة.. تناولت منه حقيبة كانت في يده وقالت:
- هل أحضر لك الغداء سيدي؟
- هل عادت كرامة؟
- ليس بعد.. إلى أين ذهبت؟
- إلى المستشفى
- لقد حذرتها من قلة الأكل لكنها لم تستمع لي!
- هي ليست مريضة
- لماذا قصدت المستشفى إذًا؟
- طلبوني من أجل موضوع يخص سارة فوكلت الأمر لها لأن جدولي مزدحم اليوم..
- ألم تنتهي الإجراءات التي تخص سارة؟
قال وهو يتهاوى على أحد المقاعد:
- الروتين الممل!
هزت رأسها متفهمة ثم سألته سؤالاً كانت قد سألته إياه من قبل:
- هل أسكب الطعام سيدي؟
تنهد وهز رأسه موافقًا فانصرفت هي إلى المطبخ وعادت بعد فترة قصيرة كان قد أغمض فيها عينيه وهو جالس على الأريكة ممددًا ساقيه في وهن.. انتبه لها وفتح عينيه بفزع فقالت معتذرة:
- آسفة سيدي هل أفزعتك؟
رد بعد أن تنهد بقوة:
- لا بأس
- الطعام جاهز

نهض وسار خلفها إلى قاعة الطعام كانت غرفة صغيرة بها نافذة كبيرة تحتل نصف الحائط الشرقي تغطيها ستارة فاخرة تعكس لونها الكستنائي على بقية الجدران مضيفة جوًا رومانسيًا بديعًا يبعث على الارتياح هذا غير الإضاءة الخافتة الصفراء التي كانت تملئ المكان روعة وجمالاً.. تزين أحد جدرانها لوحة لشجرة تفاح ذات ألوان خريفية بديعة.. طالع فتحي المائدة التي كانت لوحة فنية أخرى وابتسم وهو ينظر لروزالي فسحبت له الكرسي ليجلس ثم همت بالانصراف لولا أنه أمسك بيدها قائلاً:
- كلي معي..
- هذا لا يصح سيدي..
- وهل سآكل كل هذا الطعام وحدي؟
- قد تأتي السيدة وتعنفني..
- لا تهتمي لأمرها..
وقفت مترددة للحظات لكن وقبل أن تعترض أقعدها على الكرسي بقوة لدرجة شعرت معها بالانزعاج لكنها افتعلت ابتسامة كاذبة على وجهها مخفية العبوس الذي ارتسم على ملامحها لثوان وأخذت تنظر إليه وهو يأكل طبخها الشهي بنهم.. تنهدت وكأنها تطرد آهاتها مع تلك التنهيدة.. ثم سكبت بعض الطعام في صحنها وبدأت تأكل هي الأخرى.



المشهد الرابع
الزمان: وقت خروج البنات من المدرسة
المكان: عند الباب الخارجي للمدرسة

ضربت ميار كتف نجلاء بمرفقها فصرخت نجلاء قائلة:
- ماذا بك أيتها المتوحشة؟؟ أوجعتني..
- أرأيت ما أرى؟
تلفتت نجلاء فخفق قلبها بقوة حين لمحت علاء واقفًا عند الباب بلعت ريقها بخوف وكادت أن تفلت الدموع من عينيها لسبب تجهله فتظاهرت بأنها تحك عينيها بيدها حتى تجبرهما على حبس الدموع..
- ما رأيك؟ لقد غيّر المكان الذي ينتظرك فيه، ليراك.. (قالت ميار وهي ترمقها بنظرة غريبة)
ردت نجلاء وهي تتابع طريقها:
- تجاهليه
طالعته ميار وهي وتلحق بصديقتها وضلت تنظر إليه رغم أنه صار خلفهما لأنهما سلكتا طريقا آخر غير الطريق الذي كان يقف فيه فسألتها نجلاء:
- ذهب؟
- نعم
ردت نجلاء بحزم رغم شعورها بالإحباط:
- أحسن!
- تحبينه نجلاء؟
أحست نجلاء أن سؤال ميار كخنجر يقطع قلبها إربًا فسكتت ولم ترد وهي تقاوم رغبة ملحة في البكاء سرحت بعيدًا إلى ذكريات جمعتها بعلاء منذ فترة كانت فيها تشعر بمشاعر تشبه ما يحتويه قلبها الآن من حزن وإحباط وألم كان ذلك بعد معركة عنيفة مع زوجة والدها كانت هي الخاسرة فيها بل المتهمة فيها بالتعدي وافتعال المشاكل.. عندها اتصلت بعلاء وطلبت أن تلقاه لا تعلم ما الذي جعلها تلجأ إليه هو بالذات في ذلك الوقت.. رغم أنها لم تشأ أن تكلف عليه وتقلقه لكنها أحست أنه هو دون غيره سيشعر بآلامها وسيمدها بالقوة التي تحتاج، قررت ذلك بسرعة ودون أن يشعر بها أحد تسللت من البيت متوجهة إلى الحديقة حيث كان ينتظرها هناك، كانت فكرة مجنونة بالتأكيد، لكنها نفذتها بشجاعة..
استمع لها باهتمام وكانت تتكلم بانفعال وتكتم أحاسيس شحنت بالحزن والمرارة وكم كان هو متفهمًا ومستمعًا جيدًا انتظرها حتى انتهت من حديثها.. تنهد بألم وضرب الحائط بقوة مقبض يده وصرخ قائلاً:
- إنها ظالمة.. بل مجرمة..
التفت إليها وتابع وقد تغيرت لهجته تمامًا واتسمت بالهدوء واللطف.. قال وهو يطالعها بحنان وثقة:
- لكنك قوية.. وقادرة على أن تواجهيها وتنتصري عليها
نظرت إليه بنظرة ضعف تقول له فيها: ليس أنا من يملك شجاعة المواجهة وقوة الإرادة لأنتصر على أنطوانيت المتجبرة..
قال لها وقد فهم ما تعنيه النظرة المهزوزة التي تتلألأ في عينيها الخضراوين:
- أنت تملكينها أنا متأكد..

انقطع صوت علاء فجأة فعادت من ذكريات مرّة إلى واقع أشد مرارة.. أخرجها من ذكرياتها شخص كادت أن تصطدم به فصرخ في وجهها قائلاً:
- انتبهي.. هل أنت عمياء؟
تفادت الاصطدام به بأن غيرت طريقها فجأة متنحية إلى جانب الطريق فتناثرت عليها قطرات من مستنقع صغير كانت قد أحدثته الأمطار فاتسخت مريلتها بمياهه القذرة.. نظرت إليها ميار بصمت وتابعتا طريقهما حتى وصلتا إلى بيت ميار فودعتها وتابعت طريقها وحدها إلى بيت والدها الذي لم يكن يبعد عن بيت ميار كثيرًا وقبل أن تصل إلى البيت وعند أحد الممرات الضيقة سمعت أحدهم يهمس باسمها التفتت حيث الصوت.. تفاجأت بعلاء الذي كان واقفًا أمامها بوهن.. لم تستطع أن تخفي شعورها بالانشراح لرؤيته لدرجة لحظها هو فقال معاتبًا:
- أقدرت على فعل ذلك بي؟ (خفف من حدة عتابه قائلاً) :كم أنت قاسية!
بلعت ريقها وقالت بلهجة حزينة عكست جزء من الحزن الذي يحتويه قلبها الصغير:
- علاء علاقتنا وصلت إلى مفترق طرق.. حتى صارت المتابعة مستحيلة..
- نجلاء.. أنا لا أستطيع أن أعيش بدونك
امتلأت ملامحها بالسخرية من كلمة (العيش) وتراءت لها صورة سارة في الفضاء الواسع فقالت بحزن وعينان جامدتان:
- سارة ماتت يا علاء
كان الخبر مفاجأة له فصرخ قائلا:
- سارة ماتت!!!
- وقد نموت مثلها نحن فجأة، وما أصعب أن نموت نحن أيضًا ونحن نعصى الله (قالت تلك الجملة الأخيرة رغم أنها شكت طويلا في مقدرتها على النطق بها.. ساد الصمت لبرهة قبل أن يقول علاء معترضًا) :
- ومن قال أننا نعصى الله؟؟ إن علاقتنا بريئة وكذب من يظن غير ذلك..

ملئتها كلماته بالحيرة.. تنهدت وكلمات إيمان مسعود تتضارب مع كلماته قالت له بعد أن فشلت في إيجاد مبدأ يقنعه:
- اسأل أي شيخ.. أي رجل دين (بلعت ريقها وتابعت وهي لا تنظر إليه) : سيقول لك إن علاقتنا خاطئة لأنها لو لم تكن كذلك لما استترنا من الناس ولما هربت من بيتنا بدون علم أهلي لأراك (بدت كلماتها عليه أجنبية.. أحس أنها قد أدخلته في غيبوبة.. لازمته للحظات أفاق منها على صوتها المشحون بالمرارة وهي تقول له) : لا تحاول لقائي مجددًا.. أرجوك..

تركته في إغماءته ومضت فقال بلهجة استجداء:
- لماذا لا تصدقين أني لا أستطيع أن أعيش بدونك؟
ردت عليه وقد اعتصرها الألم:
- وأنا لا أستطيع أن أموت معك..
كانت لهجتها الصارمة كفيلة بأن تؤكد له أنه لا يحلم.. وأنها جادة في قطع علاقتها به..

عندما عادت إلى البيت كانت هي أيضًا في إغماءة أخرى أشد من إغماءة صاحبها تسحبت إلى غرفتها دون أن تعير انتباهًا لأحد.. تهالكت على فراشها في وهن ودموعها تتدحرج على خديها بسخاء وتبلل وسادتها القطنية.. حتى تعدت كالسيل إلى غطاء فراشها الأزرق لدرجة أحست معها بالبلل.. تراءى لها أن دماء قلبها المجروح هي التي تبلل الفراش.. تعالى صوت بكاءها وهي تنهج بحزن وسؤال ميار يدوي في أذنيها دويًا مزعجًا: تحبينه نجلاء؟ ازداد حزنها حدة وفؤادها يصرخ: أحبه نعم.. أحبه.. (قالت بلهجة أخرى وكأنها تكلم شخصًا ماثلاً أمامها) : أنا أيضًا لا أستطيع أن أعيش بدونك لكني في الوقت نفسه لا أستطيع الموت معك، وبما إن الموت أقرب وأسرع من الحياة فإني أفضل أن أموت بدونك على أن أعيش معك.. طالعت الثريا المتدلية من السقف وقالت بأسف: سامحني.. يا علاء سامحني يا أحب الناس إلى قلبي..
دخلت عليها في تلك الإثناء أم أمجد وجلست على طرف فراشها وطالعتها بنظرة حادة وقالت لها:
- ألن ينتهي حزنك على تلك الصديقة؟ مللنا النياح ليل نهار
قالت نجلاء بتأثر:
- تحاسبيني حتى على حزني؟ أنت ماذا؟ حجر؟
- الناس كل يوم تموت، أنقضي عمرنا كله في البكاء عليهم؟؟
- سارة ليست ناس أنها صديقتي..
قالت أم أمجد وهي تلوح بيدها باستخفاف:
- صديقتك وليست من بقية أهلك..
- يعني لو مات أحد أولادك.. ألن تحزني؟
قفزت أم أمجد من مكانها وكأنها تطرد لعنة ما وصرخت قائلة:
- إنهم أولادي!!
- وهذه أختي.. (أخذت تجهش بالبكاء ورفعت صوتها في وجه أم أمجد قائلة) : هل تسمعين؟ إنها أختي..
طالعتها أم أمجد وقد امتلأت نفسها بالخوف من هيئة نجلاء التي تابعت الصراخ والبكاء بشدة فسارعت بالانسحاب خارجة من المكان مخلفة نجلاء منهارة على فراشها كأنها قطعة زبده أذابتها أشعة الشمس.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 29, 2008 11:41 pm

المشهد الخامس
الزمان: عند الساعة الخامسة من مساء ذلك اليوم
المكان: قسم الشرطة

وقف الرجل البدين القابع بتراخي خلف مكتبه العريض حين اقتحمت عليه غرفته امرأة شقراء تحلت بثوب أسود عانق جسدها النحيل كان سيشاط غضبًا ويعترض على تصرفها الذي لم يرق له لكنه ما أن وقع نظره عليها حتى تقدم نحوها حيث كانت تقف وبحركة من يده أشار للحارس الذي اعترض طريقها أن يسمح لها بالدخول ثم قال لها وقد علت ابتسامة كبيرة على ملامحه الجادة:
- تفضلي سيدة كرامة سنبل..
طالعته بدهشة وقالت:
- أنت تعرفني!!
- غنية عن التعريف سيدة كرامة (قادها نحو الكرسي الذي يواجهه في المكتب وتابع قائلا) : معرضك الأخير كان ناجحًا جدًا، لقد حضرته أنا وزوجتي وابنتي، لكن للأسف قوبل طلبنا لمقابلتك بالرفض (تابع وهو يشعل لفافة من التبغ) : لقد كتبت عنه ابنتي تحقيقًا صحفيًا رائعًا نال على إعجاب مدير التحرير في المجلة التي تعمل فيها.. ألم تري الموضوع؟
- لا..
أخرج مجلة كانت في درج مكتبه وقدمها إليها ابتسمت وهي تطالع صفحات المجلة التي تصدرتها صورها في ليلة الاستعراض وسهمت تقرأ الموضوع للحظات نسيت فيها سبب وجودها في هذا المكان حتى أعادها للواقع بسؤاله وهو يضغط على أحد الأزرار التي بجانب مكتبه:
- ماذا تشربين سيدة كرامة؟
التفتت إليه وردت قائلة بلطف:
- لا شي, شكرًا لك..
- هذا لا يجوز سيدتي أنت في مكتبي
ابتسمت للهجته الصارمة واللطيفة في الوقت نفسه وقالت:
- فنجانًا من القهوة المرة إذا سمحت..
رفع نظره للساعي المسن الذي دخل عليهما وردد جملتها بطريقة آلية:
- فنجانا من القهوة المرة إذا سمحت..

هز الساعي رأسه وانسحب مغلقًا الباب خلفه بهدوء.. أخذ العقيد يتأمل وجهها الأبيض وشعرها الأشقر الذي ربط بغير نضام فوق رأسها بإعجاب.. فقد كانت رغم شحوب وجهها ورغم الهالات السمراء التي أحاطت بعينيها ألا أنها تسيطر عليها أنوثة طاغية لا يمكن تجاهلها.. وكأن ملامح الحزن قد أضافت مقدارًا إضافيًا من الجمال إلى ملامحها.. أفاق من غشاوة التأمل فيها وسألها:
- كيف أستطيع خدمتك سيدتي؟
التفتت إليه وهي تغلق المجلة وقالت بعد أن ألقت نظرة سريعة على اسمه المطبوع على لوحة أمامها:
- سيد زافي، الموضوع باختصار أن ابنتي الوحيدة توفيت بـ...
قاطعها قائلاً وقد بدا عليه التأثر:
- ابنتك سارة ماتت؟
- أنت تعرف ابنتي سارة أيضًا؟
- لا يا سيدتي ليس إلى هذا الحد.. ولكني سمعت البعض يسميك أم سارة..
بلعت ريقها وهي تشعر بالمرارة فتابع هو قائلاً: عظم الله أجرك سيدتي..
هزت رأسها وقد نسيت ما يمكن أن يقال في هذه المواقف.. في هذه الإثناء دخل الساعي المسن ووضع القهوة أمامها وخرج.. تناولت فنجان القهوة بصمت فقال ليشجعها على الاسترسال:
- تابعي سيدة كرامة.
تنهدت بعمق ثم قالت:
- لقد اتضح أن سارة لم تمت ميتة عادية.. بل وجد في دمها مادة كيميائية.. تستخدم في تصنيع بعض الأدوية..
هز رأسه دون أن يعلق.. فشجعها صمته على المتابعة: لقد كتب الطبيب في تقريره أن ابنتي ماتت منتحرة.. (رشفت قليلاً من القهوة وتابعت قائلة) : ابنتي لم تمت منتحرة.. ابنتي ماتت مقتولة وأنا لن أتنازل عن حقها..
- هذا حقك سيدة كرامة.. نفتح ملفًا للتحقيق.. لا يوجد مشكلة
- لكن ذلك الملازم المعتوه عندما طلبت منه فتح التحقيق رفض أن يقبل بلاغي.. وهددني أنه سيوجه لي تهمة البلاغ الكاذب وإزعاج السلطات.. وإهدار وقت الشرطة..
وقف زافي مغتاظًا.. وقال بانفعال شديد:
- بليغ فعل ذلك؟
- بل فعل ما هو أكبر من ذلك.. لقد طردني من مكتبه.. وعندما أصررت على أن أقابلك.. أرسل الحارس وراءي ليمنعني..
ضغط على أسنانه بقوة وضغط على أحد الأزرار.. فدخل أحد الجنود على الفور.. فقال له بصرامة:
- انده لي على بليغ حالاً..
ضرب الجندي الأرض بقدمه.. وانصرف وبعد غيابه بلحظات مثل الملازم بليغ عبد الكريم أمام العقيد زافي أسعد.. دخل في خيلاء ولكن سرعان ما بدا عليه الاضطراب الشديد عندما وقعت عيناه على كرامة التي كانت تجلس على الكرسي وتضع ساق فوق الأخرى وعلى وجهها أمارات الانتصار.. فقال مدافعًا عن نفسه قبل أن يوجه له أي اتهام:
- هذه المرأة استفزتني.. سيدي و...
ابتسم زافي في خبث وهو يستوي على مكتبه.. وقال ببرود قاطعًا حديثه:
- افتح ملف تحقيق يخص ابنة هذه المرأة..
- ابنتها ماتت منتحرة ولا يوجد ما يدعو لـ....
لم يعطه زافي فرصة ليكمل فقد قاطعه قائلاً بحزم:
- قضية ابنتها سأحقق فيها بنفسي..
فتح بليغ عيناه على مصراعيهما.. وهز رأسه وهو لا يصدق ما يجري.. فقال ببلاهة:
- لكن يا سيدي..
- نفذ ما أمرتك به أيها الملازم..
لم يجد بليغ غير أن يستسلم في النهاية أمام إصرار رئيسه ويذعن في خضوع قائلاً وهو يضرب الأرض بقدمه ويعطي تحية عسكرية:
- حاضر..

طالعه وهو يخرج.. ويغلق الباب وراءه ثم التفت إلى كرامة التي ابتسمت في وهن وقال لها:
- اطمئني سيدتي.. لن يضيع حق ابنتك.. أبدًا..
- لا أعرف كيف أشكرك سيد زافي..
- أنا الذي لا أعرف كيف أشكر الظروف التي قادتك إلي.. فأنا ومن زمن طويل أتمنى أن ألقاك..
فاجأتها جرأته.. لكنها شكرته بامتنان وهمت أن تغادر.. لكنها توقفت قليلاً وقالت:
- كأنك كنت ترغب بشيء ما.. حين حضرت الاستعراض.. أليس كذلك؟
- لقد رغبنا بلقائك لكن.. لم يكن لنا نصيب..
- بما أن الظروف قد قادتني إليك.. فربما ما زلت أستطيع مساعدتك..
- فات الأوان..
- لماذا؟
- ابنتي.. من أشد المعجبين بك.. وكانت تتمنى أن يكون فستان زفافها من تصميمك.. هذا هو كلما في الأمر..
- وهل تزوجت؟
- ليس بعد.. لكن زواجها بعد أقل من شهر!
- أرسل ابنتك للدار ولتنتقي الموديل الذي تريد.. وقبل موعد زفافها بأسبوع سيكون فستانها جاهزًا..
- ماذا تقولين يا سيدة كرامة؟
- كنت لطيفًا معي.. وهذه مكافأة لك..
وقف مذهولاً وقال:
- سيدة كرامة.. لم أقصد من وراء معاملتي لك.. أن تكافئيني بهذا العرض السخي..
- ابنتك سيد زافي محضوضة.. وقد كتب لها أن تتحقق أمنيتها.. (طالعت المجلة بزهو) : اعتبره مكافأة لها على موضوعها الذي كتبته عني.. (أخرجت بطاقة صغيرة من حقيبتها وأعطتها له) :هذا بطاقة الدار.. فيها العنوان ورقم الهاتف.. تشرفني ابنتك في أي وقت..
- أوه.. هذا لطفًا منك.. سيدة كرامة.. لا أصدق أن حلم ابنتي سيتحقق..
ابتسمت رغم ما بداخلها من ألأم.. ثم قالت مغيرة الموضوع:
- متى يبدأ التحقيق؟
- سنبدأ التحقيق غدًا وقد أرسل مجموعة من الجنود حتى يقوموا بتفتيش البيت..
- لا بأس سأكون متواجدة.. شكرًا لك..
ابتسم في امتنان.. ومد يده وصافحها بحرارة.



المشهد السادس
الزمان: بعد عدة أيام من اكتشاف المادة الكيميائية في دم سارة..
المكان: ساحة المدرسة..
مجموعة من الطالبات يطالعن صفحة من جريدة كانت بحوزة إحداهن.. وقد ارتفع صوت طالبة منهن وهي تقول:
- تعاطفنا معها لكنها لا تستحق عطفنا ولا شعورنا من أجلها بالحزن والأسى..
قالت أخرى:
- بعد أن بكينا لموتها.. (صمتت هنيهة ثم تابعت باستخفاف وهي تسلم الجريدة لبنات أخريات) : اتضح أنها منتحرة..

ارتفع صوت ياسمين وهي تنتهبهن صفحة الجريدة وتمزقها بعصبية قائلة:
- كذب.. كذب.. لا يمكن أن تنتحر سارة.. (وزعت نظراتها بين الطالبات اللاتي كن يقرأن الجريدة وتابعت قائلة) : لا تصدقن كلام الجرائد.. سارة كانت تحب الحياة وتحب الناس ولها رسالة سامية تريد أن تحققها في الحياة.. فكيف تنتحر.. كيف؟

وعلى مرأى ومسمع شلة تسنيم المحبة كانت صرخات ياسمين المستنكرة.. طالعت كل واحدة منهن ياسمين بشفقة ثم تبادلن النظرات الصامتة.. وقد استفزتهن حركة أحدى البنات وهي تلمح بحركة من يدها لبقية البنات أن ياسمين غدت مجنونة.. وتهمس قائلة بلهجة ساخرة:
- لم تعد عاشقة سارة.. صارت مجنونة سارة..
فتعالت ضحكات البنات بسخرية مهينة.. عندها توجهت تغريد نحو ياسمين وسحبت الجريدة من بين يديها بلطف وسلمتها للبنات وبلمسة حانية طوقت يداها على وجهها القمري الأسمر وقالت لها بصوت هامس:
- ليس هكذا ندافع عن من نحب..
قالت ياسمين ومازال في لهجتها بعض الانفعال:
- ألم تسمعي ماذا يقولون؟ أيعقل أن تموت سارة منتحرة؟
- من يصدق ذلك فهو لا يعرف سارة جيدًا..
- لكنهن يقلن ذلك.. والجرائد كتبت ذلك.. أنسكت على هذا الهراء؟
- نحن لا نستطيع أن نمنع الناس من الكلام.. ولا الجرائد من طباعة الحوادث.. كل إنسان له وجهة نظره في الحياة.. التي لا يستطيع أحد أن يتحكم فيها..
قالت نجلاء وكأنها تكمل كلام تغريد:
- البنات اللاتي صرخت في وجههن مبينة رأيك الشخصي بالنسبة لسارة.. سيتكلمن ورائك بنفس الكلام.. ولن يلقين بالاً لدفاعك عنها..
التفتت ياسمين لنجلاء وكأن ملامحها تقول: لم أفهم!! فتابعت نجلاء قائلة:
- نستطيع بالهدوء والإقناع السلمي أن نؤكد أن سارة لم تمت منتحرة.. بالأدلة والبراهين.. وليس بالكلام.. فالصراخ والتشنج لا يفيد.. فهمتني؟

هزت ياسمين رأسها وهي تستشعر الدفء لأول مرة بين شلة تسنيم المحبة.. طالعت كلاً من تغريد ونجلاء بامتنان.. ثم وجهت نظرها لميار التي كانت تجلس على الأرض بسكون.. والتي ما أن تلاقت عينيها بعيني ياسمين حتى أشاحت بوجهها سريعًا.. وحاولت جاهدة أن لا تنظر إليها.. موقف ميار أشعر ياسمين بالحزن.. فتمتمت بكلمات شكر ومضت مبتعدة عنهن..
توجهت تغريد نحو ميار التي بدا الشحوب و الإعياء على وجهها.. وأنهضتها من على الأرض وقادتها نحو الفصل.. في حين توجهت نجلاء لفصلها في الناحية الأخرى من ممر المدرسة الداخلي..



المشهد السابع
الزمان: بعد المدرسة..
المكان: بيت ميار..

دخلت ميار على والدتها التي كانت تتزين عند المرآة وسألتها بلهجة حائرة:
- أمي.. ما جزاء من يموت منتحرًا؟
أجابت سلاف بجدية:
- جهنم
تشنجت ميار عندما ارتطمت الكلمة بطبلة أذنها وقالت بلهجة مفاجأة:
- جهنم!!!
قالت سلاف باستخفاف وهي تحرك أصبع أحمر الشفاه على شفتيها:
- من يقتل نفسه يدخل النار (ثم أضافت مازحة) : حتى لا تفكري في الانتحار (انتبهت لوجه ابنتها الواجم فسألتها بوجل) : لماذا تسألين؟
- يقولون أن سارة ماتت منتحرة..
بلعت سلاف ريقها وأحست بوخز في صدرها وشعرت بالندم لأنها تسرعت بالإجابة.. قالت ميار والدموع تترقرق في عينيها:
- هل ستدخل سارة النار يا أمي؟
جمدت سلاف حائرة لفترة ثم قالت وهي تضع كفيها على كتفي ابنتها:
- رحمة الله واسعة يا حبيبتي
طالعت ميار هيئة والدتها المتهندمة وسألتها:
- ستخرجين؟
التفتت سلاف للساعة وقالت:
- أوه.. نعم سأخرج مع خالتك ران.. أتريدين شيئا؟
- لا.. سأنام
- حسنا أنا ذاهبة تأخرت..
هزت ميار رأسها وقالت:
- مع السلامة
أسرعت سلاف خارجة من البيت بينما توجهت ميار نحو غرفتها واستلقت على فراشها وهي تحاول أن تستسلم للنوم.. ولكن أرقتها فكرة انتحار سارة.. خفق قلبها بقوة لذكريات خطرت على بالها فجأة نهضت مفزوعة وضلت أكثر من ساعة تفكر وحدها ثم قامت بسرعة وطلبت تغريد ثم طلبت نجلاء وقالت لهما الجملة نفسها: احضري إلى بيتي حالاً..

بعد أقل من نصف ساعة اجتمعت الفتيات الثلاث في بيت ميار فقادتهما إلى غرفة صغيرة في الحديقة تستخدم كمخزن.. تأملت كلاً من تغريد ونجلاء المكان وانفجرتا بالضحك قالت تغريد:
- أهذا مكان تدعيننا فيه؟
قالت تغريد:
- بصراحة يفتح النفس.. أين الشاي والحلوى؟
طالعتهما ميار بنظرة جادة وقالت وهي تجلس على أحد الإطارات الملقية على أرضية المخزن وتقول بجدية:
- لقد أحضرتكما إلى هنا لأن ما سوف أقوله يستدعي السرية التامة فأنا سوف أحدثكما في موضوع لا يجب أن يخرج عنا نحن الثلاثة..
هيئتها الجادة أثارت الخوف في نفسيهما فهي ما جمعتهما في هذا الوقت وهذا المكان إلا لموضوع مهم وسري ولا يحتم التأجيل، تعلقت نظراتهما بشفتيها وسألتا بصوت واحد:
- تكلمي ميار أخفتنا..

سنعود بعدقليل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 29, 2008 11:42 pm

بنات ابي تفاعل .........

ابي ردود ...

تعليق ...

اي شي ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 29, 2008 11:43 pm

راح احط الحلقة السادسة لان وحدة اقدر لها متابعتها لموضوعي ...

طلبت مني ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
براءة الهمم
عضو فعال
عضو فعال
براءة الهمم


انثى عدد الرسائل : 417
العمر : 32
المزاج : متغير
رقم العضوية : 15
السٌّمعَة : 0
نقاط : 2
تاريخ التسجيل : 21/03/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 30, 2008 12:20 am

همة الهمم ليش هالحركه
عاد حرام عليج كله ( سنعود بعد قليل )
خلاص انا كرهت سبيستون
القصه مثل ما قلتي تججججججججججججججججججججججججججنننننن
والله حلو مرررررررررررره
بس كمليها بعدين هي كم حلقه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الصراحه وقفتي عند نقطه مهمه أنا أبي اعرف النهايه بس
أرجوك حطيها مره وحده
عاااااااااااااااااااااااااااااد
القصه روعه
ولو من أروع من حطها لنا
بس تكفين حطيها كلها
عشان تكونين اروع بكثييييييييييييييييييييييييييييييير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 30, 2008 12:22 am

اوكي بس النت عندي بطيء


وخليها كذا احلا ... حركااااااااااااااات

^_^
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المها
عضو نشيط
عضو نشيط
المها


انثى عدد الرسائل : 201
العمر : 32
المزاج : ممتاز
رقم العضوية : 29
السٌّمعَة : 0
نقاط : 9
تاريخ التسجيل : 07/04/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 30, 2008 12:53 am

يعطيج العافيه همة الهمم فعلا قصه حلوه ولها عبره كبيره جزيتي خيراّ اختاه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 30, 2008 1:23 am

الحلقة 6 السادسة
عدنـــــــــا


كنا قد علمنا أن نتيجة الطب الشرعي أوضحت وجود مادة كيميائية في دم سارة الحاج وهذه المادة تستخدم في تركيب بعض أدوية الأمراض القلبية، مما يعني أن سارة ماتت نتيجة ابتلاعها ذلك الدواء بقصد الانتحار كما كتب الطبيب رضوان في تقريره.. لكن ذلك ما لم تصدقه كرامه سنبل التي أصرت على فتح تحقيق لإيجاد قاتل ابنتها.. وهو ما لم يصدقه أيضًا كل من عرف سارة عن قرب وخاصة شلة تسنيم المحبة اللاتي أصابتهن الحادثة بصدمة كبيرة فليست سارة من يفكر في إنهاء حياته بهذه الطريقة اليائسة.. وهذا ما شغل فكر ميار وجعلها تبحث عن سبب آخر دفع سارة لتناول ذلك الدواء غير الانتحار.. فقامت بطلب نجلاء وتغريد لاطلاعهما على ما توصلت إليه من نتائج واختارت مخزن للأدوات القديمة في حديقة بيتها كمكان للاجتماع مما أثار قلقهما واستعجلاها أن تبدأ حديثها حتى يفهما سر اختيارها لهذا المكان المنعزل.



المشهد الأول:

المشهد الأول في هذه الحلقة هو نفس المشهد الذي انتهت عليه الحلقة السابقة حيث كانت بنات شلة تسنيم المحبة الثلاث مجتمعات في مخزن بيت ميار القابع في ركن قصي من الحديقة.. قالت ميار بعد أن تنهدت بقوة:

- حسنا.. سأوضح لكما الأمر الذي جعلني أجتمع بكما في هذا المكان..

أطرقتا صديقتيها يستمعان إليها باهتمام وهي تسألهما:

- هل تذكران الخطة التي اقترحنها على سارة؟

قالت نجلاء وهي تقطب جبينها:

- نعم.. لقد تحديناها يومها ونعتناها بالجبانة لأنها ترددت في تنفيذها..

- وهي تحدتنا وقالت أنها سوف تنفذها وأنها ليست بجبانة

- مسكينة سارة لم يعطها الأجل فرصة كي تنفذ ما تتمناه

هزت ميار قدماها بعصبية وقالت:

- أهذا ما تعتقدناه؟

ارتسمت الحيرة على وجهيهما فنهضت ميار متوجهة نحوهما وقالت وهي تقرب رأسها من رأسيهما:

- هل صدقتما قصة انتحار سارة؟

قالت كلاً من نجلاء وتغريد بصوت واحد:

- لم نصدقها طبعًا..

تنهدت وجلست بينهما ثم قالت وهي تنظر للفضاء:

- ما تفسيركما إذًا للأقراص التي قالوا أن سارة قد ابتلعتها؟

قالت تغريد وهي تشبك أصابعها:

- فكرت في الأمر كثيرًا لكني لم أجد تفسيرًا..

التفتت ميار إلى نجلاء التي قالت:

- ولا أنا وجدت تفسيرًا مقنعًا..

بلعت ميار ريقها وفي صدرها غصة ثم قالت بمرارة:

- لكني وجدته..

وجها إليها نظرات مشحونة بالاستفهام والقلق وقلبيهما يخفقان بقوة.. وهزتا رأسيهما لإبعاد فكرة تبادرت إلى ذهنيهما.. قالت ميار وهي تبلل شفتيها بلسانها.. وتنفخ صدرها بالهواء مؤكدة شكوكهما:

- الدواء الذي ابتلعته سارة والإيميل الذي أرسلته لنجلاء فجر اليوم الذي توفيت فيه وحديثها عن تنفيذ الخطة كل هذا يعني...

صرخت نجلاء قائلة:

- لا تقوليها يا ميار!!

أطرقت تغريد مفكرة ثم قالت:

- هل هذا يعني أن سارة تناولت الأقراص لتنفذ خطتنا؟؟ هل يعني هذا أننا نحن اللاتي قتلناها؟

قالت نجلاء بسرعة:

- نحن لم نقتلها.. لقد قصدنا أن نساعدها..

قالت ميار بلهجة انفعال:

- لكنها ماتت.. ماتت!

تدحرجت دمعات دافئة من عيني تغريد وقالت بصوت مبحوح:

- إنها فاجعة.. إنها مصيبة أكبر من موت سارة..

- معقول!! نكون نحن سبب موت أعز وأحب صديقة لدينا؟ لا أصدق..

- ماذا سيفعلون بنا؟ هل سيعدموننا؟ أنا لا أريد أن أموت..

قالت ميار وهي تغطي وجهها بكلتا يديها وتبكي:

- لو كنت أنا سبب موت أختي وصديقتي.. فإني أستحق الموت ألف مرة..
- يا إلهي.. ما العمل الآن؟

هزت تغريد رأسها بأسى قائلة:
- سارة المسكينة دفعت ثمن خطتنا الغبية! (رفعت رأسها إلى صديقتيها وقالت) :لكن نحن ليس لنا ذنب في أن سارة اختارت الدواء الخطأ أو أنها أثقلت الجرعة..

قالت نجلاء بلهجة أخرى:

- إنها مجرد افتراضات.. قد لا يكون لها أي أساس من الصحة يا بنات..

مسحت ميار وجهها الشاحب بكلتا يديها وقالت:

- أعطني تفسيرا آخر يجعل سارة تقدم على ابتلاع الأقراص غير الانتحار الذي نرفضه جميعًا..

ردت نجلاء بلهجة يائسة

- ليس عندي.. لكني لا أصدق أننا قتلنا سارة (وضعت يدها على رأسها وتابعت) : لا أصدق..

قالت ميار بمرارة:

- لقد قتلناها بجهلنا وغبائنا وحماقتنا ( ثم ضربت الأرض بقدمها بقوة فأصدرت صوتا عاليًا على أرضية المخزن الخشبية.. بعدها سمعوا صوتًا رجاليًا يقترب من المخزن وهو يصرخ قائلاً:

- من هناك؟

طالعت ميار صاحبتيها وقالت وقد بدا عليها الاضطراب:

- إنه أبي!

وفجأة فُتح الباب وأطل حمزة برأسه وارتسمت علامات الدهشة على وجهه عندما وقع نظره على البنات الثلاث وهن واقفات يطالعنه بترقب.. قال بلهجة استنكار بعد أن تنهد بارتياح:

- تعجبت لسارق يقتحم بيوت الناس في وضح النهار، (نظر إليهن باستخفاف ثم قال) :ماذا تفعلن هنا؟ تلعبن لعبة الاستخفاء!

قال ذلك ثم أغلق الباب خلفه وابتعد متوجهًا لداخل البيت وهو يضحك ويتمتم قائلا: أطفال في عمر المراهقة!



المشهد الثاني:

الزمان: الساعة الرابعة والنصف من مساء نفس اليوم
المكان: بيت سارة

فزعت روزالي ووقفت جامدة لفترة وقد تملكها الخوف لمنظر الجنود المهيب اللذين فتحت لهم الباب.. سألها الرجل الضخم الذي يتوسطهم:

- هل السيدة كرامة موجودة؟

التفتت روزالي إلى كرامة التي ردت نيابة عنها:
- تفضل سيد زافي

تقدم زافي حتى وقف مواجهًا لكرامة بينما انصرفت روزالي مسرعة إلى المطبخ.. ابتسم زافي وعيناه تطوف بأرجاء المكان ثم نظر إلى كرامة التي قالت مرحبة به:

- شكرا لقدومك سيد زافي..

- لقد جئت بنفسي كما وعدتك..

- هذا لطف منك..

- هل نبدأ؟

- كما تشاء..

أشار لمرافقيه أن يتقدموا.. كانوا ثلاثة جنود بدت عليهم القوة والشجاعة.. يتقدمهم الملازم بليغ الذي خطى خطًا ثقيلة متباطئة والوجوم بادًا على وجهه فقد كان مرغمًا على المجيء فتعذره وتحججه بمسؤولياته لم يجدي نفعًا أمام إصرار زافي ولم يثنيه عن قراره بل أنه أجلّ التفتيش إلى ما بعد الظهر ليضمن وجوده، فزافي ما كان ليتركه دون أن يجعله يصلح الموقف المتهكم الذي تصرفه بالأمس.. إنها طريقته في توجيه كل من هم تحت إمرته، جر بليغ قدميه إلى الداخل وهو كارهًا لقاء كرامة بعد الموقف الذي حصل بينهما ولذلك تحاشى النظر إليها.. ليتفادى شماتتها به، في حين لم تكن هي في حالة تسمح لها بالشماتة من أحد فقد أتعبها التفكير في احتمالية أن سارة قد ماتت بفعل فاعل مجهول أو أن سارة هي نفسها الفاعل!!

قالت لزافي وهي تشير له بالجلوس:

- هل أطلب لك فنجانا من القهوة ريثما ينتهي الجنود من التفتيش؟

طالعها بنظرة عتاب قائلا بلهجة جادة:

- لا سيدتي.. أنا أحب أن أشرف على كل شيء بنفسي..

ابتسمت في اطمئنان ثم قالت:

- من أين تحب أن تبدأ؟

- من غرفة سارة إذا سمحت..

بقى أحد الجنود بالأسفل بينما سار الباقي خلف زافي وكرامة، ارتقوا الدرج الذي قادهم مباشرة لغرفة سارة التي كانت أول غرفة على اليمين تليها غرفة الزوجية، بينما توجد في الجهة اليسرى للدرج، صالة رئيسية كبيرة لا تقل فخامة عن الصالة في الطابق الأسفل، استأذنهم كرامة للحظات غابت فيها داخل غرفتها ثم عادت وهي تحمل مفتاحًا صغيرًا تدلى من ميدالية على شكل دب قطني وردي اللون، فتحت الباب وتقدمتهم إلى داخل الغرفة وزافي ورائها.. أشار لأحد الجنود بالتقدم وسلمه حقيبة صغيرة بها أكياس بلاستيكية ذات طرف قابل للإغلاق.. ووجه له تعليماته بصرامة قائلا:

- عاصم.. البس القفاز وتعال ورائي..

طاف بعينيه يتفحص الغرفة الوردية كانت غرفة واسعة.. الجزء الأمامي منها يحتوي على فراش وثير وخزانة ملابس كبيرة ذات خمسة أبواب، وفي الجهة الأخرى المواجهة للسرير توجد طاولة عليها بعض العطور والأغراض الشخصية رتبت بعناية وسط بعض التحف الفاخرة أما الجانب الداخلي فكان عبارة عن مكتبة جداريه صغيرة حوت بعض الكتب والقصص وأشرطة الفيديو وبعض الاسطوانات وعند الجدار المقابل كانت مكتبة أخرى كبيرة يتوسطها جهاز تلفاز ذو شاشة مسطحة كبيرة وجهاز فيديو وعلى أحد رفوفها استوى جهاز لاب توب فضي اللون تواجهها أريكة عريضة وردية نقشت ببعض الورود الصغيرة البيضاء..

كان الجانب الداخلي للغرفة يختلف عن الجانب الأمامي لدرجة تبدو فيها وكأنها غرفتين منفصلتين تمامًا.. لمح زافي بابًا صغيرًا خمن أنه دورة المياه الخاصة بسارة.. وتمتم في نفسه قائلا: كان لها عالمها الخاص جدًا..

تقدم نحو الداخل وعصام خلفه.. وعاد يدلي عليه بأوامر جديدة:

- ما أطلب منك رفعه.. تضعه في كيس بلاستيكي مستقل وتكتب عليه المكان الذي وجدناه فيه..

طالعه بليغ بنظرة جانبية وتمتم بلهجة استخفاف: يظن نفسه شارلوك هولمز أو بوارو ليكتشف المجرم بدبوس أو بأنزيم حذاء!!

- هل قلت شيئا بليغ؟

رد بليغ متلعثما:

- لا شيء سيدي

- تعال إلى هنا.. لا تقصي نفسك استفد من خبرة زافي العجوز..

قالها وهو يضحك ويسير متوجهًا نحو الجزء الداخلي من الغرفة حيث المكتبة ثم قال عندما أحس ببليغ خلفه:

- بما أن المجني عليها ماتت بتسمم دوائي فما نبحث عنه هو الدواء الذي تم استخدامه.. أو أي شيء قد يشير إلى ذلك (فتح أحد الأدراج فوجد فيها كومة كبيرة من أقلام التلوين ووجد كومة أخرى من أوراق الرسم والكراس المستخدم في الرسم في درج آخر فابتسم وهو يحدث نفسه قائلاً) : يبدو أنها كانت تهوى الرسم!

رفع رأسه إلى لوحة معلقة على أكبر جدار في الغرفة.. كان الرسم لجزيرة وحيدة وسط المحيط بها كوخ واحد وشجيرة صغيرة خضراء الفروع.. لمس زافي شعور سارة بالوحدة والانعزال حين فكرت برسم مثل هذا المنظر واختيار هذا الجدار بالذات لوضع الصورة فيه وكم شعر تجاهها بالأسى لأنها لم تضع بجانب اللوحة أي شيء آخر في حين حوت الجدران الأخرى لوحات وتحف مختلفة ومتنوعة وكأنها تريد أن تعبر عن وحدتها المؤلمة وأنها هي تلك الشجيرة الصغيرة عند ذلك الكوخ الوحيد في جزيرة معزولة عن العالم، لا يعلم لماذا تراءت له صورة الأميرة ديانا عندما اختارت تاج محل وهو خال من الزوار كخلفية لصورة تعبر بها عن وحدتها وتعاستها الزوجية، ابتسم ثم قال وهو مازال يتأمل اللوحة:

- ابنتك رسامة موهوبة.. سيدة كرامة..

لم يسمع تعليقًا فاستمر بتفتيش الأدراج.. لكنه لم يجد غير الأوراق والكتب والأقلام الملونة.. توجه جهة السرير لفتت انتباهه صورة تسنيم عبد الهادي والرسم الكراكتوري لبنات الشلة.. ألقى نظرة على طاولة صغيرة كان عليها شمعدان كبير به شموع ذهبية ابتسم وتنهد بارتياح وكأنه وجد ضالته المنشودة.. نظر خلفه مشيرا لعصام وبليغ بالتقدم ثم قال:

- ربما يكون هذا ما نبحث عنه

هم بليغ أن يحمل العلبة.. فنهاه زافي بأن أمسك يده وقال له:

- انتظر، دع الأمر لعصام

تقدم عصام وحمل علبة الدواء ووضعها في كيس بلاستيكي وأغلق نهايته وأعاده للحقيبة ثم قال:

- سيد زافي.. هناك كأس به محتويات قديمة جافة.. هل يهم القضية؟

نظر زافي إلى حيث أشار عصام.. ثم التفت إلى كرامة التي كانت واقفة عند الباب وكأنها تخشى التقدم نحو الداخل.. وقد تجمدت الدموع في عينيها وجمدت ملامح وجهها كذلك.. كانت موجودة بجسدها فقط أما عقلها فكان غائبا في دهاليز الذكريات.. في نفس المكان ولكن ليس نفس الزمان وليس مع نفس الأشخاص!!

استجابت لنداء زافي أخيرا ورفعت رأسها تنظر إليه.. وسألته وهي غير متأكدة من أنها سمعت صوته:

- هل كلمتني؟؟

- ناديتك أكثر من خمس مرات سيدة كرامة..

- آسفة.. لم أسمعك

هز رأسه متفهمًا مشاعرها ثم سألها:

- هل الغرفة على ما هي عليه منذ يوم الحادثة؟؟

- نعم، فأنا لم أتحمل أن أدخلها وسارة ليست فيها فقمت بإقفالها خاصة وأن الخادمة رفضت أن تدخلها خوفًا من لعنة الأموات كما تقول..

- هل أفهم من هذا أن هذا الكأس شربت منه سارة؟

أطلت برأسها حيث الكأس فوق الطاولة.. ترددت قليلاً لكنها قالت أخيرًا:

- أجل، فهذا كأسها المفضل..

- هل تسمحين أن نأخذه معنا سيدتي؟

تنهدت وهي تهز رأسها بالإيجاب وقالت باستسلام حزين:

- خذوا ما تشاءون..

أحس زافي بوجعها ولم يشأ أن تزيد فترة بقائهم داخل الغرفة مراعاة لمشاعرها.. فخرجوا وفتشوا بقية الغرف بسرعة وأخذوا معهم كل الأدوية التي وجودها في الشقة وقبل أن يقرر زافي المغادرة.. راودته فكرة ملحة ودون تردد استأذن من كرامة أن يبدأ التحقيق مع روزالي فرفعت صوتها المبحوح تنادي عليها فهرعت روزالي إلى حيث كانوا في الصالة، ابتسم زافي في وجهها حتى يخفف من خوفها الذي أصبغ ملامحها بالصفرة والشحوب وأشار لها بالجلوس على الأريكة التي تواجهه، فاجأها طلبه لكنها استجابت عندما طلبت منها كرامة الشيء نفسه.. وضع زافي يديه على فخديه وقال ليشعر روزالي بالاطمئنان بلهجة حانية قلما يستخدمها رجل في مثل موقعه:

- لا تقلقي يا صغيرتي.. لن آخذ من وقتك الكثير..

هزت رأسها وقد تبدد شيء من قلقها فتابع:

- سأسألك بعض الأسئلة عن سارة..

ترقرقت دمعات تائهة على أعتاب عينيها حين اصطدم اسم سارة بطبلة أذنها وهزت رأسها كما فعلت بالمرة الأولى فبدأ زافي أول أسألته بعد أن أشار لأحد الجنود بفتح المحضر:

- هه.. أخبريني متى آخر مرة رأيت فيها سارة؟

طافت ببالها أحداث ذلك اليوم الأخير ثم قالت بمرارة:

- رأيتها في اليوم الذي توفيت فيه لكنها كانت نائمة في فراشها..

- هل كنت تعلمين أنها كانت متغيبة عن مدرستها؟

- لا بل كان وجودها في فراشها مفاجأة لي..

- ألم تحاولي إيقاظها؟

- لا..

- لماذا؟

- السيدة الصغيرة لم تكن تحب أن يوقظها أحد من النوم..

- أليس من مسؤولياتك إيقاظها للمدرسة؟

- كانت تعتمد على نفسها.. تضع المنبه وتنهض وتلبس.. ثم تتصل بالسائق..

- ألا تساعدينها؟

- كانت تحب الاعتماد على نفسها في كل شيء..

- ألم تتحرك عندما دخلت عليها الغرفة؟

- لا..

- ألم يثير سكونها الشك في نفسك؟

- أبدًا.. فقد كان نومها ثقيل وكانت تنام بعمق..

- وقبل ذلك؟ ألم تريها؟

- متى يعني؟

غير صيغة السؤال قائلاً:

- أقصد متى رأيتها آخر مرة وهي على قيد الحياة؟

- في المساء طلبت مني سكب بعض عصير المانجو..

- كم كانت الساعة حينها؟

- تقريبًا الساعة الواحدة..

- الواحدة صباحا؟؟

- نعم، هي لا تنام قبل ذلك الوقت لأنها تنام بعد عودتها من المدرسة..

- حسنًا، وماذا كانت تفعل حتى ذلك الوقت المتأخر؟

- ترسم، أو تلعب بالحاسب

- هل تعرفين كيف ماتت سارة؟

امتقع وجهها وبدا عليها الارتباك ربما لأنها تتشاءم من ذكر الموت أو هكذا خمن زافي.. ولذلك سألها سؤال آخر:

- هل تعتقدين بوجود ما يدفعها للانتحار؟

- رغم أنها كانت فتاة مدللة ولديها كل ما تريد.. إلا أنها كانت حزينة ودائما تبكي..

هنا صرخت كرامة قائلة:

- من قال أن سارة حزينة وتبكي؟؟ أنا لم أبخل عليها بشيء كل ما تريد ينزل عندها حتى قبل أن ينزل السوق..

تنهد زافي وهو يتذكر اللوحة الوحيدة المعلقة في غرفة سارة وأحس أن كلام روزالي فيه شيء من الصواب لكنه قال كلامًا مغايرًا لإحساسه:

- لدى سارة كل أسباب الرفاهية والسعادة ولا أعتقد أنها كانت حزينة كما تقولين!

طالعته روزالي بنظرة جانبية ولسان حالها يقول: أنت حر!

لم يشعر برغبة في المتابعة فقد أيقن أنه أخطأ في اختيار الزمان والمكان.. وأن روزالي لن تنطق بالمزيد بعد موقف كرامة من كلامها مهما حاول استجوابها.. ولذلك اكتفى بما حصل عليه من معلومات ثم استأذن وتوجه نحو الباب الخارجي.. لفت انتباهه حاجز خشبي غير مفرغ.. يفصل الزاوية الغربية من الصالة عن الصالة الرئيسية مشكلاً ما يشبه غرفة صغيرة لا تتعدى عدة أمتار أطل برأسه بداخلها.. كانت تحتوي على بيانو ضخم وكراسي عاجية بيضاء ونافذة تطل على الحديقة.. أجال بنظره فيها لكنه لم يجد فيها ما يمكن أن يشتبه فيه.. ثم ودع كرامة وخرج وخلفه الفريق.



المشهد الثالث:


المكان: بيت سارة ولكن في المساء..

خلع فتحي معطفه وعلقه على الشماعة.. وهو يقول بغضب:

- فعلت ما برأسك وجعلت الرجال الغرب يدخلوا بيتنا وغرفة نومنا!!

ردت كرامة التي كانت تقف أمام المرآة:

- جاءوا من أجل عمل.. وليس ليتفرجوا على بيتك.. وغرفة نومك..

- كل هذا حتى تبرئي نفسك من عقدة الذنب.. وترتاحي من تأنيب الضمير..

- أي عقدة ذنب وأي تأنيب ضمير؟

- اسألي نفسك يا هانم.. متى فكرت سارة بالموت؟ أليس بعد أن تشاجرت معها وصرخت في وجهها ورفضت طلباتها؟

- يعني تقصد أني أنا دفعتها للانتحار؟

- هل لديك تفسير آخر؟

- أنا عمري لم أرفض لها أي طلب.. حتى أنني عرضت عليها أن تذهب إلى أي مكان مع صديقاتها لكنها رفضت..

- ولأنك عمرك لم ترفضي لها طلب.. فقد شعرت بالقهر لأنك رفضت طلبها وأقدمت على الموت..

ردت بلهجة المتألم:

- يعني.. سارة انتحرت لهذا السبب التافه يا فتحي.. لا أصدق..

- وهل أحضرت الشرطة لتصدقي؟؟.. اعلمي أنك تقومين بتضييع الوقت وإهدار الجهد.. يا كرامة.. وليتك تضيعين وقتك وجهدك فقط.. ولكنك تضيعين وقت وجهد الناس!

قالت بدون اكتراث:

- لا بأس.. نتسلى..

انفعل وقال بلهجة قريبة من الصراخ:

- تتسلي بموت ابنتك؟؟ أليس الأفضل من ذلك أن تنجبي لنا طفلاً يملئ علينا حياتنا بدل الفراغ الذي نعيشه؟

قال ذلك وتركها متوجهًا نحو دورة المياه.. فقامت هي بالرد على مكالمة جاءتها على المحمول:

- أهلاً عزة..

- كيف حالك اليوم؟

- لست بخير..

- لماذا؟

- تشاجرت مع فتحي..

ضحكت عزة وقالت:

- وهل هذا شيء جديد؟ كل يوم تتشاجران..

- تصوري يقول أنه يريد طفل يعوضه عن سارة..

- وماذا في ذلك؟ هذا هو أفضل دواء لجرحك.. وجرحه أيضًا.. يا كرامة

- هل تعرفين طبيب جيد؟

- طبيب؟

- وهل تعتقدين أني لم أنجب طوال هذه السنين لأني لا أريد ذلك؟

- أعرف.. لكنك كنت راضية بذلك ولم تفكري يومًا بالعلاج..

- صحيح.. ولكن الآن اختلف الوضع..

فكرت عزة ثم قالت:

- حسنًا.. أعرف طبيبة ماهرة.. وسأحجز لك معها موعدًا.. لكن لا تحرجيني وتتحججي بعملك ولا تذهبي في الموعد..

- لا تقلقي.. سأذهب..

ابتسمت عزة ثم ودعتها وأنهت المكالمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عهد الهمم
مشرفة المنتدى الإسلامي
مشرفة المنتدى الإسلامي
عهد الهمم


انثى عدد الرسائل : 2063
المزاج : عال العال ^_^
رقم العضوية : 7
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

رسائل حب من المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسائل حب من المقبرة   رسائل حب من المقبرة I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 30, 2008 1:24 am

المشهد الرابع:

الزمان: منتصف الليل

المكان: بيت ميار

كان النسيم العليل يداعب شعر البنتين اللتين كانتا يستقلان مركب شراعي صغير وسط النهر في لوحة السماء البديعة التي ارتسمت فيها ألوان الغروب الدافئة.. كان المركب يتراقص على سطح الماء كأنه مهد طفل صغير.. كان المنظر يبعث على الارتياح والصفاء في النفوس ولكن تلك الفترة لم تدم طويلا لأن الرياح هبت قوية وراحت تضرب المركب بعنف ودفعت إحداهما في مياه النهر فصارت تصرخ مستغيثة لكنها سرعان ما استسلمت لقدرها في خضوع بينما اتخذت الفتاة الأخرى موقف المتفرج.. وهي تصرخ وتستغيث حتى توارت صاحبتها بين الأمواج عندها انفعلت بشدة وأصدرت صوتا خرج من بين أحبالها الصوتية يدوي في أرجاء المكان: ساااارة

سمعتها سلاف ونهضت من فراشها بفزع واقتحمت غرفتها لتأخذها بين أحضانها وهي مازالت تصرخ وقد بدا عليها الشحوب والإعياء والعرق يتصبب من جبينها ويختلط بدموعها التي انهمرت بسخاء انتبهت لنفسها وطالعت وجه أمها وهي تقول بانفعال: سارة.. سارة تغرق يا أمي سارة تموت.. أنا تركتها تغرق لم أنقذها أنا مجرمة.. مجرمة

مسحت سلاف على شعرها بحنان وقالت لها بهدوء:

لا تفزعي يا حبيبتي إنه مجرد حلم!

تلفتت حولها في أرجاء المكان وبلعت ريقها بصعوبة وكأنها لتوها تدرك أن ما كانت فيه حلم حقا!!

تنفست الصعداء ومسحت دموعها وهدأت تماما.. ناولتها سلاف قارورة ماء كانت قريبة من فراشها أشربتها قليلا منه ثم غسلت لها وجهها بالباقي أخذتها بين أحضانها وقامت تقرأ عليها بعض الآيات حتى عاودت النوم.. فتركتها وخرجت قاصدة العودة لغرفتها لكنها وقفت تنظر لزوجها الذي كان جالسا على أريكة في الصالة يطالع إحدى القنوات الإخبارية رفع رأسه ينظر إليها بسخط فقالت بلهجة مشحونة بالدهشة:

نهضت من نومك؟

رد بسخط:

- طيرت ابنتك النوم من عيني

- كانت تحلم

- وأنت كالعادة أخذتها بين أحضانك وربت عليها وكأنك تقولين لها عاودي الكرة غدا!

- يعني ماذا تريديني أن أفعل؟ أضربها؟

- دلالك للبنت سوف يفسدها..

- أنها مريضة وبحاجة إلى الشعور بالأمان والحب، لأنها تمر بفترة عصيبة وتراودها الكوابيس والأحلام المزعجة..

قال منفعلا وهو يناظرها بعينين أحمرتا من قلة النوم:

- لقد ارتحنا ليس لدينا طفل رضيع يؤرق نومنا فتأتينا طفلة عمرها سبعة عشرة عاما!!!

طالعته سلاف بغضب وقد انحبست الكلمات المعترضة على شفتيها وفضلت الصمت

حقنًا لحرب قد تندلع في منتصف هذا الليل البهيم.. توجهت نحو الغرفة وصفعت الباب خلفها بقوة اهتزت لها الجدران.



المشهد الخامس:

الزمان: الحادية عشرة مساء

المكان: هيلثي فودز لبيع المواد الغذائية..

كان وقت الجرد والعمال كلهم مجتمعين عند المحاسب يتجاذبون أطراف الحديث.. بينما كان علاء شارد الفكر شاحب الوجه لا يشارك أحدًا.. انتبه لوضعه أحدهم وقال وهو يغمز لأصحابه:

- ما به علاء يا أصحاب؟؟

رد أحدهم ساخرًا:

- يبدو أن صديقته هجرته..

قال آخر وهو يوجه حديثه لعالاء:

- هل تعتقد أنه لا يوجد فتيات غيرها في هذا العالم؟ أنت فقط أشر بأصبعك الأصغر وقبل أن يرتد إليك طرفك سأحضر لك عشر بنات بدلاً منها (أشار بأصابع يديه العشرة ثم تابع) : أحلى وأجمل منها ألف مرة..

صك علاء على أسنانه بغضب وهو يستمع بصمت إلى كلام أصحابه الساخر.. ووجه إليهم نظرة حادة ونهض من المكان متوجهًا نحو بضاعة مركونة في إحدى الزوايا فاستوقفه أحدهم بأن أمسك ذراعه.. فقال علاء بعصبية:

- اتركني يا عبد العزيز.. أريد أن أجرد بسرعة حتى أخرج من هذا المكان المسموم..

ابتسم عبد العزيز قائلاًً:

- تستطيع أن تذهب يا صديقي.. وسأجرد بدلاً منك..

تفاجأ علاء وقال:

- أحقًا تفعل؟

هز عبد العزيز رأسه والابتسامة ما زالت تزين وجهه.. فقال علاء بامتنان:

- أوه.. شكرًا لك.. أنا...

- اذهب حتى ترتاح.. ولا تضيع الوقت..

ربت علاء على كتف عبد العزيز ثم خرج من المحل.. عائدًا إلى البيت.. سمع صوت التلفاز يصدح في أرجاء المكان فور دخوله.. تهاوي على أحد المقاعد.. سمع صوتًا إضافيًا على صوت التلفاز يقول بهدوء:

- وعليكم السلام..

نظر إلى مصدر الصوت كانت فتاة أكثر منه امتلاء بقليل لها ملامح طفولية وشعر ناعم قصير.. كانت جالسة تأكل الفشار وتشاهد فيلمًا أجنبيًا ساخرًا.. نظر إليها وتنهد قائلاً:

- آسف.. نسيت أن أقول السلام عليكم..

ضحكت وقالت:

- تبدو متعبًا..

- قليلاً..

- تعشيت؟

- لا..

- لقد صنعت صينية البطاطس التي تحبها سأسخنها لك حالاً..

منعها من النهوض وهو يقول:

- ليس هناك داعي.. أنا متعب وسأنام..

- لكنك لم تتعشى!!

- لا أشتهي..

رمقته بنظرة جانبية وقالت:

- أعرف ماذا يسد نفسك..

لا يعلم لماذا شعر بالقلق فسألها قائلاً:

- ماذا تعرفين؟

- أعرف أن الامتحانات تسد نفسك.. كن مثل أختك.. الامتحانات تفتح نفسها ولذا فهي تطبخ وتأكل..

قالت ذلك وهي تضع كمية كبيرة من الفشار في فمها.. بطريقة كوميدية.. قاصدة أن تضحكه.. لكنه تنهد بألم وهو يطالع خاتمها الذي كان يبرق بفعل الضوء الأصفر..

قال وهو ينهض ويتوجه نحو غرفته:

- لا بأس يا ناريمان.. أنا متعب.. وسأذهب لأرتاح..

ردت بيأس وهو تخفض صوت التلفاز:

- تصبح على خير..

تمدد على فراشه.. وبريق خاتم ناريمان ما زال يتلألأ في عينيه.. انقلب على بطنه.. وضرب الوسادة بقبضة يده وقال: لماذا تحاصريني يا نجلاء لماذا؟ في كل مكان تأتين ولا ترحميني؟ (قال بلهجة أخرى) :لماذا لا تصدقين أني لن أؤذيك أبدًا.. أبدًا.. هل فقدت الثقة بي ولذلك قررت أن تبعدي عني؟

فتحت ناريمان عليه الباب قائلة:

- هل ناديتني علاء؟

- لا.. كنت أكلم أحد أصدقائي بالهاتف..

- أوه حسنًا.. اعتقدت أنك تناديني..

أغلقت الباب خلفها بهدوء بعد أن أطفأت النور.. تنهد علاء.. وأغمض عينيه لعله يغط في النوم.



المشهد السادس
الزمان: بعد عدة أيام من فتح التحقيق..
المكان: مكتب زافي أسعد..

تثاءب بليغ بملل وهو يقول:

- فسرنا الماء بعد الجهد بالماء.. لم نخرج بنتيجة جديدة.. كل الشواهد لا تدل إلا على أن تلك البنت المدللة انتحرت لأنها تشاجرت مع والدتها قبل فترة من انتحارها.. بل أن الخادمة تقول أنها تقضي أغلب وقتها تبكي.. وأصحابها يقولون أنها شخصية مرحة وسعيدة.. هل تراها مصابة بفصام شخصية سيد زافي؟

وضع زافي يده على عينيه ثم على جبينه ومسح بها رأسه.. وقد بدا عليه التعب والإرهاق ولم يعلق على كلام بليغ.. لكن بليغ ضل يثرثر قائلاً:

- بظنك لو لم تكن تقصد الانتحار.. من أين تكون حصلت على دواء القلب في بيت لا أحد يستخدم هذا الدواء؟ وكما قال دكتور رضوان من يقدر على إجبار بنت في عمرها على ابتلاع دواء؟
دخل الجندي وضرب الأرض بقدمه وقال موجهًا حديثه لزافي:

- دكتور رضوان يطلب مقابلتك سيدي..

- دعه يدخل..

تمتم بليغ قائلاً: لم نذكر اسمه حتى حضر!!.. من الجن أم من الأنس هذا الرجل!!

وقف زافي مرحبًا حين دخل رضوان:

- أهلاً يا دكتور.. تفضل.. لطف منك أن تأتي..

رد رضوان وهو يضحك:

- ما كنت لأرفض طلب استعداء منك يا عقيد.. هذه فيها عقوبة..

- طبعًا.. توقيف أربعة أيام..

تشاركا في موجة من الضحك.. ثم قال رضوان سائلاً:

- أخبرني أيها العقيد.. أين وصلتم في التحقيق؟

رد بليغ بدلاً عنه:

- لا شيء.. البنت منتحرة.. ونحن نضيع وقتنا وجهدنا في الهواء.. كله من أجل عيون تلك السيدة المغرورة..

رمقه زافي بنظرة حادة.. ثم انحنى يفتح أحد الأدراج ويخرج منه حقيبة صغيرة بها بعض الأدوية.. ويسلمها لرضوان قائلاً:

- هل لك أن تطلع على هذه الأدوية لو سمحت؟

هز رضوان رأسه وأخذ يقلب الأكياس البلاستيكية التي احتوت علب الأدوية بين يديه.. ثم قال:

- كلها أدوية عادية ليس بينها دواء واحد للقلب!!

- معقول؟

- نعم..

- غريب.. توقعت أن يكون ذلك الدواء من بينها!

نهض بليغ وقال وهو يتوجه نحو النافذة:

- ربما تكون قد تخلصت من العلبة حتى لا يشك أحد بأمرها..

أطرق رضوان مفكرًا.. ثم قال:

- ألم تجدوا شيئًا في أغراض سارة؟

قال زافي وهو يشير على أحدى العلب:

- هذه هي العلبة الوحيدة التي وجدناها في غرفتها..

تفحص رضوان العلبة وقال يحدث زافي:

- لاحظت شيئًا غريبًا لا أدري إن كان يعني لك شيئًا أم لا..

طالعه زافي بنظره اهتمام وسأله:

- ما الأمر يا دكتور؟

سنعود بعدقليل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رسائل حب من المقبرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 3انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» رسائل خاصة**
» رسائل الحب في الله
» صور رسائل رسول الله لملوك ودول العالم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حبنا غير } ~ :: .+ المنتـدى الأدبي +. :: [ القصص والروآيآت }~-
انتقل الى: